المصاحف 9.مصاحف

  مصاحف روابط 9 مصاحف
// // //

الخميس، 16 أغسطس 2018

9 الخصائص الكبري للسيوطي الحافظ



9
الخصائص الكبرى
زِيَادَة إِيضَاح لهَذَا الْبَاب
فقد أشكل فهمه على قوم وَلَو تأملوا لاتضح لَهُم المُرَاد بالشريعة وَالْحكم بِالظَّاهِرِ وبالحقيقة الحكم الْبَاطِن وَقد نَص الْعلمَاء على أَن غَالب الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام بعثوا ليحكموا بِالظَّاهِرِ دون مَا اطلعوا عَلَيْهِ من بواطن الْأُمُور وحقائقها وَبعث الْخضر عَلَيْهِ السَّلَام ليحكم بِمَا اطلع عَلَيْهِ من بواطن الْأُمُور وحقائقها وَلَكِن الأنبيا لم يبعثوا بذلك أنكر مُوسَى عَلَيْهِ قَتله الْغُلَام وَقَالَ لَهُ {لقد جِئْت شَيْئا نكرا} لِأَن ذَلِك خلاف الشَّرْع فَأَجَابَهُ بِأَنَّهُ أَمر بذلك وَبعث فَقَالَ وَمَا فعلته عَن أَمْرِي وَهَذَا معنى قَوْله لَهُ إِنَّك على علم إِلَى أَخّرهُ
قَالَ الشَّيْخ سراج الدّين البُلْقِينِيّ فِي شرح البُخَارِيّ المُرَاد بِالْعلمِ التَّنْفِيذ وَالْمعْنَى لَا يَنْبَغِي لَك أَن تعلمه لتعمل بِهِ لن الْعَمَل بِهِ منَاف لمقْتَضى الشَّرْع وَلَا يَنْبَغِي أَن اعلمه فاعمل بِمُقْتَضَاهُ لِأَنَّهُ منَاف لمقْتَضى الْحَقِيقَة قَالَ فعلى هَذَا لَا يجوز للْوَلِيّ التَّابِع للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا اطلع على حَقِيقَة أَن ينفذ ذَلِك بِمُقْتَضى الْحَقِيقَة وَإِنَّمَا أَن ينفذ الحكم الظَّاهِر انْتهى
وَقَالَ الْحَافِظ ابْن حجر فِي الأصابه قَالَ أَبُو حَيَّان فِي تَفْسِيره الجهور على أَن الْخضر نَبِي وَكَانَ علمه معرفَة بواطن أوحيت إِلَيْهِ وَعلم مُوسَى الجكم الظَّاهِر فَأَشَارَ إِلَى أَن المُرَاد فِي الحَدِيث بالعلمين الحكم بالباطن وَالْحكم بِالظَّاهِرِ لَا أَمر آخر
(2/328)
وَقد قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين السُّبْكِيّ إِن الَّذِي بعث بِهِ الْخضر شَرِيعَة لَهُ فَالْكل شَرِيعَة
وَأما نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِنَّهُ أَمر أَولا أَن يحكم بِالظَّاهِرِ دون مَا اطلع عَلَيْهِ من الْبَاطِن والحقيقة كغالب الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام وَلِهَذَا قَالَ نَحن نحكم بِالظَّاهِرِ وَفِي لفظ إِنَّمَا اقضي بِالظَّاهِرِ وَالله يتَوَلَّى السرائر وَقَالَ غنما أَقْْضِي بِنَحْوِ مَا اسْمَع فَمن قَضيته لَهُ بِحَق آخر فَإِنَّمَا هِيَ قِطْعَة من النَّار وَقَالَ للْعَبَّاس أما ظاهرك فَكَانَ علينا وَأما سريرتك فَإلَى الله
وَكَانَ يقبل عذر المتخلفين عَن غَزْوَة تَبُوك ويكل سرائرهم إِلَى الله وَقَالَ فِي تِلْكَ الْمَرْأَة لَو كنت راجما أحدا من غير بَيِّنَة لرجمتها وَقَالَ أَيْضا لَوْلَا الْقُرْآن لَكَانَ لي وَلها شَأْن فَهَذَا كُله صَرِيح فِي أَنه يحكم بِظَاهِر الشَّرْع بِالْبَيِّنَةِ أَو الإعتراف دون مَا اطلعه الله عَلَيْهِ من بواطن الْأُمُور وحقائقها ثمَّ أَن الله تَعَالَى زَاده شرفا وَأذن لَهُ أَن يحكم بالباطن وَمَا اطلع عَلَيْهِ من حقائق المور فَجمع لَهُ بَين مَا كَانَ للأنبياء وَمَا كَانَ للخضر خُصُوصِيَّة خصّه الله بهَا وَلم يجمع الْأَمْرَانِ لغيره
وَقد قَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي تَفْسِيره أجمع الْعلمَاء على بكرَة أَبِيهِم أَنه لَيْسَ لأحد أَن يقتل بِعِلْمِهِ إِلَّا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَشَاهد ذَلِك حَدِيث الْمُصَلِّي وَالسَّارِق الَّذين أَمر بِقَتْلِهِمَا فَإِنَّهُ اطلع على بَاطِن أَمرهمَا وَعلم مِنْهُمَا مَا يُوجب الْقَتْل وَلَو تفطن الَّذين لم يفهموا إِلَى إستشهادي بِهَذَيْنِ الْحَدِيثين فِي آخر الْبَاب لعرفوا ان المُرَاد الحكم بِالظَّاهِرِ وَالْبَاطِن فَقَط لَا شَيْء آخر لَا يَقُوله مُسلم وَلَا كَافِر وَلَا مجانين المارستان
وَقد ذكر بعض السّلف أَن الْخضر إِلَى الْآن ينفذ الْحَقِيقَة وَأَن الَّذين يموتون فَجْأَة هُوَ الَّذِي يقتلهُمْ فَإِن صَحَّ ذَلِك فَهُوَ فِي هَذِه الْأمة بطرِيق النِّيَابَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِنَّهُ صَار من أَتْبَاعه كَمَا أَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام لما ينزل يحكم بشريعة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نِيَابَة عَنهُ وَيصير من أَتْبَاعه وَأمته
(2/329)
بَاب كَلَامه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لله عز وَجل عِنْد سِدْرَة الْمُنْتَهى
قَالَ الشَّيْخ عز الدّين ابْن عبد السَّلَام وَمن خَصَائِصه أَن الله وكلم مُوسَى بِالطورِ وبالوادي الْمُقَدّس زكلم نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد سِدْرَة الْمُنْتَهى وَجمع لَهُ بَين الْكَلَام والرؤية وَبَين الْمحبَّة والخلة
أخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (قَالَ لي رَبِّي عز وَجل نحلت إِبْرَاهِيم خلتي وَكلمت مُوسَى تكليما وأعطيتك يَا مُحَمَّد خلتي ومحبتي وكلمتك كفاحا)
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن سلمَان قَالَ قيل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كلم الله مُوسَى تكليما وَخلق عِيسَى من روح الْقُدس وَاتخذ إِبْرَاهِيم خَلِيلًا وَاصْطفى آدم فَمَا أَعْطَيْت من الْفضل فهبط جِبْرِيل فَقَالَ إِن رَبك يَقُول إِن كنت اتَّخذت إِبْرَاهِيم خَلِيلًا فقد اتخذتك حبيبا وَإِن كنت كلمت مُوسَى فِي الأَرْض تكليما فقد كلمتك فِي السَّمَاء وَإِن كنت خلقت عِيسَى من روح الْقُدس فقد خلقت إسمك من قبل أَن أخلق الْخلق بألفي سنة وَلَقَد وطِئت فِي السَّمَاء موطأ لم يطأه أحد قبلك وَلَا يطأه أحد بعْدك وَإِن كنت اصطفيت آدم فقد ختمت بك النبياء وَمَا خلقت خلقا اكرم على مِنْك وَقد أَعطيتك الْحَوْض والشفاعة والناقة والقضيب والتاج والهرواة وَالْحج وَالْعمْرَة وَشهر رَمَضَان والشفاعة كلهَا لَك حَتَّى ظلّ عَرْشِي فِي الْقِيَامَة عَلَيْك مَمْدُود وتاج الْحَمد على رَأسك مَعْقُود وقرنت إسمك مَعَ إسمي فَلَا أذكر فِي مَوضِع حَتَّى تذكر معي وَلَقَد خلقت الدُّنْيَا وَأَهْلهَا لعرفهم كرامتك ومنزلتك عِنْدِي ولولاك مَا خلقت الدُّنْيَا
