الأربعاء، 13 أكتوبر 2021

3.كتاب: الطبقات الكبرى ** ذكر عبد المطلب بن هاشم


كتاب: الطبقات الكبرى ** ذكر عبد المطلب بن هاشم 
 
أخبرنا محمد بن عمر بن واقد الأسلمي قال كان المطلب بن عبد مناف بن قصي أكبر من هاشم ومن عبد شمس وهو الذي عقد الحلف لقريش من النجاشي في متجرها وكان شريفا في قومه مطاعا سيدا وكانت قريش تسميه الفيض لسماحته فولي بعد هاشم السقاية والرفادة وقال في ذلك‏:‏ أبلغ لديك بني هاشم بما قد فعلنا ولم نؤمر نسوق الحجيج لأبياتنا كأنهم بقر تحشر قال وقدم ثابت بن المنذر بن حرام وهو أبو حسان بن ثابت الشاعر مكة معتمرا فلقي المطلب وكان له خليلا فقال له لو رأيت بن أخيك شيبة فينا لرأيت جمالا وهيبة وشرفا لقد نظرت إليه وهو يناضل فتيانا من أخواله فيدخل مرماتيه جميعا في مثل راحتي هذه ويقول كلما خسق أنا بن عمرو العلى فقال المطلب لا أمسي حتى أخرج إليه فأقدم به فقال ثابت ما أرى سلمى تدفعه إليك ولا أخواله هم أضن به من ذلك وما عليك أن تدعه فيكون في أخواله حتى يكون هو الذي يقدم عليك إلى ما ههنا راغبا فيك فقال المطلب يا أبا أوس ما كنت لأدعه هناك ويترك مآثر قومه وسطته ونسبه وشرفه في قومه ما قد علمت فخرج المطلب فورد المدينة فنزل في ناحية وجعل يسأل عنه حتى وجده يرمي في فتيان من أخواله فلما رآه عرف شبه أبيه فيه ففاضت عيناه وضمه إليه وكساه حلة يمانية وأنشأ يقول‏:‏ عرفت شيبة والنجار قد حفلت أبناؤها حوله بالنبل تنتضل عرفت أجلاده منا وشيمته ففاض مني عليه وابل سبل فأرسلت سلمى إلى المطلب فدعته إلى النزول عليها فقال شأني أخف من ذلك ما أريد أن أحل عقدة حتى أقبض بن أخي وألحقه ببلده وقومه فقالت لست بمرسلته معك وغلظت عليه فقال المطلب لا تفعلي فإني غير منصرف حتى أخرج به معي بن أخي قد بلغ وهو غريب في غير قومه ونحن أهل بيت شرف قومنا والمقام ببلده خير له من المقام ههنا وهو ابنك حيث كان فلما رأت أنه غير مقصر حتى يخرج به استنظرته ثلاثة أيام وتحول إليهم فنزل عندهم فأقام ثلاثا ثم احتمله وانطلقا جميعا فأنشأ المطلب يقول كما أنشدني هشام بن محمد عن أبيه‏:‏ أبلغ بني النجار ان جئتهم أني منهم وابنهم والخميس رأيتهم قوما إذا جئتهم هووا لقائي وأحبوا حسيسي ثم رجع الحديث إلى حديث محمد بن عمر قال ودخل به المطلب مكة ظهرا فقالت قريش هذا عبد المطلب فقال ويحكم إنما هو بن أخي شيبة بن عمرو فلما رأوه قالوا ابنه لعمري فلم يزل عبد المطلب مقيما بمكة حتى أدرك وخرج المطلب بن عبد مناف تاجرا إلى أرض اليمن فهلك بردمان من أرض اليمن فولي عبد المطلب بن هاشم بعده الرفادة والسقاية فلم يزل ذلك بيده يطعم الحاج ويسقيهم في حياض من أدم بمكة فلما سقي زمزم ترك السقي في الحياض بمكة وسقاهم من زمزم حين حفرها وكان يحمل الماء من زمزم إلى عرفة فيسقيهم وكانت زمزم سقيا من الله أتي في المنام مرات فأمر بحفرها ووصف له موضعها فقيل له أحفر طيبة قال وما طيبة فلما كان الغد أتاه فقال أحفر برة قال وما برة فلما كان الغد أتاه وهو نائم في مضجعه ذلك فقال أحفر المضنونة قال وما المضنونة أبن لي ما تقول قال فلما كان الغد أتاه فقال أحفر زمزم قال وما زمزم قال لا تنزح ولا تذم تسقي الحجيج الأعظم وهي بين الفرث والدم عند نقرة الغراب الأعصم قال وكان غراب أعصم لا يبرح عند الذبائح مكان الفرث والدم وهي شرب لك ولولدك من بعدك قال فغدا عبد المطلب بمعوله ومسحاته معه ابنه الحارث بن عبد المطلب وليس له يومئذ ولد غيره فجعل عبد المطلب يحفر بالمعول ويغرف بالمسحاة في المكتل فيحمله الحارث قيلقيه خارجا فحفر ثلاثة أيام ثم بدا له الطوي فكبر وقال هذا طوي إسماعيل فعرفت قريش أنه قدأدرك الماء فأتوه فقالوا أشركنا فيه فقال ما أنا بفاعل هذا أمر خصصت به دونكم فاجعلوا بيننا وبينكم من شئتم أحاكمكم إليه قالوا كاهنة بني سعد هذيم وكانت بمعان من أشراف الشام فخرجوا إليها وخرج مع عبد المطلب عشرون رجلا من بني عبد مناف وخرجت قريش بعشرين رجلا من قبائلها فلما كانوا بالفقير من طريق الشام أو حذوة فني ماء القوم جميعا فعطشوا فقالوا لعبد المطلب ما ترى فقال هو الموت فليحفر كل رجل منكم حفرة لنفسه فكلما مات رجل دفنه أصحابه حتى يكون آخرهم رجلا واحدا فيموت ضيعة أيسر من أن تموتوا جميعا فحفروا ثم قعدوا ينتظرون الموت فقال عبد المطلب والله ان القاءنا بأيدينا هكذا لعجز ألا نضرب في الأرض فعسى الله أن يرزقنا ماء ببعض هذه البلاد فأرتحلوا وقام عبد المطلب إلى راحلته فركبها فلما انبعثت به انفجر تحت خفها عين ماء عذب فكبر عبد المطلب وكبر أصحابه وشربوا جميعا ثم دعا القبائل من قريش فقال هلموا إلى الماء الرواء فقد سقانا الله فشربوا واستقوا وقالوا قد قضي لك علينا الذي سقاك هذا الماء بهذه الفلاة هو الذي سقاك زمزم فو الله لا نخاصمك فيها أبدا فرجع ورجعوا معه ولم يصلوا إلى الكاهنة وخلوا بينه وبين زمزم قال أخبرنا خالد بن خداش أخبرنا معتمر بن سليمان التيمي قال سمعت أبي يحدث عن أبي مجاز أن عبد المطلب أتي في المنام فقيل له احتفر فقال أين فقيل له مكان كذا وكذا فلم يحتفر فأتي فقيل له احتفر عند الفرث عند النمل عند مجلس خزاعة ونحوه فأحتفر فوجد غزال وسلاحا وأظفارا فقال قومه لما رأوا الغنيمة كأنهم يريدون أن يغازوه قال فعند ذلك نذر لئن ولد له عشرة لينحرن أحدهم فلما ولد له عشرة وأراد ذبح عبد الله منعته بنو زهرة وقالوا أقرع بينه وبين كذا وكذا من الإبل وانه أقرع فوقعت عليه سبع مرات وعلى الإبل مرة قال لا أدري السبع عن أبي مجلز أم لا ثم صار من أمره أن ترك ابنه ونحر الإبل ثم رجع الحديث إلى حديث محمد بن عمر قال وكانت جرهم حين أحسوا بالخروج من مكة دفنوا غزالين وسبعة أسياف قلعية وخمسة أدراع سوابغ فاستخرجها عبد المطلب وكان يتأله ويعظم الظلم والفجور فضرب الغزالين صفائح في وجه الكعبة وكانا من ذهب وعلق الأسياف على البابين يريد أن يحرز به خزانة الكعبة وجعل المفتاح والقفل من ذهب وأخبرنا هشام بن محمد عن أبيه عن أبي صالح عن بن عباس قال كان الغزال لجرهم فلما حفر عبد المطلب زمزم أستخرج الغزال وسيوفا قلعية فضرب عليها بالقداح فخرجت للكعبة فجعل صفائح الذهب على باب الكعبة فغدا عليه ثلاثة نفر من قريش فسرقوه قال وأخبرنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه وعن عبد المجيد بن أبي عبس وأبي المقوم وغيرهم قالوا وكان عبد المطلب أحسن قريش وجها وأمده جسما وأحلمه حلما وأجوده كفا وأبعد الناس من كل موبقة تفسد الرجال ولم يره ملك قط إلا أكرمه وشفعه وكان سيد قريش حتى هلك فأتاه نفر من خزاعة فقالوا نحن قوم متجاورون في الدار هلم فلنحالفك فأجابهم إلى ذلك وأقبل عبد المطلب في سبعة نفر من بني عبد المطلب والأرقم بن نضلة بن هاشم والضحاك وعمرو ابني أبي صيفي بن هاشم ولم يحضره أحد من بني عبد شمس ولا نوفل فدخلوا دار الندوة فتحالفوا فيها على التناصر والمواساة وكتبوا بينهم كتابا وعلقوه في الكعبة وقال عبد المطلب في ذلك‏:‏