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن جَابر بن عبد الله قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن الله أعْطى مُوسَى الْكَلَام وَأَعْطَانِي الرُّؤْيَة وفضلني بالْمقَام الْمَحْمُود والحوض المورود)
(2/330)
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لما أسرِي بِي قربني رَبِّي حَتَّى كَانَ بيني وَبَينه كقاب قوسين أَو أدنى وَقَالَ لي يَا مُحَمَّد هَل غمك أَن جعلتك آخر النَّبِيين قلت لَا قَالَ فَهَل غم أمتك إِن جعلتهم آخر الْأُمَم قلت لَا قَالَ أخبر أمتك إِنِّي جعلتهم آخر الْأُمَم لأفضح الْأُمَم عِنْدهم وَلَا أفضحهم عِنْد المم)
بَاب كَلمه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الله تَعَالَى بأنواع الْوَحْي
قَالَ الشَّيْخ عز الدّين وَمن خَصَائِصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الله تَعَالَى كَلمه بأنواع الْوَحْي وَهِي ثَلَاثَة الرُّؤْيَا الصادقة وَالْكَلَام بِغَيْر وَاسِطَة والتكليم بِوَاسِطَة جِبْرِيل
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالنصر بِالرُّعْبِ مسيرَة شهر أَمَامه وَشهر خَلفه وأيتائه جَوَامِع الْكَلم ومفاتيح خَزَائِن الأَرْض وَعلم كل شَيْء إِلَّا الْخمس قيل وَالْخمس أَيْضا وَالروح وَبَين لَهُ فِي أَمر الدَّجَّال مَا لم يبين لنَبِيّ قبله وتسميته أَحْمد وهبوط إسْرَافيل عَلَيْهِ عد هَذِه الْأَخِيرَة ابْن سبع وَجمع لَهُ بَين النُّبُوَّة وَالسُّلْطَان
أخرج أَحْمد وَابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَعْطَيْت مَا لم يُعْط أحد من الْأَنْبِيَاء نصرت بِالرُّعْبِ وَأعْطيت مَفَاتِيح الأَرْض وَسميت أَحْمد وَجعل لي التُّرَاب طهُورا وَجعلت أمتِي خير الْأُمَم)
وَأخرج مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (فضلت على الْأَنْبِيَاء بست أَعْطَيْت جَوَامِع الْكَلم ونصرت بِالرُّعْبِ وَأحلت لي الْغَنَائِم وَجعلت لي الأَرْض مَسْجِدا وَطهُورًا وَأرْسلت إِلَى الْخلق كَافَّة وَختم بِي النَّبِيُّونَ)
وَأخرج الْبَزَّار عَن عَليّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (اعطيت خمْسا لم يُعْطهنَّ بني قبلي نصرت بِالرُّعْبِ وَأعْطيت جَوَامِع الْكَلم وَأحلت لي الْغَنَائِم وَذكر خَصْلَتَيْنِ ذهبتا عني) وَأخرجه أَبُو نعيم فذكرهما (أرْسلت إِلَى الْأَبْيَض وَالْأسود والأحمر وَجعلت لي الأَرْض مَسْجِدا وَطهُورًا)
(2/331)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ نصر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالرُّعْبِ على عدوه مسيرَة شَهْرَيْن
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن السَّائِب بن يزِيد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (فضلت على الْأَنْبِيَاء بِخمْس بعثت إِلَى النَّاس كَافَّة وذخرت شَفَاعَتِي لأمتي ونصرت بِالرُّعْبِ شهرا أَمَامِي وشهرا خَلْفي وَجعلت لي الأَرْض مَسْجِدا طهُورا وَأحلت لي الغنائملم تحل لأحد قبلى)
وَأخرج أَبُو نعيم عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ خرج علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ (إِن جِبْرِيل أَتَانِي فبشرني أَن الله أمدني بِالْمَلَائِكَةِ وأتاني النَّصْر وَجعل بَين يَدي الرعب وأتاني السُّلْطَان وَالْملك وَطيب لي ولأمتي الْغَنَائِم وَلم تكن لأحد قبلنَا)
وَقَالَ الْغَزالِيّ فِي الْأَحْيَاء لأجل إجتماع النُّبُوَّة وَالْملك والسلطنة لنبينا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ أفضل من سَائِر الْأَنْبِيَاء فَأَنَّهُ أكمل الله تَعَالَى بِهِ صَلَاح الدّين وَالدُّنْيَا وَلم يكن السَّيْف وَالْملك لغيره من الْأَنْبِيَاء)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن قَتَادَة فِي قَوْله تَعَالَى {وَقل رب أدخلني مدْخل صدق وأخرجني مخرج صدق وَاجعَل لي من لَدُنْك سُلْطَانا نَصِيرًا} قَالَ أخرجه الله تَعَالَى من مَكَّة مخرج صدق وَأدْخلهُ الْمَدِينَة مدْخل صدق قَالَ وَعلم نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه لَا طَاقَة لَهُ بِهَذَا الْأَمر إِلَّا بسُلْطَان فَسَأَلَ سُلْطَانا نَصِيرًا لكتاب الله وحدوده وفرائضه ولإقامة كتاب الله فَإِن السُّلْطَان عزة من الله جعلهَا بَين أظهر عباده لَوْلَا ذَلِك لأغار بَعضهم على بعض أكل شديده ضعيفهم
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (نصرت بِالرُّعْبِ وَأعْطيت جَوَامِع الْكَلم وبينما أَنا نَائِم إِذْ جىء بمفاتييح خَزَائِن الأَرْض فَوضعت بَين يَدي) قَالَ أَبُو هُرَيْرَة فقد ذهب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنْتُم تنتثلونها
(2/332)
قَالَ ابْن شهَاب بَلغنِي أَن جَوَامِع الْكَلم أَن الله تَعَالَى يجمع لَهُ الْأُمُور الْكَثِيرَة الَّتِي كَانَت تكْتب فِي الْوَحْي قبله فِي الْأَمر الْوَاحِد والأمرين أَو نَحْو ذَلِك
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد حسن وَالْبَيْهَقِيّ فِي الزّهْد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات يَوْم وَجِبْرِيل على الصَّفَا فَقَالَ يَا جِبْرِيل مَا أَمْسَى لآل مُحَمَّد سفة من دَقِيق وَلَا كفة من سويق فَلم يكن كَلَامه بأسرع من أَن سمع هدة من السَّمَاء فَأَتَاهُ إسْرَافيل فَقَالَ إِن الله سمع مَا ذكرت فَبَعَثَنِي إِلَيْك بمفاتيح خَزَائِن الأَرْض وامرني أَن أعرض عَلَيْك أَسِير مَعَك جبال تهَامَة زمردا وياقوتا وذهبا وَفِضة فعلت فَإِن شِئْت نَبيا ملكا وَإِن شِئْت نَبيا عبدا فَأَوْمأ إِلَيْهِ جِبْرِيل أَن تواضع فَقَالَ بل نَبيا عبدا ثَلَاثًا
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عمر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لقد هَبَط عَليّ ملك من السَّمَاء مَا هَبَط على نَبِي قبلي وَلَا يهْبط على أحد بعدِي وَهُوَ إسْرَافيل فَقَالَ أَنا رَسُول رَبك إِلَيْك أَمرنِي أَن أخيرك إِن شِئْت نَبيا عبدا وَإِن شِئْت نَبيا ملكا فَنَظَرت إِلَى جِبْرِيل فأوما إِلَيّ أَن تواضع فَلَو أَنِّي قلت نَبيا ملكا لَسَارَتْ الْجبَال معي ذَهَبا
وَأخرج أَحْمد وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَأَبُو نعيم عَن جَابر بن عبد الله قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أتيت بمقاليد الدُّنْيَا على فرس أبلق جَاءَنِي بهَا جِبْرِيل عَلَيْهِ قطيفة من سندس)
أخرج ابْن سعد وَأَبُو نعيم عَن أبي أُمَامَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (عرض عَليّ رَبِّي ليجعل لي بطحاء مَكَّة ذَهَبا فَقلت لَا يَا رب وَلَكِنِّي أشْبع يَوْمًا وأجوع يَوْمًا فَإِذا جعت تضرعت إِلَيْك وذكرتك وَإِذا شبعت حمدتك وشكرتك)
وَأخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت دخلت عَليّ امْرَأَة من الْأَنْصَار فرأت فرَاش رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عباءة مثنية فَانْطَلَقت فَبعثت إِلَيّ بفراش حشوه
(2/333)
الصُّوف فَدخل عَليّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ مَا هَذَا يَا عَائِشَة قلت يَا رَسُول الله فُلَانَة الْأَنْصَارِيَّة دخلت عَليّ فرأت فراشك فَذَهَبت فَبعثت إِلَيّ بِهَذَا فَقَالَ رديه فَلم أرده وأعجبني أَن يكون فِي بَيْتِي حَتَّى قَالَ ذَلِك ثَلَاث مَرَّات فَقَالَ رديه يَا عَائِشَة فوَاللَّه لَو شِئْت لأجرى الله معي جبال الذَّهَب وَالْفِضَّة
وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق إِسْحَاق بن بشر عَن جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما عير الْمُشْركُونَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالفاقة فَقَالُوا مَا لهَذَا الرَّسُول يَأْكُل الطَّعَام وَيَمْشي فِي الْأَسْوَاق حزن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لذَلِك فَنزل عَلَيْهِ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ إِن رَبك يُقْرِئك السَّلَام وَيَقُول {وَمَا أرسلنَا قبلك من الْمُرْسلين إِلَّا إِنَّهُم ليأكلون الطَّعَام ويمشون فِي الْأَسْوَاق} ثمَّ أَتَاهُ رضوَان خَازِن الْجنان وَمَعَهُ سفط من نور يتلألأ فَقَالَ هَذِه مَفَاتِيح خَزَائِن الدُّنْيَا فَنظر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى جِبْرِيل كالمستشير لَهُ فَضرب جِبْرِيل بيدَيْهِ الأَرْض أَن تواضع فَقَالَ يَا رضوَان لَا حَاجَة لي فِيهَا فَنُوديَ أَن أرفع بَصرك فَرفع فَإِذا السَّمَوَات فتحت أَبْوَابهَا إِلَى الْعَرْش وبدت جنَّة عدن فَرَأى منَازِل الْأَنْبِيَاء وغرفهم وَإِذا مَنَازِله فَوق منَازِل الْأَنْبِيَاء فَقَالَ رضيت
ويرون أَن هَذِه الْآيَة أنزلهَا رضوَان {تبَارك الَّذِي إِن شَاءَ جعل لَك خيرا من ذَلِك} الْآيَة
قَالَ أبن عَسَاكِر هَذَا حَدِيث مُنكر إِسْحَاق كَذَّاب وجويبر ضَعِيف
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي مُسْنده وَأَبُو يعلى عَن أبي مُوسَى قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَعْطَيْت فواتح الْكَلم وجوامعه وخواتمه)
وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (أُوتيت مَفَاتِيح كل شَيْء إِلَّا الْخمس) {إِن الله عِنْده علم السَّاعَة} الْآيَة
(2/334)
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى عَن ابْن مَسْعُود قَالَ أُوتِيَ نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَفَاتِيح كل شَيْء غير الْخمس {إِن الله عِنْده علم السَّاعَة} الْآيَة
وَأخرج أَحْمد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ قَالَ رسوا الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَا بعث نَبِي إِلَّا حذر أمته الدَّجَّال وَأَنِّي قد بَين لي فِي أمره مَا لم يبين لأحد أَنه أَعور وَأَن ربكُم لَيْسَ بأعور)
فصل
ذهب بَعضهم إِلَى أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُوتِيَ علم الْخمس أَيْضا وَعلم وَقت السَّاعَة وَالروح وَأَنه أَمر بكتم ذَلِك
بَاب من خَصَائِصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الأَرْض كَانَت تطوى لَهُ
قَالَ ابْن سبع من خَصَائِصه أَنه كَانَ يبيت جائعا وَيُصْبِح طاعما وَأَنه لم يكن أحد يغلبه بِالْقُوَّةِ وَأَنه كَانَ إِذا أَرَادَ الطّهُور وَلم يجد المَاء مد أَصَابِعه فتنفجر مِنْهَا المَاء حَتَّى يقْضِي طهوره وَأَن الله جمع لَهُ بَين الْمحبَّة والحله وَالْكَلَام وَكَلمه بِموضع لم يطأه ملك مقرب وَلَا نَبِي مُرْسل وَأَن الأَرْض كَانَت تطوى لَهُ
(2/335)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بشرح الصَّدْر وَوضع الْوزر وَرفع الذّكر وَهُوَ إقتران إسمه باسم الله تَعَالَى وبوعده بالمغفرة وَهُوَ يمشي حَيا صَحِيحا وَبِأَنَّهُ حبيب الرَّحْمَن وَسيد ولد آدم وأكرام الْخلق على الله فَهُوَ أفضل من سَائِر الْمُرْسلين وَالْمَلَائِكَة وَعرض أمته عَلَيْهِ بأسرهم حَتَّى رَآهُمْ وَعرض عَلَيْهِ مَا هُوَ كَائِن فِي أمته حَتَّى تقوم السَّاعَة وَخص بالبسملة والفاتحة وَآيَة الْكُرْسِيّ وخواتيم سُورَة الْبَقَرَة والمفصل والسبع الطول
قَالَ تَعَالَى {ألم نشرح لَك صدرك ووضعنا عَنْك وزرك الَّذِي أنقض ظهرك ورفعنا لَك ذكرك} وَقَالَ تَعَالَى {ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر}
وَأخرج الْبَزَّار بِسَنَد جيد عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (فضلت على الْأَنْبِيَاء بست لم يُعْطهنَّ أحد كَانَ قبلي غفر لي مَا تقدم من ذَنبي وَمَا تَأَخّر وَأحلت لي الْغَنَائِم وَجعلت أمتِي خير الْأُمَم وَجعلت لي الأَرْض مَسْجِدا وَطهُورًا وَأعْطيت الْكَوْثَر ونصرت بِالرُّعْبِ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ أَن صَاحبكُم لصَاحب لِوَاء الْحَمد يَوْم الْقِيَامَة تَحْتَهُ آدم فَمن دونه)
قَالَ الشَّيْخ عز الدّين بن عبد السَّلَام من خَصَائِصه أَنه أخبرهُ الله بالمغفرة وَلم ينْقل أَنه أخبر أحدا من الْأَنْبِيَاء بِمثل ذَلِك بل الظَّاهِر أَنه لم يُخْبِرهُمْ بِدَلِيل قَوْلهم فِي الْموقف نَفسِي نَفسِي
وَقَالَ ابْن كثير فِي تَفْسِيره فِي آيَة الْفَتْح هَذَا من خَصَائِصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّتِي لَا يُشَارِكهُ فِيهَا غَيره
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (سَأَلت رَبِّي مَسْأَلَة ووددت أَنِّي لم أكن سَأَلته إِيَّاهَا قلت يَا رب إِنَّه قد كَانَ قبلي