سأوصي زبيرا إن توافقت منيتي بإمساك ما بيني وبين بني عمرو وأن يحفظ الحلف الذي سن شيخه ولا يلحدن فيه بظلم ولا غدر هم حفظوا الإل القديم وحالفوا أباك فكانوا دون قومك من فهر قال فأوصى عبد المطلب إلى ابنه الزبير بن عبد المطلب وأوصى الزبير إلى أبي طالب وأوصى أبو طالب إلى العباس بن عبد المطلب قال أخبرنا هشام بن محمد بن السائب قال حدثني محمد بن عبد الرحمن الأنصاري عن جعفر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة الزهري عن أبيه عن جده قال كان عبد المطلب إذا ورد اليمن نزل على عظيم من عظماء حمير فنزل عليه مرة من المر فوجد عنده رجلا من أهل اليمن قد أمهل له في العمر وقد قرأ الكتب فقال له يا عبد المطلب تأذن لي أن أفتش مكانا منك قال ليس كل مكان مني آذن لك في تفتيشه قال إنما هو منخراك قال فدونك قال فنظر إلى يار وهو الشعر في منخريه فقال أرى نبوة وأرى ملكا وأرى أحدهما في بني زهرة فرجع عبد المطلب فتزوج هالة بنت وهيب بن عبد مناف بن زهرة وزوج ابنه عبد الله آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة فولدت محمدا صلى الله عليه وسلم فجعل الله في بني عبد المطلب النبوة والخلافة والله أعلم حيث وضع ذلك قال أخبرنا هشام بن محمد قال حدثني أبي قال هشام وأخبرني رجل من أهل المدينة عن جعفر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة عن أبيه قالا كان أول من خضب بالوسمة من قريش بمكة عبد الملك بن هاشم فكان إذا ورد اليمن نزل على عظيم من عظماء حمير فقال له يا عبد المطلب هل لك أن تغير هذا البياض فتعود شابا قال ذاك إليك قال فأمر به فخضب بحناء ثم علي بالوسمة فقال له عبد المطلب زودنا من هذا فزوده فأكثر فدخل مكة ليلا ثم خرج عليهم بالغداة كأن شعره حلك الغراب فقالت له نتيلة بنت جناب بن كليب أم العباس بن عبد المطلب يا شيبة الحمد لو دام هذا لك كان حسنا فقال عبد المطلب‏:‏ لو دام لي هذا السواد حمدته فكان بديلا من شباب قد انصرم تمتعت منه والحياة قصيرة ولا بد من موت فتيلة أو هرم وماذا الذي يجدي على المرء خفضه ونعمته يوما إذا عرشه انهدم فموت جهيز عاجل لا شوى له أحب الي من مقالهم حكم قال فخضب أهل مكة بالسواد قال وأخبرنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه قال أخبرني رجل من بني كنانة يقال له بن أبي صالح ورجل من أهل الرقة مولى لبني أسد وكان عالما قالا تنافر عبد المطلب بن هاشم وحرب بن أمية إلى النجاشي الحبشي فأبى أن ينفر بينهما فجعلا بينهما نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب فقال لحرب يا أبا عمرو أتنافر رجلا هو أطول منك قامة وأعظم منك هامة وأوسم منك وسامة وأقل منك لامة وأكثر منك ولدا وأجزل منك صفدا وأطول منك مذودا فنفره عليه فقال حرب ان من انتكات الزمان أن جعلناك حكما قال وأخبرنا هشام بن محمد عن أبيه قال كان عبد المطلب نديما لحرب بن أمية حتى تنافرا إلى نفيل بن عبد العزى جد عمر بن الخطاب فلما نفر نفيل عبد المطلب تفرقا فصار حرب نديما لعبد الله بن جدعان قال أخبرنا هشام بن محمد عن أبي مسكين قال كان لعبد المطلب بن هاشم ماء بالطائف يقال له ذو الهرم وكان في يدي ثقيف دهرا ثم طلبه عبد المطلب منهم فأبوا عليه وكان صاحب أمر ثقيف جندب بن الحارث بن حبيب بن الحارث بن مالك بن حطيط بن جشم بن ثقيف فأبى عليه وخاصمه فيه فدعاهما ذلك إلى المنافرة إلى الكاهن العذري وكان يقال له عزى سلمة وكان بالشام فتنافرا على إبل سموها فخرج عبد المطلب في نفر من قريش ومعه ابنه الحارث ولا ولد له يومئذ غيره وخرج جندب في نفر من ثقيف فنفد ماء عبد المطلب وأصحابه فطلبوا إلى الثقيفين أن يسقوهم فأبوا ففجر الله لهم عينا من تحت جران بعير عبد المطلب فحمد الله عز وجل وعلم أن ذلك منة فشربوا ريهم وحملوا حاجتهم ونفد ماء الثقفيين فبعثوا إلى عبد المطلب يستسقونه فسقاهم وأتوا الكاهن فنفر عبد المطلب عليهم فأخذ عبد المطلب الإبل فنحرها وأخذ الهرم ورجع وقد فضله عليه وفضل قومه على قومه ‏.‏
ذكر نذر عبد المطلب أن ينحر ابنه
قال أخبرنا محمد بن عمر بن واقد الأسلمي أخبرنا محمد بن عبد الله عن الزهري عن قبيصة بن ذؤيب عن بن عباس قال الواقدي وحدثنا أبو بكر بن أبي سبرة عن شيبة بن نصاح عن الأعرج عن محمد بن ربيعة بن الحارث وغيرهم قالوا لما رأى عبد المطلب قلة أعوانه في حفر زمزم وانما كان يحفر وحده وابنه الحارث هو بكره نذر لئن أكمل الله له عشرة ذكور حتى يراهم أن يذبح أحدهم فلما تكاملوا عشرة فهم الحارث والزبير وأبو طالب وعبد الله وحمزة وأبو لهب والغيداق والمقوم وضرار والعباس جمعهم ثم أخبرهم بنذره ودعاهم إلى الوفاء لله به فما أختلف عليه منهم أحد وقالوا أوف بنذرك وأفعل ما شئت فقال ليكتب كل رجل منكم أسمه في قدحه ففعلوا فدخل عبد المطلب في جوف الكعبة وقال للسادن أضرب بقداحهم فضرب فخرج قدح عبد الله أولها وكان عبد المطلب يحبه فأخذ بيده يقوده إلى المذبح ومعه المدية فبكى بنات عبد المطلب وكن قياما وقالت إحداهن لأبيها اعذر فيه بأن تضرب فب ابلك السوائم التي في الحرم فقال للسادن أضرب عليه بالقداح وعلى عشر من الإبل وكانت الدية يومئذ عشرا من الإبل فضرب فخرج القدح على عبد الله فجعل يزيد عشرا عشرا كل ذلك يخرج القدح على عبد الله حتى كملت المائة فضرب بالقداح فخرج على الإبل فكبر عبد المطلب والناس معه وأحتمل بنات عبد المطلب أخاهن عبد الله وقدم عبد المطلب الإبل فنحرها بين الصفا والمروة قال أخبرنا محمد بن عمر قال حدثني سعيد بن مسلم عن يعلى بن مسلم عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال لما نحرها عبد المطلب خلى بينها وبين كل من وردها من انسي أو سبع أو طائر لا يذب عنها أحدا ولم يأكل منها هو ولا أحد من ولده شيئا قال أخبرنا محمد بن عمر قال حدثني عبد الرحمن بن الحارث عن عكرمة عن بن عباس قال كانت الدية يومئذ عشرا من الإبل وعبد المطلب أول من سن دية النفس مائة من الإبل فجرت في قريش والعرب مائة من الإبل وأقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما كانت عليه قال أخبرنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي قال حدثني الوليد بن عبد الله بن جميع الزهري عن بن لعبد الرحمن بن موهب بن رباح الأشعري حليف بني زهرة عن أبيه قال حدثني مخرمة بن نوفل الزهري قال سمعت أمي رقيقة بنت أبي صيفي بن هاشم بن عبد مناف تحدث وكانت لدة عبد المطلب قالت تتابعت على قريش سنون ذهبن بالأموال وأشفين على الأنفس قالت فسمعت قائلا في المنام يا معشر قريش ان هذا النبي المبعوث منكم وهذا أبان خروجه وبه يأتيكم الحيا والخصب فأنظروا رجلا من أوسطكم نسبا طوالا عظاما أبيض مقرون الحاجبين أهدب الأشفار جعدا سهل الخدين رقيق العرنين فليخرج هو