(2/336)
رسل مِنْهُم من كَانَ يحيى الْمَوْتَى وَمِنْهُم من سخرت لَهُ الرّيح قَالَ ألم أجدك يَتِيما فآويتك ألم أجدك ضَالًّا فهديتك ألم أجدك عائلا فأغنيتك ألم أشرح لَك صدرك وَوضعت عَنْك وزرك ألم أرفع لَك ذكرك قلت بلَى يَا رب
وَأخرج ابْن سعد عَن مجمع بن جَارِيَة قَالَ لما كُنَّا بضجنان رَأَيْت النَّاس يركضون وَإِذ هم يَقُولُونَ أنزل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فركضت مَعَ النَّاس حَتَّى توافينا عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا هُوَ يقْرَأ {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} فَلَمَّا نزل بهَا جِبْرِيل قَالَ يهنيك يَا رَسُول الله فَلَمَّا هَناه جِبْرِيل هَناه الْمُسلمُونَ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان وَأَبُو نعيم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله تَعَالَى {ورفعنا لَك ذكرك} قَالَ قَالَ لي جِبْرِيل قَالَ الله إِذا ذكرت ذكرت معي
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ رفع الله ذكره فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَلَيْسَ خطيب وَلَا متشهد وَلَا صَاحب صَلَاة إِلَّا يُنَادي أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله
وَأخرج أَبُو نعيم عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لما فرغت مِمَّا أَمرنِي الله بِهِ من أَمر السَّمَوَات قلت يَا رب إِنَّه لم يكن نَبِي قبلي إِلَّا وَقد أكرمته جعلت إِبْرَاهِيم خَلِيلًا ومُوسَى كليما وسخرت لداود الْجبَال ولسليمان الرّيح وَالشَّيَاطِين وأحييت لعيسى الْمَوْتَى فَمَا جعلت لي قَالَ أَو لَيْسَ قد أَعطيتك أفضل من ذَلِك لَهُ أَن لَا أذكر إِلَّا ذكرت معي وَجعلت صُدُور أمتك أناجيل يقرؤن الْقُرْآن ظَاهرا وَلم أعْطهَا أمة وأنزلت إِلَيْك كلمة من كنوز عَرْشِي لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَفِي حَدِيث الْإِسْرَاء السَّابِق أَن مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أثنى على ربه عز وَجل فَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي أَرْسلنِي رَحْمَة للْعَالمين وكافة للنَّاس وَأنزل عَليّ الْفرْقَان فِيهِ تبيان
(2/337)
كل شَيْء وَجعل أمتِي خير أمة أخرجتللناس وَجعل أمتِي أمة وسطا وَجعل أمتِي هم الْآخرُونَ وهم الْأَولونَ وَشرح لي صَدْرِي وَوضع عني وزري وَرفع لي ذكري وَجَعَلَنِي فاتحا وخاتما فَقَالَ إِبْرَاهِيم بِهَذَا فَضلكُمْ مُحَمَّد
وَفِيه فَقَالَ تبَارك وَتَعَالَى لَهُ سل فَقَالَ إِنَّك اتَّخذت إِبْرَاهِيم خَلِيلًا وأعطيته ملكا عَظِيما وَكلمت مُوسَى تكليما وَأعْطيت دَاوُد ملكا عَظِيما وألنت لَهُ الْحَدِيد وسخرت لَهُ الْجبَال وَأعْطيت سُلَيْمَان ملكا عَظِيما وسخرت لَهُ الْإِنْس وَالْجِنّ والشيطان والرياح وأعطيته ملكا لَا يَنْبَغِي لأحد من بعده وَعلمت عِيسَى التَّوْرَاة والانجيل وَجَعَلته يبرىء الأكمه والأبرص وأعذته وَأمه من االشيطان الرَّجِيم فَلم يكن لَهُ عَلَيْهِمَا سَبِيل فَقَالَ لَهُ ربه تبَارك وَتَعَالَى قد اتخذتك خَلِيلًا وَهُوَ مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة حبيب الرَّحْمَن وأرسلتك إِلَى النَّاس كَافَّة وَجعلت أمتك هم الْآخرُونَ وهم الْأَولونَ وَجعلت أمتك لَا تجوز لَهُم خطْبَة حَتَّى يشْهدُوا أَنَّك عَبدِي ورسولي وجعلتك اول النَّبِيين خلقا وأخرهم بعثا وأعطيتك سبعا من المثاني وَلم أعْطهَا نَبيا قبلك واعطيتك خَوَاتِيم سُورَة الْبَقَرَة من كنز تَحت الْعَرْش لم أعْطهَا نَبيا قبلك وجعلتك فاتحا خَاتمًا
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فضلني رَبِّي بست قذف فِي قُلُوب عدوي الرعب من مسيرَة شهر وَأحلت لي الْغَنَائِم وَلم تحل لأحد قبلي وَجعلت لي الأَرْض مَسْجِدا وَطهُورًا وَأعْطيت فواتح الْكَلَام وجوامعه وَعرضت عَليّ أمتِي فَلم يخف عَليّ التَّابِع والمتبوع مِنْهُم
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن حُذَيْفَة بن أسيد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (عرضت عَليّ أمتِي البارحة لَدَى هَذِه الْحُجْرَة اولها وَآخِرهَا) فَقَالَ يَا رَسُول الله عرض عَلَيْك من خلق فَكيف من لم يخلق فَقَالَ صوروا لي فِي الطين حَتَّى أَنِّي لأعرف بالإنسان مِنْهُم من أحدكُم بِصَاحِبِهِ
وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن بُرَيْدَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أنزل عَليّ آيَة لم تنزل على نَبِي بعد سُلَيْمَان غَيْرِي (بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)
(2/338)
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ أغفل النَّاس آيَة من كتاب الله لم تنزل على أحد سوى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا ان يكون سُلَيْمَان بن دَاوُد {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم}
وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الضريس كِلَاهُمَا فِي فَضَائِل الْقُرْآن عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ آيَة الْكُرْسِيّ أعطيها نَبِيكُم من كنز تَحت الْعَرْش وَلم يُعْطهَا أحد قبل نَبِيكُم
وَأخرج أَبُو عبيد عَن كَعْب قَالَ إِن مُحَمَّدًا أعطي أَربع آيَات لم يُعْطهنَّ مُوسَى {لله مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْض} حَتَّى ختم سُورَة الْبَقَرَة فَتلك ثَلَاث آيَات وَآيَة الْكُرْسِيّ
وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن حُذَيْفَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (أَعْطَيْت هَذِه الْآيَات من آخر سُورَة الْبَقَرَة من كنز تَحت الْعَرْش لم يُعْطهَا نَبِي قبلي) وَأخرج أَحْمد عَن أبي ذَر مَرْفُوعا مثله
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عقبَة بن عَامر قَالَ ترددوا فِي الايتين من آخر سُورَة الْبَقَرَة {آمن الرَّسُول} إِلَى خاتمتها فَإِن الله اصْطفى مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج الْحَاكِم عَن معقل بن يسَار قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَعْطَيْت فَاتِحَة الْكتاب وخواتيم سُورَة الْبَقَرَة من تَحت الْعَرْش والمفصل نَافِلَة)