وجميع ولده وليخرج منكم من كل بطن رجل فتطهروا وتطيبوا ثم استلموا الركن ثم أرقوا رأس أبي قبيس ثم يتقدم هذا الرجل فيستسقي وتؤمنون فانكم ستسقون فأصبحت فقصت رؤياها عليهم فنظروا فوجدوا هذه الصفة صفة عبد المطلب فاجتمعوا اليه وخرج من كل بطن منهم رجل ففعلوا ما أمرتهم به ثم علوا على أبي قبيس ومعهم النبي صلى الله عليه وسلم وهو غلام فتقدم عبد المطلب وقال لاهم هؤلاء عبيدك وبنو عبيدك واماؤك وبنات إمائك وقد نزل بنا ما ترى وتتابعت علينا هذه السنون فذهبت بالظلف والخف وأشفت على الأنفس فأذهب عنا الجدب وائتنا بالحيا والخصب فما برحوا حتى سألت الأودية وبرسول الله صلى الله عليه وسلم سقوا فقالت رقيقة بنت أبي صيفي بن هشام بن عبد مناف‏:‏ بشيبة الحمد أسقى الله بلدتنا وقد فقدنا الحيا واجلوذ المطر فجاد بالماء جوني له سبل دان فعاشت به الأنعام والشجر منا من الله بالميمون طائره وخير من بشرت يوما به مضر مبارك الأمر يستسقى الغمام به ما في الأنام له عدل ولا خطر قال أخبرنا محمد بن عمر بن واقد الأسلمي أخبرنا عبد الله بن عثمان بن أبي سليمان عن أبيه قال وحدثنا محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني عن أبيه قال وحدثنا عبد الله بن عمرو بن زهير الكعبي عن أبي مالك الحميري عن عطاء بن يسار قال وحدثنا محمد بن سعيد الثقفي عن يعلى بن عطاء عن وكيع بن عدس عن عمه أبي رزين العقيلي قال وحدثنا سعيد بن مسلم عن عبد الله بن كثير عن مجاهد عن بن عباس دخل حديث بعضهم في حديث بعض قالوا كان النجاشي قد وجه أرياط أبا أصحم في أربعة آلاف إلى اليمن فأداخها وغلب عليها فأعطى الملوك واستذل الفقراء فقام رجل من الحبشة يقال له أبرهة الأشرم أبو يكسوم فدعا إلى طاعته فأجابوه فقتل أرياط وغلب على اليمن فرأى الناس يتجهزون أيام الموسم للحج إلى بيت الله الحرام فسأل أين يذهب الناس فقال يحجون إلى بيت الله بمكة قال مم هو قالوا من حجارة قال وما كسوته قالوا ما يأتي من ههنا الوصائل قال والمسيح لأبنين لكم خيرا منه فبنى لهم بيتا عمله بالرخام الأبيض والأحمر والأصفر والأسود وحلاه بالذهب والفضة وحفه بالجوهر وجعل له أبوابا عليها صفائح الذهب ومسامير الذهب وفصل بينها بالجوهر وجعل فيها ياقوتة حمراء عظيمة وجعل له حجابا وكان يوقد فيه بالمندلي ويلطخ جدره بالمسك فيسود حتى يغيب الجوهر وأمر الناس فحجوه فحجه كثير من قبائل العرب سنين ومكث فيه رجال يتعبدون ويتألهون ونسكوا له وكان نفيل الخثعمي يورض له ما يكره فأمهل فلما كان ليلة من الليالي لم ير أحدا يتحرك فقام فجاء بعذرة فلطخ بها قبلته وجمع جيفا فألقاها فيه فأخبر أبرهة بذلك فغضب غضبا شديدا وقال إنما فعلت هذا العرب غضبا لبيتهم لأنقضنه حجرا حجرا وكتب إلى النجاشي يخبره بذلك ويسأله أن يبعث اليه بفيله محمود وكان فيلا لم ير مثله في الأرض عظما وجسما وقوة فبعث به اليه فلما قدم عليه الفيل سار أبرهة بالناس ومعه ملك حمير ونفيل بن حبيب الخثعمي فلما دنا من الحرم أمر أصحابه بالغارة على نعم الناس فأصابوا ابلا لعبد المطلب وكان نفيل صديقا لعبد المطلب فكلمه في ابله فكلم نفيل أبرهة فقال أيها الملك قد أتاك سيد العرب وأفضلهم وأعظمهم شرفا يحمل على الجياد ويعطي الأموال ويطعم ما هبت الريح فأدخله على أبرهة فقال له حاجتك قال ترد علي إبلي قال ما رأى ما بلغني عنك الا الغرور وقد ظننت أنك تكلمني في بيتكم هذا الذي هو شرفكم قال عبد المطلب أردد علي أبلي ودونك والبيت فان له ربا سيمنعه فأمر برد ابله عليه فلما قبضها قلدها النعال وأشعرها وجعلها هديا وثبها في الحرم لكي يصاب منها شيء فيغضب رب الحرم وأوفى عبد المطلب على حراء ومعه عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم ومطعم بن عدي وأبو مسعود الثقفي فقال عبد المطلب‏:‏ لاهم ان المرء يمنع رحله فامنع حلالك لا يغلبن صليبهم ومحالهم غدوا محالك ان كنت تاركهم وقبلتنا فأمر ما بدا لك قال فأقبلت الطير من البحر أبابيل مع كل طائر ثلاثة أحجار حجران في رجليه وحجر في منقاره فقذفت الحجارة عليهم لا تصيب شيئا الا هشمته والا نفط ذلك الموضع فكان ذلك أول ما كان الجدري والحصبة والأشجار المرة فأهمدتهم الحجارة وبعث الله سيلا أتيا فذهب بهم فألقاهم في البحر قال وولى أبرهة ومن بقي معه هرابا فجعل أبرهة يسقط عضوا عضوا وأما محمود الفيل فيل النجاشي فربض ولم يشجع على الحرم فنجا وأما الفيل الآخر فشجع فحصب ويقال كانت ثلاثة عشر فيلا ونزل عبد المطلب من حراء فأقبل عليه رجلان من الحبشة فقبلا رأسه وقالا له أنت كنت أعلم قال أخبرنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه قال ولد عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف اثني عشر رجلا وست نسوة الحارث وهو أكبر ولده وبه كان يكنى ومات في حياة أبيه وأمه صفية بنت جنيدب بن حجير بن زباب بن حبيب بن سواءة بن عامر بن صعصعة وعبد الله أبا رسول الله صلى الله عليه وسلم والزبير وكان شاعرا شريفا واليه أوصى عبد المطلب وأبا طالب واسمه عبد مناف وعبد الكعبة مات ولم يعقب وأم حكيم وهي البيضاء وعاتكة وبرة وأميمة وأروى وأمهم فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي وحمزة وهو أسد الله وأسد رسوله شهد بدرا وأستشهد يوم أحد والمقوم وحجلا واسمه المغيرة وصفية وأمهم هالة بنت وهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب وأمها العيلة بنت المطلب بن عبد مناف بن قصي والعباس وكان شريفا عاقلا مهيبا وضرارا وكان من فتيان قريش جمالا وسخاء ومات أيام أوحى الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولا عقب له وقثم بن عبد المطلب لا عقب له وأمهم نتيلة بنت جناب بن كليب بن مالك بن عمرو بن عامر بن زيد مناة بن عامر وهو الضحيان بن سعد بن الخزرج بن تيم الله بن النمر بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان وأبا لهب بن عبد المطلب واسمه عبد العزى ويكنى أبا عتبة كناه عبد المطلب أبا لهب لحسنه وجماله وكان جوادا وأمه لبنى بنت هاجر بن عبد مناف بن ضاطر بن حبشية بن سلول بن كعب بن عمرو من خزاعة وأمها هند بنت عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة وأمها السوداء بنت زهرة بن كلاب والغيداق بن عبد المطلب واسمه مصعب وأمه ممنعة بنت عمرو بن مالك بن مؤمل بن سويد بن أسعد بن مشنوء بن عبد بن حبتر بن عدي بن سلول بن كعب بن عمرو من خزاعة وأخوه لأمه عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة أبو عبد الرحمن بن عوف قال الكلبي فلم يكن في العرب بنو اب مثل بني عبد المطلب اشرف منهم ولا أجسم شم العرانين تشرب أنوفهم قبل شفاههم وقال فيهم قرة بن حجل بن عبد المطلب‏:‏ اعدد ضرارا ان عددت فتى ندى والليث حمزة واعدد العباسا واعدد زبيرا والمقوم بعده والصنم حجلا والفتى الراآسا وأبا عتيبة فاعددنه ثامنا والقرم عبد مناف والجساسا والحارث الفياض ولى ماجدا أيام نازعه الهمام الكاسا ما في الأنام عمومة كعمومتي خيرا ولا كأناسنا أناسا قال فالعقب من بني عبد المطلب للعباس وأبي طالب والحارث وأبي لهب وقد كان لحمزة والمقوم والزبير وحجل بني عبد المطلب أولاد لأصلابهم فهلكوا والباقون لم يعقبوا وكان العدد من بني هاشم في بني الحارث ثم تحول إلى بني أبي طالب ثم صار في بني العباس ‏.‏
ذكر تزوج عبد الله بن عبد المطلب آمنة بنت وهب أم رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال حدثنا محمد بن عمر بن واقد الأسلمي قال حدثني عبد الله بن جعفر الزهري عن عمته أم بكر بنت المسور بن مخرمة عن أبيها قال وحدثني عمر بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن يحيى بن شبل عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين قالا كانت آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب في حجر عمها وهيب بن عبد مناف بن زهرة فمشى اليه عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بابنه عبد الله بن عبد المطلب أبي رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطب عليه آمنة بنت وهب فزوجها عبد الله بن عبد المطلب وخطب اليه عبد المطلب بن هاشم في مجلسه ذلك ابنته هالة بنت وهيب على نفسه فزوجه إياها فكان تزوج عبد المطلب بن هاشم وتزوج عبد الله بن عبد المطلب في مجلس واحد فولدت هالة بنت وهيب لعبد المطلب حمزة بن عبد المطلب فكان حمزة عم رسول الله صلى الله عليه وسلم في النسب وأخاه من الرضاعة قال أخبرنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه وعن أبي الفياض الخثعمي قالا لما تزوج عبد الله بن عبد المطلب آمنة بنت وهب أقام عندها ثلاثا وكانت تلك السنة عندهم إذا دخل الرجل على امرأته في أهلها‏.‏‏.‏
ذكر المرأة التي عرضت نفسها على عبد الله بن عبد المطلب
وقد اختلف علينا فيها فمنهم من يقول كانت قتيلة بنت نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي أخت ورقة بن نوفل ومنهم من يقول كانت فاطمة بنت مر الخثعمية قال أخبرنا محمد بن عمر بن واقد الأسلمي قال حدثني محمد بن عبد الله بن أخي الزهري عن عروة قال وحدثنا عبيد الله بن محمد بن صفوان عن أبيه وحدثنا إسحاق بن عبيد الله عن سعيد بن محمد بن جبير بن مطعم قالوا جميعا هي قتيلة بنت نوفل أخت ورقة بن نوفل وكانت تنظر وتعتاف فمر بها عبد الله بن عبد المطلب فدعته يستبضع منها ولزمت طرف ثوبه فأبى وقال حتى آتيك وخرج سريعا حتى دخل على آمنة بنت وهب فوقع عليها فحملت برسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رجع عبد الله بن عبد المطلب إلى المرأة فوجدها تنظره فقال هل لك في الذي عرضت علي فقالت لا مررت وفي وجهك نور ساطع ثم رجعت وليس فيه ذلك النور وقال بعضهم قالت مررت وبين عينيك غرة مثل غرة الفرس ورجعت وليس هي في وجهك قال أخبرنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه عن أبي صالح عن بن عباس أن المرأة التي عرضت على عبد الله بن عبد المطلب ما عرضت امرأة من بني أسد بن عبد العزى وهي أخت ورقة بن نوفل قال وأخبرنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبي الفياض الخثعمي قال مر عبد الله بن عبد المطلب بامراة من خثعم يقال لها فاطمة بنت مر وكانت من أجمل الناس واشبه واعفه وكانت قد قرأت الكتب وكان شباب قريش يتحدثون إليها فرأت نور النبوة في وجه عبد الله فقال يافتى من أنت فأخبرها قالت هل لك أن تقع علي وأعطيك مائة من الإبل فنظر إليها وقال‏:‏ أما الحرام فالممات دونه والحل لا حل فأستبينه فكيف بالأمر الذي تنوينه ثم مضى إلى امرأته آمنة بنت وهب فكان معها ثم ذكر الخثعمية وجمالها وما عرضت عليه فأقبل إليها فلم ير منها من الإقبال عليه آخرا كما رآه منها أولا فذهبت مثلا وقالت أي شيء صنعت بعدي قال وقعت على زوجتي آمنة بنت وهب قالت اني والله لست بصاحبة ريبة ولكني رأيت نور النبوة في وجهك فأردت أن يكون ذلك في وأبى الله الا أن يجعله حيث جعله وبلغ شباب قريش ما عرضت على عبد الله بن عبد المطلب وتأبيه عليها فذكروا ذلك لها فأنشأت تقول‏:‏ اني رأيت مخيلة عرضت فتلآلآت بحناتم القطر فلمائها نور يضيء له ما حوله كاضاءة الفجر ورأيته شرفا أبوء به ما كل قادح زنده يوري لله ما زهرية سلبت ثوبيك ما استلبت وما تدري وقالت أيضا‏:‏ بني هاشم قد غادرت من أخيكم أمينة إذ للباه يعتلجان كما غادر المصباح بعد خبوه فتائل قد ميثت له بدهان وما كل ما يحوي الفتى من تلاده بحزم ولا ما فاته لتوان فأجمل إذا طالبت أمرا فإنه سيكفيكه جدان يصطرعان ولما قضت منه أمينة ما قضت نبأ بصري عنه وكل لساني قال وأخبرنا وهب بن جرير بن حازم أخبرنا أبي قال سمعت أبا يزيد المدني قال نبئت أن عبد الله أبا رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى على امرأة من خثعم فرأت بين عينيه نورا ساطعا إلى السماء فقالت هل لك في قال نعم حتى أرمي الجمرة فأنطلق فرمى الجمرة ثم أتى امرأته آمنة بنت وهب ثم ذكر يعني الخثعمية فأتاها فقالت هل أتيت امرأة بعدي قال نعم أمرأتي آمنة بنت وهب قالت فلا حاجة لي فيك انك مررت وبين عينيك نور ساطع إلى السماء فلما وقعت عليها ذهب فأخبرها أنها قد حملت خير أهل الأرض ‏.‏
ذكر حمل آمنة برسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا
قال أخبرنا محمد بن عمر بن واقد الأسلمي قال حدثني علي بن يزيد بن عبد الله بن وهب بن زمعة عن أبيه عن عمته قالت كنا نسمع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حملت به آمنة بنت وهب كانت تقول ما شعرت أني حملت به ولا وجدت له ثقلة كما تجد النساء الا أني قد أنكرت رفع حيضي وربما كانت ترفعني وتعود وأتاني آت وأنا بين النائم واليقظان فقال هل شعرت أنك حملت فكأني أقول ما أدري فقال انك قد حملت بسيد هذه الأمة ونبيها وذلك يوم الإثنين قالت فكان ذلك مما يقن عندي الحمل ثم أمهلني حتى إذا دنا ولادتي أتاني ذلك الآتي فقال قولي أعيذه بالواحد الصمد من شر كل حاسد قالت فكنت أقول ذلك فذكرت ذلك لنسائي فقلن لي تعلقي حديدا في عضديك وفي عنقك قالت ففعلت قالت فلم يكن ترك علي الا أياما فأجده قد قطع فكنت لا أتعلقه قال وأخبرنا محمد بن عمر بن واقد قال حدثني محمد بن عبد الله عن الزهري قال قالت آمنة لقد علقت به فما وجدت له مشقة حتى وضعته قال أخبرنا عمرو بن عاصم الكلابي أخبرنا همام بن يحيى عن إسحاق بن عبد الله قال قالت أم النبي صلى الله عليه وسلم قد حملت الأولاد فما حملت سخلة أثقل منه قال قال محمد بن عمر الأسلمي وهذا مما لا يعرف عندنا ولا عند أهل العلم لم تلد آمنة بنت وهب ولا عبد الله بن عبد المطلب غير رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أخبرنا محمد بن عمر قال حدثني قيس مولى عبد الواحد عن سالم عن أبي جعفر محمد بن علي قال أمرت آمنة وهي حامل برسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسميه أحمد ‏.‏