وَأخرج مُسلم عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَاهُ ملك فَقَالَ اُبْشُرْ بنورين اوتيتهما لم يؤتهما نَبِي قبلك فَاتِحَة الْكتاب وخواتيم سُورَة الْبَقَرَة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن وَاثِلَة بن السقع قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَعْطَيْت مَكَان التَّوْرَاة السَّبع الطوَال وَمَكَان الزبُور المئين وَمَكَان الانجيل المثاني وفضلت بالمفصل)
(2/339)
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَقَد آتيناك سبعا من المثاني} قَالَ هِيَ السَّبع الطوَال وَلم يُعْطهنَّ أحدا إِلَّا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأعْطِي مُوسَى مِنْهُم إثنتين
وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ أُوتِيَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سبعا من المثاني والطوال وأوتي مُوسَى سِتا فَلَمَّا ألْقى الألواح ذهبت إثنتان وَبَقِي أَربع
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى سبعا من المثاني قَالَ دخرت لنبيكم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم تدخر لنَبِيّ لسواه
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَابْن عَسَاكِر عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (اتخذ الله إِبْرَاهِيم خَلِيلًا ومُوسَى نجيا واتخذني حبيبا ثمَّ قَالَ وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَأُوثِرَنَّ حَبِيبِي على خليلي ونجيي)
وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وابو نعيم عَن ثَابت الْبنانِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مُوسَى صفي الله وَأَنا حبيب ربه)
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْمعرفَة عَن عبد الرَّحْمَن بن غنم قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَسْجِد فَإِذا سَحَابَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (سلم على ملك قَالَ لم أزل أستاذن رَبِّي فِي لقائك حَتَّى إِذا كَانَ الأوان أذن لي أَنِّي أُبَشِّرك أَنه لَيْسَ اُحْدُ أكْرم على الله مِنْك)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ إِن مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أكْرم الْخلق على الله يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن سَلام قَالَ إِن أكْرم خَلِيقَة الله على الله يَوْم الْقِيَامَة
(2/340)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن سَلام قَالَ إِن أكْرم خَلِيقَة الله على الله أَبُو الْقَاسِم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
بَاب التَّفْرِقَة بَينه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبَين الْأَنْبِيَاء فِي الْخطاب
قَالَ أَبُو نعيم وَمن خَصَائِصه التفرقه بَينه وَبَين الْأَنْبِيَاء فِي الْخطاب فَإِن الله تَعَالَى قَالَ لداود {وَلَا تتبع الْهوى فيضلك عَن سَبِيل الله} وَقَالَ لنبينا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَمَا ينْطق عَن الْهوى} منزها لَهُ عَن ذَلِك بعد الإقسام عَلَيْهِ وَقَالَ عَن مُوسَى ففرت مِنْكُم لما خفتكم وَقَالَ عَن نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَإِذ يمكر بك الَّذين كفرُوا} الْآيَة فكنى عَن خُرُوجه وهجرته بِأَحْسَن الْعبارَات وَكَذَا نسب الْإِخْرَاج إِلَى عدوه فِي قَوْله {إِذْ أخرجه الَّذين كفرُوا} {من قريتك الَّتِي أخرجتك} وَلم يذكرهُ بالفرار الَّذِي فِيهِ نوع غَضَاضَة انْتهى
بَاب فرض الصَّدَقَة على من ناجاه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَمن خَصَائِصه أَن الله فرض على من ناجاه أَن يقدم بَين يَدي نَجوَاهُ صَدَقَة وَلم يعْهَد ذَلِك لأحد من الْأَنْبِيَاء قَالَ تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نَاجَيْتُم الرَّسُول فقدموا بَين يَدي نَجوَاكُمْ صَدَقَة}
وَأخرج ابْن ابي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ إِن الْمُسلمين أَكْثرُوا الْمسَائِل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى شَقوا عَلَيْهِ فَأَرَادَ الله أَن يُخَفف عَن نبيه فَلَمَّا قَالَ ذَلِك ضن كثيرا من النَّاس وَكفوا عَن الْمَسْأَلَة فَأنْزل الله بعد هَذَا (أَأَشْفَقْتُم) الْآيَة فَوسعَ الله عَلَيْهِم وَلم يضيق
(2/341)
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن مُجَاهِد قَالَ كَانَ من ناجى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تصدق بِدِينَار وَكَانَ أول من صنع ذَلِك عَليّ بن أبي طَالب ثمَّ نزلت الرُّخْصَة فَإِذا لم تَفعلُوا وَتَابَ الله عَلَيْكُم
بَاب فرض طَاعَته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْعَالم)
قَالَ أَبُو نعيم وَمن خَصَائِصه أَن الله تَعَالَى فرض طَاعَته على الْعَالم فرضا مُطلقًا لَا شَرط فِيهِ وَلَا إستثناء فَقَالَ {وَمَا آتَاكُم الرَّسُول فَخُذُوهُ وَمَا نهاكم عَنهُ فَانْتَهوا} وَقَالَ {من يطع الرَّسُول فقد أطَاع الله} وَإِن الله تَعَالَى أوجب على النَّاس التأسي بِهِ قولا وفعلا مُطلقًا بِلَا إستثناء فَقَالَ {لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة} وَاسْتثنى فِي التأسي بخليله فَقَالَ لقد كَانَ لكم أُسْوَة حَسَنَة فِي إِبْرَاهِيم إِلَى أَن قَالَ {إِلَّا قَول إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ} قَالَ وَمن خَصَائِصه أَن الله تَعَالَى قرن إسمه باسمه فِي كِتَابه عِنْد ذكر طَاعَته ومعصيته وفرائضه وَأَحْكَامه ووعده ووعيده تَشْرِيفًا وتعظيما فَقَالَ تَعَالَى {وَأَطيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول} (وأطيعو الله وَرَسُوله إِن كُنْتُم مُؤمنين) {ويطيعون الله وَرَسُوله} إِنَّمَا الْمُؤمنِينَ الَّذين آمنُوا بِاللَّه وَرَسُوله
(2/342)