ذكر وفاة عبد الله بن عبد المطلب
قال أخبرنا محمد بن عمر بن واقد الأسلمي أخبرنا موسى بن عبيدة الربذي عن محمد بن كعب قال وحدثنا سعيد بن أبي زيد عن أيوب بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة قالا خرج عبد الله بن عبد المطلب إلى الشام إلى غزة في عير من عيرات قريش يحملون تجارات ففرغوا من تجاراتهم ثم انصرفوا فمروا بالمدينة وعبد الله بن عبد المطلب يومئذ مريض فقال أنا أتخلف عند أخوالي بني عدي بن النجار فأقام عندهم مريضا شهرا ومضى أصحابه فقدموا مكة فسألهم عبد المطلب عن عبد الله فقالوا خلفناه عند أخواله بني عدي بن النجار وهو مريض فبعث اليه عبد المطلب أكبر ولده الحارث فوجده قد توفي ودفن في دار النابغة وهو رجل من بني عدي بن النجار في الدار التي إذا دخلتها فالدويرة عن يسارك وأخبره أخواله بمرضه وبقيامهم عليه وما ولوا من امره وانهم قبروه فرجع إلى أبيه فأخبره فوجد عليه عبد المطلب وإخوته واخواته وجدا شديدا ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئد حمل ولعبد الله يوم توفي خمس وعشرون سنة قال محمد بن عمر الواقدي هذا هو اثبت الأقاويل والرواية في وفاة عبد الله بن عبد المطلب وسنة عندنا قال وأخبرنا محمد بن عمر حدثني معمر عن الزهري قال بعث عبد المطلب عبد الله إلى المدينة يمتار له تمرا فمات قال محمد بن عمر والأول اثبت قال أبو عبد الله محمد بن سعد وقد روي لنا في وفاته وجه آخر قال أخبرنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه وعن عوانة بن الحكم قالا توفي عبد الله بن عبد المطلب بعدما أتى على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية وعشرون شهرا ويقال سبعة أشهر قال محمد بن سعد والأول أثبت أنه توفي ورسول الله صلى الله عليه وسلم حمل قال أخبرنا محمد بن عمر بن واقد الأسلمي قال ترك عبد الله بن عبد المطلب أم أيمن وخمسة أجمال أوارك يعني تأكل الأراك وقطعة غنم فورث ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت أم أيمن تحضنه وأسمها بركة وقالت آمنة بنت وهب ترثي زوجها عبد الله بن عبد المطلب‏:‏ عفا جانب البطحاء من بن هاشم وجاور لحدا خارجا في الغماغم دعته المنايا دعوة فأجابها وما تركت في الناس مثل بن هاشم عشية راحوا يحملون سريره تعاوره أصحابه في التزاحم فان يك غالته المنايا وريبها فقد كان معطاء كثير التراحم ‏.‏
ذكر مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال أخبرنا محمد بن عمر بن واقد الأسلمي قال حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن أبي جعفر محمد بن علي قال ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين لعشر ليال خلون من شهر ربيع الأول وكان قدوم أصحاب الفيل قبل ذلك للنصف من المحرم فبين الفيل وبين مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس وخمسون ليلة قال وأخبرنا محمد بن عمر قال كان أبو معشر نجيح المدني يقول ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول قال أخبرنا محمد بن معاوية النيسابوري أخبرنا بن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن حنش الصنعاني عن بن عباس قال ولد نبيكم يوم الإثنين قال أخبرنا محمد بن عمر عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عبد الله بن علقمة بن الفغواء قال وحدثنا إسحاق بن يحيى بن طلحة عن عيسى بن طلحة عن بن عباس قال وحدثنا موسى بن عبيدة عن محمد بن كعب وحدثنا محمد بن صالح عن عمران بن مناح قال وحدثنا قيس بن الربيع عن بن إسحاق عن سعيد بن جبير قال وحدثنا عبد الله بن عامر الأسلمي عن ابنة أبي تجراة قال وحدثني حكيم بن محمد عن أبيه عن قيس بن مخرمة قالوا جميعا ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل قال أخبرنا يحيى بن معين أخبرنا حجاج بن محمد أخبرنا يونس بن أبي سحاق عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفيل يعني عام الفيل قال أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا محمد بن عبد الله بن مسلم عن الزهري قال وحدثنا موسى بن عبيدة عن أخيه ومحمد بن كعب القرظي قال وحدثنا عبد الله بن جعفر الزهري عن عمته أم بكر بنت المسور عن أبيها قال وحدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم المدني وزياد بن حشرج عن أبي وجزة قال وحدثنا معمر عن بن أبي نجيح عن مجاهد قال وحدثنا طلحة بن عمرو عن عطاء عن بن عباس دخل حديث بعضهم في حديث بعض أن آمنة بنت وهب قالت لقد علقت به تعني رسول الله صلى الله عليه وسلم فما وجدت له مشقة حتى وضعته فلما فصل مني خرج معه نور أضاء له ما بين المشرق إلى المغرب ثم وقع على الأرض معتمدا على يديه ثم أخذ قبضة من تراب فقضبها ورفع رأسه إلى السماء وقال بعضهم وقع جاثيا على ركبتيه رافعا رأسه إلى السماء وخرج معه نور أضاءت له قصور الشام وأسواقها حتى رأيت أعناق الإبل ببصرى قال وأخبرنا عمرو بن عاصم الكلابي أخبرنا همام بن يحيى عن إسحاق بن عبد الله أن أم النبي صلى الله عليه وسلم قالت لما ولدته خرج مني نور أضاء له قصور الشام فولدته نظيفا ولدته كما يولد السخل ما به قذر ووقع إلى الأرض وهو جالس على الأرض بيده قال أخبرنا معاذ بن معاذ العنبري قال حدثنا بن عون عن بن القبطية في مولد النبي صلى الله عليه وسلم قال قالت أمه رأيت كأن شهابا خرج مني أضاءت له الأرض قال وأخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا حماد بن سلمة عن أيوب عن عكرمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ولدته أمه وضعته تحت برمة فانفلقت عنه قالت فنظرت اليه فإذا هو قد شق بصره ينظر إلى السماء قال أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء العجلي عن ثور بن يزيد عن أبي العجفاء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال رأت أمي حين وضعتني سطع منها نور أضاءت له قصور بصرى قال أخبرنا سعد بن منصور أخبرنا فرج بن فضالة عن لقمان بن عامر عن أبي أمامة الباهلي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأت أمي كأنه خرج منها نور أضاءت منه قصور الشام قال أخبرنا الهيثم بن خارجة أخبرنا يحيى بن حمزة عن الأوزاعي عن حسان بن عطية أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ولد وقع على كفيه وركبتيه شاخصا بصره الىالسماء قال أخبرنا يونس بن عطاء المكي أخبرنا الحكم بن أبان العدني أخبرنا عكرمة عن بن عباس عن أبيه العباس بن عبد المطلب قال ولد النبي صلى الله عليه وسلم مختونا مسرورا قال وأعجب ذلك عبد المطلب وحظي عنده وقال ليكونن لابني هذا شأن فكان له شان قال أخبرنا محمد بن عمر بن واقد الأسلمي قال حدثني علي بن يزيد بن عبد الله بن وهب بن زمعة عن أبيه عن عمته قالت ولما ولدت آمنة بنت وهب رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلت إلى عبد المطلب فجاءه البشير وهو جالس في الحجر معه ولده ورجال من قومه فأخبره أن آمنة ولدت غلاما فسر ذلك عبد المطلب وقام هو ومن كان معه فدخل عليها فأخبرته بكل ما رأت وما قيل لها وما أمرت به قال فأخذه عبد المطلب فأدخله الكعبة وقام عندها يدعو الله ويشكر ما أعطاه قال أخبرنا محمد بن عمر الأسلمي قال وأخبرت أن عبد المطلب قال يومئذ‏:‏ الحمد لله الذي أعطاني هذا الغلام الطيب الأردان قد ساد في المهد على الغلمان أعيذه بالله ذي الأركان حتى أراه بالغ البنيان أعيذه من شر ذي شنآن من حاسد مضطرب العنان ‏.‏
ذكر أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم
وكنيته قال أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك المدني عن موسى بن يعقوب الزمعي عن سهل مولى عثيمة أنه كان نصرانيا من أهل مريس وكان يقرأ الإنجيل فذكر أن صفة النبي صلى الله عليه وسلم في الإنجيل وهو من ذرية إسماعيل اسمه أحمد قال أخبرنا محمد بن عمر بن واقد الأسلمي قال حدثني قيس مولى عبد الواحد عن سالم عن أبي جعفر محمد بن علي قال أمرت آمنة وهي حامل برسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسميه أحمد قال أخبرنا أبو عامر العقدي واسمه عبد الملك بن عمرو أخبرنا زهير بن محمد عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن محمد بن علي يعني بن الحنفية أنه سمع علي بن أبي طالب عليه السلام يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سميت أحمد قال أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا حماد بن سلمة عن جعفر بن أبي وحشية عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أنا محمد وأحمد والحاشر والماحي والخاتم والعاقب قال وأخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش عن حذيفة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في سكة من سكك المدينة أنا محمد وأحمد والحاشر والمقفي ونبي الرحمة قال أخبرنا محمد بن عبيد الطنافسي والفضل بن دكين أبو نعيم وكثير بن هشام وهاشم بن القاسم الكناني قالوا حدثنا المسعودي عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن أبي موسى الأشعري قال سمى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه أسماء منها ما حفظنا فقال أنا محمد وأحمد والمقفي والحاشر ونبي الرحمة والتوبة والملحمة قال أخبرنا عبد الله بن نمير عن مالك يعني بن مغول عن أبي حصين عن مجاهد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أنا محمد وأحمد أنا رسول الرحمة أنا رسول الملحمة أنا المقفي والحاشر بعثت بالجهاد ولم أبعث بالزراع قال أخبرنا معن بن عيسى الأشجعي أخبرنا مالك بن أنس عن بن شهاب عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي خمسة أسماء أنا محمد وأحمد وأنا الماحي يمحو الله بي الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي وأنا العاقب قال أخبرنا الفضل بن دكين عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله وزاد وأنا العاقب الذي ليس بعده نبي قال أخبرنا حجين بن المثنى أبو عمر صاحب اللؤلؤ أخبرنا الليث بن سعد عن خالد بن يزيد عن سعيد يعني بن أبي هلال عن عتبة بن مسلم عن نافع بن جبير أنه دخل على عبد الملك بن مروان فقال له أتحصي أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كان جبير يعني بن مطعم يعدها قال نعم هي ستة محمد وأحمد وخاتم وحاشر وعاقب وماح فأما حاشر فبعث مع الساعة نذيرا لكم بين يدي عذاب شديد وأما العاقب فإنه عقب الأنبياء وأما الماحي فان الله محا به سيئات من أتبعه قال أخبرنا أنس بن عياض أبو ضمرة الليثي قال حدثني الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب عن عطاء بن ميناء عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عباد الله أنظروا كيف يصرف الله عني شتمهم ولعنهم يعني قريشا قالوا كيف يا رسول الله قال يشتمون مذمما ويلعنون مذمما وأنا محمد ‏.‏ 
 
 ذكر كنية رسول الله
قال أخبرنا الفضل بن دكين أخبرنا داود بن قيس قال سمعت موسى بن يسار سمعت أبا هريرة يقول ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تسموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي فاني أنا أبو القاسم قال أخبرنا الضحاك بن مخلد أبو عاصم الشيباني عن محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تجمعوا أسمي وكنيتي أنا أبو القاسم الله يعطي وأنا أقسم قال أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي أويس المدني عن سليمان بن بلال عن كثير بن زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ذكره قال ومحلوف أبي القاسم يعني نفسه قال أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء العجلي أخبرنا حميد الطويل عن أنس بن مالك ان النبي صلى الله عليه وسلم كان بالبقيع فنادى رجل يا أبا القاسم فالتفت اليه النبي فقال لم اعنك فقال صلى الله عليه وسلم سموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي قال أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي أخبرنا سفيان عن منصور عن سالم عن جابر قال ولد لرجل من الأنصار غلام فسماه محمدا فغضبت الأنصار وقالوا حتى نستأمر النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له فقال قد أحسنت الأنصار ثم قال تسموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي فانما انا أبو القاسم اقسم بينكم قال أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال سئل سعيد بن أبي عروبة عن الرجل يكتني بابي القاسم فأخبرنا عن قتادة عن سليمان اليشكري عن جابر بن عبد الله ان رجلا من الأنصار اكتنى بأبي القاسم فقالت الأنصار ما كنا لنكنيك بها حتى نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال تسموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي قال سعيد وكان قتادة يكره أن يكتني الرجل بأبي القاسم وان لم يكن أسمه محمدا قال أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال أخبرنا إسرائيل عن عبد الكريم الجزري عن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري قال قال النبي صلى الله عليه وسلم لا تجمعوا بين اسمي وكنيتي قال أخبرنا موسى بن داود الضبي أخبرنا بن لهيعة عن أبي يونس مولى أبي هريرة عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تسموا باسمي وتكتنوا بكنيتي نهى أن يجمع بين الأسم والكنية قال أخبرنا قتيبة بن سعيد البلخي أخبرنا بكر بن مضر عن بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تجمعوا بين أسمي وكنيتي قال أخبرنا عبد الله بن صالح بن مسلم العجلي قال أخبرنا إسرائيل عن ثوير عن مجاهد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تسموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي ‏.‏