{بَرَاءَة من الله وَرَسُوله} {وأذان من الله وَرَسُوله} اسْتجِيبُوا لله وللرسوله {وَمن يعْص الله وَرَسُول} {شاقوا الله وَرَسُوله} {وَمن يُشَاقق الله وَرَسُوله} وَمن يحادد الله وَرَسُوله {وَلم يتخذوا من دون الله وَلَا رَسُوله} {يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله} {مَا حرم الله وَرَسُوله} {قل الْأَنْفَال لله وَالرَّسُول} {فَأن لله خمسه وَلِلرَّسُولِ} {فَردُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُول} {مَا آتَاهُم الله وَرَسُوله} {سيؤتينا الله من فَضله وَرَسُوله} {أغناهم الله وَرَسُوله من فَضله} {كذبُوا الله وَرَسُوله} {أنعم الله عَلَيْهِ وأنعمت عَلَيْهِ}
بَاب وَصفه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عضوا عضوا
قَالَ ابْن سبع وَمن خَصَائِصه إِن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَصفه فِي كِتَابه عضوا عضوا فَقَالَ تَعَالَى فِي وَجهه {قد نرى تقلب وَجهك فِي السَّمَاء} وَقَالَ تَعَالَى فِي عَيْنَيْهِ {لَا تَمُدَّن عَيْنَيْك} وَفِي لِسَانه {فَإِنَّمَا يسرناه بلسانك} وَفِي يَده وعنقه {وَلَا تجْعَل يدك مغلولة إِلَى عُنُقك} وَفِي صَدره وظهره {ألم نشرح لَك صدرك ووضعنا عَنْك وزرك الَّذِي أنقض ظهرك} ) وَفِي قلبه {نزله على قَلْبك}
(2/343)
وَفِي خلقه {وَإنَّك لعلى خلق عَظِيم}
بَاب تأييده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بأَرْبعَة وزراء
وَمن خَصَائِصه مَا أخرجه الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن الله أيدني بأَرْبعَة وزراء إثنين من أهل السَّمَاء جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وإثنين من أهل الأَرْض أبي بكر وَعمر)
وَمَا أخرجه ابْن ماجة وَأَبُو نعيم عَن جَابر بن عبد الله قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا مَشى مَشى أَصْحَابه أَمَامه وَتركُوا ظَهره للْمَلَائكَة
وَمَا أخرجه الْحَاكِم وَابْن عَسَاكِر عَن عَليّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (كل نَبِي أعطي سَبْعَة رُفَقَاء وَأعْطيت أَرْبَعَة عشر) قيل لعَلي من هم قَالَ أَنا وَحَمْزَة وإبناي وجعفر وَعقيل وَأَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان والمقداد وسلمان وعمار وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر
دُعَاء قَضَاء الْحَوَائِج وَدُعَاء زَوَال الشدائد
وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي المؤتلف عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد قَالَ مَا من نَبِي إِلَّا وَخلف فِي أهل بَيته دَعْوَة مستجابة وَقد خلف فِينَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دعوتين مجابتين أما وَاحِدَة فلشدائدنا وَأما الآخرى فلحوائجنا فَأَما الَّتِي لشدائدنا يَا دَائِما لم يزل يَا إلهي وَيَا إِلَه آبَائِي يَا حَيّ يَا قيوم وَأما الَّتِي لحوائجنا يَا من يَكْفِي من كل شَيْء وَلَا يكفى مِنْهُ شَيْء يَا الله يَا رب مُحَمَّد أقض عني الدّين
(2/344)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم التكني بكنيته قيل والتسمي باسمه وَلم يثبت ذَلِك لأحد من الْأَنْبِيَاء
أخرج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا تجمعُوا بَين إسمي وكنيتي أَنا أَبُو الْقَاسِم الله يُعْطي وَأَنا أقسم)
وَأخرج أَحْمد عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي عمْرَة الْأنْصَارِيّ عَن عَمه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا تجمعُوا بَين أسمي بكنيتي)
وَأخرج عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ فِي البقيع فَنَادَى رجل يَا أَبَا الْقَاسِم فَالْتَفت إِلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ (لم أعنك فَقَالَ (سموا باسمي وَلَا تكنوا بكنيتي)
وَأخرج الْحَاكِم عَن جَابر قَالَ ولد لرجل من الْأَنْصَار غُلَام فَسَماهُ مُحَمَّدًا فَغضِبت الْأَنْصَار وَقَالُوا حَتَّى نستأمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرُوا ذَلِك لَهُ فَقَالَ (قد أَحْسَنت الْأَنْصَار ثمَّ قَالَ تسموا باسمي وَلَا تكنوا بكنيتي فَإِنَّمَا أَنا قَاسم أقسم بَيْنكُم)
قَالَ الشَّافِعِي وَلَيْسَ لأحد أَن يكتني بِأبي الْقَاسِم سَوَاء كَانَ إسمه مُحَمَّدًا أم لَا
قَالَ الرَّافِعِيّ وَمِنْهُم من حمله على كَرَاهِيَة الْجمع بَين الإسم والكنية وَجوز الْإِفْرَاد وَذهب مَالك إِلَى جَوَاز التكني بعده وَإِن النَّهْي مُخْتَصّ بحياته لزوَال الْمَعْنى وَهُوَ الْإِيذَاء بالالتفات عِنْد ظن المنادى
وَفِي الخصائص للشَّيْخ سراج الدّين بن الملقن شدّ آخَرُونَ فمنعوا التَّسْمِيَة بإسم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جملَة كَيفَ مَا تكنى حَكَاهُ الشَّيْخ زكي الدّين الْمُنْذِرِيّ
(2/345)
قلت اخْرُج ابْن سعد عَن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم أَن عمر بن الْخطاب جمع كل غُلَام إسمه إسم نَبِي فأدخلهم الدَّار ليغير أسمائهم فجَاء آباؤهم فأقاموا الْبَيِّنَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سمى عامتهم فخلى عَنْهُم قَالَ أَبُو بكر وَكَانَ ابي فيهم
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِفضل التسمي باسمه وَوُجُوب توقيره وتعظيمه واحترامه
أخرج الْبَزَّار وَابْن عدي وَأَبُو يعلى وَالْحَاكِم عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (تسمون أَوْلَادكُم مُحَمَّدًا ثمَّ تلعنونهم)
وَأخرج الْبَزَّار عَن ابي رَافع سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (إِذا سميتم مُحَمَّدًا فَلَا تضربوه وَلَا تحرموه)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من ولد لَهُ ثَلَاثَة فَلم يسم أحدهم مُحَمَّدًا فقد جهل) وَأخرج مثل من حَدِيث وَاثِلَة
وَأخرج ابْن أبي عَاصِم من طَرِيق ابْن أبي فديك عَن جهم بن عُثْمَان عَن ابْن جشيب عَن أَبِيه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (من تسمى بإسمي يَرْجُو بركتي غَدَتْ عَلَيْهِ الْبركَة وراحت إِلَى يَوْم الْقِيَامَة)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِجَوَاز أَن يقسم على الله بِهِ
أخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل والدعوات وَصَححهُ وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة عَن عُثْمَان بن حنيف أَن رجلا ضريرا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ ادْع الله تَعَالَى لي أَن يعاقبني قَالَ إِن شِئْت أخرت ذَلِك وَهُوَ خير لَك وَإِن شِئْت دَعَوْت الله قَالَ فَادعه فَأمره أَن يتَوَضَّأ فَيحسن الْوضُوء وَيُصلي رَكْعَتَيْنِ وَيَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاء اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك وأتوجه إِلَيْك بنبيك مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَبِي الرَّحْمَة يَا
(2/346)
مُحَمَّد إِنِّي أتوجه بك إِلَى رَبِّي فِي حَاجَتي هَذِه فيقضيها لي اللَّهُمَّ شفعه فِي فَفعل الرجل فَقَامَ وَقد أبْصر
دُعَاء رد الْبَصَر للأعمي
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة عَن أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف أَن رجلل كَانَ يخْتَلف إِلَى عُثْمَان بن عَفَّان فِي حَاجَة وَكَانَ عُثْمَان لَا يلْتَفت إِلَيْهِ وَلَا ينظر فِي حَاجته فلقي عُثْمَان بن حنيف فَشَكا إِلَيْهِ ذَلِك فَقَالَ لَهُ أئت الميضأة فَتَوَضَّأ ثمَّ ائْتِ الْمَسْجِد فصلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك وأتوجه إِلَيْك بنبيك مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَبِي الرَّحْمَة يَا مُحَمَّد إِنِّي أتوجه بك إِلَى رَبِّي فَيَقْضِي لي حَاجَتي وَاذْكُر حَاجَتك ثمَّ رح حَتَّى أروح فَانْطَلق الرجل وصنع ذَلِك ثمَّ أَتَى بَاب عُثْمَان بن عَفَّان فجَاء البواب فَأخذ بِيَدِهِ فَأدْخلهُ على عُثْمَان فأجلسه مَعَه على الطنفسة فَقَالَ أنظر مَا كَانَت لَك من حَاجَة ثمَّ أَن الرجل خرج من عِنْده فلقي عُثْمَان بن حنيف فَقَالَ لَهُ جَزَاك الله خيرا مَا كَانَ ينظر فِي حَاجَتي وَلَا يلْتَفت إِلَيّ حَتَّى كَلمته قَالَ مَا كَلمته وَلَكِنِّي رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجَاء ضَرِير فَشَكا إِلَيْهِ ذهَاب بَصَره فَقَالَ لَهُ اَوْ تصبر قَالَ يَا رَسُول الله لَيْسَ لي قَائِد وَقد شقّ عَليّ فَقَالَ ائْتِ الميضأة فَتَوَضَّأ وصل رَكْعَتَيْنِ ثمَّ قل اللَّهُمَّ إنس أَسأَلك وأتوجه إِلَيْك بنبيك مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَبِي الرَّحْمَة يَا مُحَمَّد إِنِّي أتوجه بك إِلَى رَبِّي فيجلي لي عَن بَصرِي اللَّهُمَّ شفعه فِي وشفعني فِي نَفسِي
قَالَ عُثْمَان فو الله مَا تفرقنا حَتَّى دخل الرجل كَأَن لم يكن بِهِ ضَرَر
قَالَ الشَّيْخ عز الدّين بن عبد السَّلَام يَنْبَغِي ان يكون هَذَا مَقْصُورا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَنَّهُ سيد ولد آدم وَأَن لَا يقسم على الله تَعَالَى بِغَيْرِهِ من الْأَنْبِيَاء وَالْمَلَائِكَة والأولياء لأَنهم لَيْسُوا فِي دَرَجَته وَأَن دَرَجَته وَأَن يكون هَذَا مِمَّا خص بِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَنْبِيها على علو دَرَجَته ومرتبته انْتهى
(2/347)
بَاب اخْتِصَاصه بِعَدَمِ جَوَاز الْخَطَأ عَلَيْهِ
قَالَ المارودي فِي تَفْسِيره قَالَ ابْن أبي هُرَيْرَة كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يجوز عَلَيْهِ الْخَطَأ وَيجوز على غَيره من الْأَنْبِيَاء لِأَنَّهُ خَاتم النَّبِيين فَلَيْسَ بعده من يسْتَدرك خطأه بخلافهم فَلذَلِك عصمه الله تَعَالَى مِنْهُ قَالَ الامام الْحق أَنه لَا يخطىء اجْتِهَاده
بَاب اخْتِصَاصه بتفضيل بَنَاته وزوجاته على سَائِر نسَاء الْعَالمين وَأَن ثَوَاب زَوْجَاته وعقابهن مضاعف
قَالَ تعال {يَا نسَاء النَّبِي لستن كَأحد من النِّسَاء} وَقَالَ تَعَالَى {يَا نسَاء النَّبِي من يَأْتِ مِنْكُن} الْآيَتَيْنِ
وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن عَليّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (خير نسائها مَرْيَم وَخير نسائها فَاطِمَة)
وَأخرج الْحَارِث بن أبي أُسَامَة عَن عُرْوَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَرْيَم خير نسَاء عالمها وَفَاطِمَة خير نسَاء عالمها)
وَأخرج أَبُو نعيم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (فَاطِمَة سيدة نسَاء أهل الْجنَّة إِلَّا مَا كَانَ من مَرْيَم بنت عمرَان)
وَأخرج أَبُو نعيم عَن عَليّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ (يَا فَاطِمَة إِن الله يغْضب لغضبك ويرضى لرضاك)
وَأخرج أَبُو نعيم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن فَاطِمَة حصنت فرجهَا فَحَرمهَا الله وذريتها على النَّار)
(2/348)
قَالَ ابْن حجر وَمِمَّا يسْتَدلّ بِهِ على تَفْضِيل بَنَاته على أَزوَاجه مَا أخرجه أَبُو يعلى عَن ابْن عمر أَن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (تزوج حَفْصَة خيرا من عُثْمَان خيرا وَتزَوج عُثْمَان من حَفْصَة)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَرْبَعَة يُؤْتونَ أجرهم مرَّتَيْنِ أَزوَاج رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) الحَدِيث
قَالَ الْعلمَاء الْأجر مرَّتَيْنِ فِي الْآخِرَة وَقيل أَحدهمَا فِي الدُّنْيَا والاخر فِي الْآخِرَة
وَاخْتلف فِي مضاعفة الْعَذَاب فَقيل عَذَاب فِي الدُّنْيَا وَعَذَاب فِي الْآخِرَة وغيرهن إِذا عُوقِبَ فِي الدُّنْيَا لم يُعَاقب فِي الْآخِرَة لِأَن الْحُدُود كَفَّارَات وَقَالَ مقَاتل حدان فِي الدُّنْيَا
قَالَ سعيد بن جُبَير وَكَذَا عَذَاب من فذقهن يُضَاعف فِي الدُّنْيَا فيجلد مائَة وَسِتِّينَ
وَفِي الشِّفَاء للْقَاضِي عِيَاض عَن بَعضهم أَن ذَلِك خَاص بِغَيْر عَائِشَة وَأَن قاذفها يقتل وَقيل يقتل من قذف وَاحِدَة من سائرهن
قَالَ صَاحب التَّلْخِيص قَالَ تَعَالَى {لَئِن أشركت ليحبطن عَمَلك} وَعمل غَيره إِنَّمَا يحبط بِالْمَوْتِ على الْكفْر قَالَ وَقَالَ تَعَالَى فِيهِ {لقد كدت تركن إِلَيْهِم} الْآيَة
(2/349)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بتفضيل أَصْحَابه على جَمِيع الْعَالمين سوى النَّبِيين
أخرج ابْن جرير فِي كتاب السّنة عَن جَابر بن عبد الله قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن الله اخْتَار أَصْحَابِي على جَمِيع الْعَالمين سوى النَّبِيين وَالْمُرْسلِينَ وَاخْتَارَ من أَصْحَابِي أَرْبَعَة أَبَا بكر وَعمر وَعُثْمَان وعليا فجعلهم خير أَصْحَابِي وَفِي أَصْحَابِي كلهم خير وَاخْتَارَ أمتِي على سَائِر الْأُمَم وأختار من امتي أَرْبَعَة قُرُون الْقرن الأول وَالثَّانِي وَالثَّالِث تترى والقرن الرَّابِع فَردا)
قَالَ الْجُمْهُور كل من الصَّحَابَة أفضل من كل من بعده وَإِن رقي فِي الْعلم وَالْعَمَل
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بتفضيل بلديه على سَائِر الْبِلَاد وَبِأَن الدَّجَّال والطاعون لَا يدخلهَا وبفضل مَسْجده على سَائِر الْمَسَاجِد وَبِأَن الْبقْعَة الَّتِي دفن فِيهَا أفضل من الْكَعْبَة وَالْعرش
أخرج احْمَد عَن عبد الله بن الزبير قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (صَلَاة فِي مَسْجِدي هَذَا أفضل من ألف صَلَاة من غَيره من الْمَسَاجِد إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام وَصَلَاة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام افضل من الصَّلَاة فِي مَسْجِدي هَذَا بِمِائَة صَلَاة)
وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن عبد الله بن عدي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لمَكَّة (وَالله إِنَّك لخير أَرض الله وَأحب أَرض الله إِلَى الله)
وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (اللَّهُمَّ إِنَّك أخرجتني من أحب الْبِقَاع إِلَى فاسكني فِي أحب الْبِقَاع إِلَيْك)
وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الْمَدِينَة وَمَكَّة محفوفتان بِالْمَلَائِكَةِ على كل نقب مِنْهَا ملك لَا يدخلهَا الطَّاعُون وَلَا الدَّجَّال)
(2/350)
قَالَ الْعلمَاء مَحل الْخلاف فِي التَّفْضِيل بَين مَكَّة وَالْمَدينَة فِي غير قَبره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أما هُوَ وَأفضل الْبِقَاع بِالْإِجْمَاع بل ة أفضل من الْكَعْبَة بل ذكر ابْن عقيل الْحَنْبَلِيّ أَنه أفضل من الْعَرْش
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي شَرِيعَته بإحلال الْغَنَائِم وَجعل الأَرْض كلهَا مَسْجِدا وَالتُّرَاب طهُورا وَهُوَ التَّيَمُّم بِالْوضُوءِ فِي أحد الْقَوْلَيْنِ
تقدّمت الثَّلَاثَة الأول فِي عدَّة من الْأَحَادِيث السَّابِقَة وَفِي آثَار تقدّمت فِي بَاب ذكره فِي التَّوْرَاة والانجيل
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (فضلت بِأَرْبَع جعلت أَنا وَأمتِي نصف فِي الصَّلَاة كَمَا تصف الْمَلَائِكَة وَجعل الصَّعِيد لي وضُوءًا وَجعلت لي الأَرْض مَسْجِدا وَأحلت لي الْغَنَائِم)
قَالَ الْحَلِيمِيّ يسْتَدلّ لِأَن الْوضُوء من خَصَائِص هَذِه الْأمة بِحَدِيث الصَّحِيحَيْنِ إِن أمتِي يدعونَ يَوْم الْقِيَامَة غرا محجلين من آثَار الْوضُوء)
ورد بِأَن الَّذِي اخْتصّت بِهِ الْغرَّة والتحجيل لَا أصل الْوضُوء كَيفَ وَفِي الحَدِيث هَذَا وضوئي ووضوء الْأَنْبِيَاء من قبلي
قَالَ ابْن حجر وَالْجَوَاب ان هَذَا حَدِيث ضَعِيف وعَلى تَقْدِير ثُبُوته يحْتَمل أَن يكون الْوضُوء من خَصَائِص الْأَنْبِيَاء دون أممهم إِلَّا هَذِه الْأمة
قلت هَذَا الإحتمال قد ورد مَا يُؤَيّدهُ فقد تقدم فِي بَاب ذكره فِي التَّوْرَاة والانجيل فِي صفة أمته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يوضئون أَطْرَافهم رَوَاهُ أَبُو نعيم عَن ابْن مَسْعُود مَرْفُوعا والدارمي عَن كَعْب الْأَحْبَار وللبيهقي عَن وهب افترضت عَلَيْهِم أَن يَتَطَهَّرُوا فِي كلا صَلَاة كَمَا افترضت على الْأَنْبِيَاء
ثمَّ رَأَيْت الطَّبَرَانِيّ أخرج فِي الْأَوْسَط بِسَنَد فِيهِ ابْن لَهِيعَة عَن بُرَيْدَة قَالَ دَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِوضُوء فَتَوَضَّأ وَاحِدَة وَاحِدَة فَقَالَ هَذَا الْوضُوء الَّذِي لَا يقبل الله الصَّلَاة إِلَّا بِهِ ثمَّ تَوَضَّأ إثنتين إثنتين فَقَالَ هَذَا وضوء الْأُمَم قبلكُمْ ثمَّ
(2/351)
تَوَضَّأ ثَلَاثًا ثَلَاثًا فَقَالَ هَذَا وضوئي ووضوء الْأَنْبِيَاء من قبلي وَفِي هَذَا تَصْرِيح بِكَوْن الْوضُوء للأمم السَّابِقَة ثمَّ فِيهِ خُصُوصِيَّة لنا عَنْهُم وَهُوَ التثليت كَمَا كَانَ للأنبياء
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَجْمُوع الصَّلَوَات الْخمس وَلم تجمع لأحد وَبِأَنَّهُ أول من صلى الْعشَاء وَلم يصلها نَبِي قبله
أخرج الطَّحَاوِيّ عَن عبيد الله بن مُحَمَّد بن عَائِشَة قَالَ إِن آدم لما تيب عَلَيْهِ عِنْد الْفجْر صلى رَكْعَتَيْنِ فَصَارَت الصُّبْح وفدى إِسْحَاق عِنْد الظّهْر فصلى إِبْرَاهِيم أَرْبعا فَصَارَت الظّهْر وَبعث عُزَيْر فَقيل لَهُ كم لَبِثت قَالَ يَوْمًا فَرَأى الشَّمْس فَقَالَ أَو بعض يَوْم فصلى أَربع رَكْعَات فَصَارَت الْعَصْر وغفرلداود عِنْد الْمغرب فَقَامَ فصلى أَربع رَكْعَات فجهد فَجَلَسَ فِي الثَّالِثَة فَصَارَت الْمغرب ثَلَاثًا وَأول من صلى الْعشَاء الْآخِرَة نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
واخرج البُخَارِيّ عَن أبي مُوسَى قَالَ أعتم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة بالعشاء حَتَّى ابهار اللَّيْل ثمَّ خرج فصلى فَلَمَّا قضى صلَاته قَالَ لمن حَضَره (ابشروا فَإِن من نعْمَة الله عَلَيْكُم أَنه لَيْسَ أحد من النَّاس يُصَلِّي هَذِه السَّاعَة غَيْركُمْ أَو قَالَ مَا صلى هَذِه السَّاعَة أحد غَيْركُمْ
وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ أخر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة الْعشَاء ثمَّ خرج إِلَى الْمَسْجِد فَإِذا النَّاس ينتظرون الصَّلَاة فَقَالَ (أما أَنه لَيْسَ من أهل هَذِه الْأَدْيَان أحد يذكر الله هَذِه السَّاعَة غَيْركُمْ)
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن معَاذ بن جبل قَالَ أخر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة الْعَتَمَة لَيْلَة حَتَّى ظن الظَّان أَن قد صلى ثمَّ خرج فَقَالَ (أعْتِمُوا بِهَذِهِ الصَّلَاة فَإِنَّكُم فضلْتُمْ بهَا على سَائِر الْأُمَم وَلم تصلها أمة قبلكُمْ)
(2/352)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْجمعَةِ والتأمين واستقبال الْكَعْبَة والصف فِي الصَّلَاة كصف الْمَلَائِكَة وتحية السَّلَام