ذكر من أرضع رسول الله صلى الله عليه وسلم وتسمية إخوته وأخواته من الرضاعة
قال أخبرنا محمد بن عمر بن واقد الأسلمي قال حدثني موسى بن شيبة عن عميرة بنت عبيد الله بن كعب بن مالك عن برة بنت أبي تجراة قالت أول من أرضع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثويبة بلبن بن لها يقال له مسروح أياما قبل أن تقدم حليمة وكانت قد أرضعت قبله حمزة بن عبد المطلب وأرضعت بعده أبا سلمة بن عبد الأسد المخزومي قال وأخبرنا محمد بن عمر عن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور عن بن عباس قال كانت ثويبة مولاة أبي لهب قد أرضعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أياما قبل أن تقدم حليمة وأرضعت أبا سلمة بن عبد الأسد معه فكان أخاه من الرضاعة قال أخبرنا محمد بن عمر عن معمر عن الزهري عن عروة بن الزبير أن ثويبة كان أبو لهب أعتقها فأرضعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما مات أبو لهب رآه بعض أهله في النوم بشر حيبة فقال ماذا لقيت قال أبو لهب لم نذق بعدكم رخاء غير أني سقيت في هذه بعتاقي ثويبة وأشار إلى النقيرة التي بين الإبهام والتي تليها من الأصابع قال وأخبرنا محمد بن عمر عن غير واحد من أهل العلم قالوا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلها وهو بمكة وكانت خديجة تكرمها وهي يومئذ مملوكة وطلبت إلى أبي لهب أن تبتاعها منه لتعتقها فأبى أبو لهب فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أعتقها أبو لهب وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث إليها بصلة وكسوة حتى جاءه خبرها أنها قد توفيت سنة سبع مرجعه من خيبر فقال ما فعل ابنها مسروح فقيل مات قبلها ولم يبق من قرابتها أحد قال أخبرنا محمد بن عمر عن إبراهيم بن عباس عن القاسم بن عباس اللهبي قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن هاجر يسأل عن ثويبة فكان يبعث إليها بالصلة والكسوة حتى جاءه خبرها أنها قد ماتت فسأل من بقي من قرابتها قالوا لا أحد قال أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة بن عبد المطلب أخي من الرضاعة قال أخبرنا محمد بن عمر حدثني عمر بن سعيد بن أبي حسين عن بن أبي مليكة قال كان حمزة بن عبد المطلب رضيع رسول الله صلى الله عليه وسلم أرضعتهما امرأة من العرب كان حمزة مسترضعا له عند قوم من بني سعد بن بكر وكانت أم حمزة قد أرضعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما وهو عند أمه حليمة قال أخبرنا خالد بن خداش أخبرنا عبد الله بن وهب المصري عن مخرمة بن بكير عن أبيه قال سمعت عبد الله بن مسلم يقول سمعت محمد بن مسلم يعني أخاه الزهري يقول سمعت حميد بن عبد الرحمن بن عوف يقول سمعت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت قيل له أين أنت يا رسول الله من ابنة حمزة أو قيل له ألا تخطب ابنة حمزة قال ان حمزة أخي من الرضاعة قال أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا همام بن يحيى أخبرنا قتادة عن جابر بن زيد عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد على ابنة حمزة فقال انها ابنة أخي من الرضاعة وانها لا تحل لي وانه يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب قال أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي عن علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب أن علي بن أبي طالب عليه السلام قال قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم في ابنة حمزة وذكرت له من جمالها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انها ابنة أخي من الرضاعة أما علمت أن الله حرم من الرضاعة ما حرم من النسب حدثنا هشام بن عبد الملك أبو الوليد الطيالسي أخبرنا شعبة عن محمد بن عبيد الله قال سمعت أبا صالح عن علي قال ذكرت ابنة حمزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هي ابنة أخي من الرضاعة قال أخبرنا سعيد بن سليمان الواسطي أخبرنا ليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن عراك بن مالك أن زينب بنت أبي سلمة أخبرته أن أم حبيبة قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم انا قد حدثنا أنك ناكح درة بنت أبي سلمة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلى أم سلمة وقال لو أني لم أنكح أم سلمة ما حلت لي ان أباها أخي من الرضاعة قال أخبرنا محمد بن عمر بن واقد الأسلمي أخبرنا زكريا بن يحيى بن يزيد السعدي عن أبيه قال قدم مكة عشر نسوة من بني سعد بن بكر يطلبن الرضاع فأصبن الرضاع كلهن الا حليمة بنت عبد الله بن الحارث بن شجنة بن جابر بن رزام بن ناصرة بن فصية بن نصر بن سعد بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر وكان معها زوجها الحارث بن عبد العزى بن رفاعة بن ملأن بن ناصرة بن فصية بن نصر بن سعد بن بكر بن هوازن ويكنى أبا ذؤيب وولدها منه عبد الله بن الحارث وكانت ترضعه وأنيسة بنت الحارث وجدامة بنت الحارث وهي الشيماء وكانت هي التي تحضن رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أمها وتوركه فعرض عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلت تقول يتيم ولا مال له وماعست أمه ان تفعل فخرج النسوة وخلفنها فقالت حليمة لزوجها ما ترى قد خرج صواحبي وليس بمكة غلام يسترضع الا هذا الغلام اليتيم فلو انا اخذناه فاني أكره ان نرجع إلى بلادنا ولم نأخذ شيئا فقال لها زوجها خذيه عسى الله ان يجعل لنا فيه خيرا فجاءت إلى أمه فاخذته منه فوضعته في حجرها فاقبل عليه ثدياها حتى يقطرا لبنا فشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى روي وشرب اخوه ولقد كان اخوه لا ينام من الغرث وقالت أمه يا ظئر سلي عن ابنك فإنه سيكون له شان واخبرتها ما رات وما قيل لها فيه حين ولدته وقالت قيل لي ثلاث ليال استرضعي ابنك في بني سعد بن بكر ثم في آل أبي ذؤيب قالت حليمة فان أبا هذا الغلام الذي في حجري أبو ذؤيب وهو زوجي فطابت نفس حليمة وسرت بكل ما سمعت ثم خرجت به إلى منزلها فحدجوا اتانهم فركبتها حليمة وحملت رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديها وركب الحارث شارفهم فطلعا على صواحبها بوادي السرر وهن مرتعات وهما يتواهقان فقلن يا حليمة ما صنعت فقالت أخذت والله خير مولود رأيته قط وأعظمهم بركة قال النسوة أهو بن عبد المطلب قالت نعم قالت فما رحلنا من منزلنا ذلك حتى رأيت الحسد من بعض نسائنا قال أخبرنا محمد بن عمر قال وذكر بعض الناس أن حليمة لما خرجت برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بلادها قالت آمنة بنت وهب‏:‏ أعيذه بالله ذي الجلال من شر ما مر على الجبال حتى أراه حامل الحلال ويفعل العرف إلى الموالي وغيرهم من حشوة الرجال قال أخبرنا محمد بن عمر عن أصحابه قال مكث عندهم سنتين حتى فطم وكأنه بن أربع سنين فقدموا به على أمه زائرين لها وأخبرتها حليمة خبره وما رأوا من بركته فقالت آمنة أرجعي بابني فاني أخاف عليه وباء مكة فوالله ليكونن له شأن فرجعت به ولما بلغ أربع سنين كان يغدو مع أخيه وأخته في البهم قريبا من الحي فأتاه الملكان هناك فشقا بطنه واستخرجا علقة سوداء فطرحاها وغسلا بطنه بماء الثلج في طست من ذهب ثم وزن بألف من أمته فوزنهم فقال أحدهما للآخر دعه فلو وزن بأمته كلها لوزنهم وجاء أخوه يصيح بأمه أدركي أخي القرشي فخرجت أمه تعدو ومعها أبوه فيجدان رسول الله صلى الله عليه وسلم منتقع اللون فنزلت به إلى آمنة بنت وهب وأخبرتها خبره وقالت أنا لا نرده الا على جذع آنفنا ثم رجعت به أيضا فكان عندها سنة أو نحوها لا تدعه يذهب مكانا بعيدا ثم رأت غمامة تظله إذا وقف وقفت وإذا سار سارت فأفزعها ذلك أيضا من أمره فقدمت به إلى أمه لترده وهو بن خمس سنين فأضلها في الناس فالتمسته فلم تجده فأتت عبد المطلب فأخبرته فالتمسه عبد المطلب فلم يجده فقام عند الكعبة فقال‏:‏ لاهم أد راكبي محمدا أده الي واصطنع عندي يدا أنت الذي جعلته لي عضدا لا يبعد الدهر به فيبعدا أنت الذي سميته محمدا قال أخبرنا سعيد بن سليمان الواسطي أخبرنا خالد بن عبد الله عن داود بن أبي هند عن العباس بن عبد الرحمن عن كندير بن سعيد عن أبيه قال كنت أطوف بالبيت فإذا رجل يقول‏:‏ رب رد الي راكبي محمدا رده الي واصطنع عندي يدا قال قلت من هذا قالوا عبد المطلب بن هاشم بعث بابن بن له في طلب إبل له ولم يبعث به في حاجة الا نجح فما لبثنا أن جاء فضمه اليه وقال لا أبعث بك في حاجة قال أخبرنا معاذ بن معاذ العنبري أخبرنا بن عون عن بن القبطية قال كان النبي صلى الله عليه وسلم مسترضعا في بني سعد بن بكر قال أخبرنا عمرو بن عاصم الكلابي أخبرنا همام بن يحيى عن إسحاق بن عبد الله أن أم النبي صلى الله عليه وسلم لما دفعته إلى السعدية التي أرضعته قالت لها احفظي ابني وأخبرتها لما رأت فمر بها اليهود فقالت ألا تحدثوني عن ابني هذا فاني حملته كذا ووضعته كذا ورأيت كذا كما وصفت أمه قال فقال بعضهم لبعض أقتلوه فقالوا أيتيم هو فقالت لا هذا أبوه وأنا أمه فقالوا لو كان يتيما لقتلناه قال فذهبت به حليمة وقالت كدت أخرب أمانتي قال إسحاق وكان له أخ رضيع قال فجعل يقول له أترى أنه يكون بعث فقال النبي صلى الله عليه وسلم أما والذي نفسي بيده لآخذن بيدك يوم القيامة ولأعرفنك قال فلما آمن بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم جعل يجلس فيبكي ويقول إنما أرجو أن يأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيدي يوم القيامة فأنجو قال أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا زكريا بن يحيى بن يزيد السعدي عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا أعربكم أنا من قريش ولساني لسان بني سعد بن بكر قال أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا أسامة بن زيد الليثي عن شيخ من بني سعد قال قدمت حليمة بنت عبد الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وقد تزوج خديجة فتشكت جدب البلاد وهلاك الماشية فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة فيها فأعطتها أربعين شاة وبعيرا موقعا للظعينة وأنصرفت إلى أهلها قال أخبرنا عبد الله بن نمير الهمداني أخبرنا يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن المنكدر قال أستأذنت امرأة على النبي صلى الله عليه وسلم قد كانت أرضعته فلما دخلت عليه قال أمي أمي وعمد إلى ردائه فبسطه لها فقعدت عليه قال أخبرنا إبراهيم بن شماس السمرقندي قال أخبرنا الفضل بن موسى السيناني عن عيسى بن فرقد عن عمر بن سعد قال جاءت ظئر النبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فبسط لها رداءه وأدخل يده في ثيابها ووضعها على صدرها قال وقضى حاجتها قال فجاءت إلى أبي بكر فبسط لها رداءه وقال لها دعيني أضع يدي خارجا من الثياب قال ففعل وقضى لها حاجتها ثم جاءت إلى عمر ففعل مثل ذلك قال أخبرنا محمد بن عمر عن معمر عن الزهري وعن عبد الله بن جعفر وابن أبي سبرة وغيرهم قالوا قدم وفد هوازن على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجعرانة بعدما قسم الغنائم وفي الوفد عم النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة أبو ثروان فقال يومئذ يا رسول الله إنما في هذه الحظائر من كان يكلفك من عماتك وخالاتك وحواضنك وقد حضناك في حجورنا وأرضعناك بثدينا ولقد رأيتك مرضعا فما رأيت مرضعا خيرا منك ورأيتك فطيما فما رأيت فطيما خيرا منك ثم رأيتك شابا فما رأيت شابا خيرا منك وقد تكاملت فيك خلال الخير ونحن مع ذلك أصلك وعشيرتك فامنن علينا من الله عليك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استأنيت بكم حتى ظننت أنكم لا تقدمون وقد قسم النبي صلى الله عليه وسلم السبي وجرت فيه السهمان وقدم عليه أربعة عشر رجلا من هوازن مسلمين وجاؤوا بإسلام من وراءهم من قومهم وكان رأس القوم والمتكلم أبو صرد زهير بن صرد فقال يا رسول الله انا أصل وعشيرة وقد أصابنا من البلاء ما لا يخفى عليك يا رسول الله إنما في هذه الحظائر عماتك وخالاتك وحواضنك اللاتي هن يكلفنك ولو أنا ملحنا للحارث بن أبي شمر أو للنعمان بن المنذر ثم نزلا منا بمثل الذي نزلت به رجونا عطفهما وعائدتهما وأنت خير المكفولين ويقال انه قال يومئذ أبو صرد إنما في هذه الحظائر أخواتك وعماتك وخالاتك وبنات عمك وبنات خالاتك وأبعدهن قريب منك بأبي أنت وأمي انهن حضنك في حجورهن وأرضعنك بثديهن وتوركنك على أوراكهن وأنت خير المكفولين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان أحسن الحديث أصدقه وعندي من ترون من المسلمين أفأبناؤكم ونساؤكم أحب اليكم أم أموالكم فقالوا يا رسول الله خيرتنا بين أحسابنا وأموالنا وما كنا لنعدل بالأحساب شيئا فرد علينا أبناءنا ونساءنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم أما ما لي ولبني عبد المطلب فهو لكم وأسأل لكم الناس فإذا صليت بالناس الظهر فقولوا نستشفع برسول الله إلى المسلمين وبالمسلمين إلى رسول الله فاني سأقول لكم ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم وسأطلب لكم إلى الناس فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر قاموا فتكلموا بالذي قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان له ولبني عبد المطلب ورد المهاجرون ورد الأنصار وسأل لهم قبائل العرب فاتفقوا على قول واحد بتسليمهم ورضاهم ودفع ما كان في أيديهم من السبي الا قوما تمسكوا بما في أيديهم فأعطاهم ابلا عوضا من ذلك ‏.‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق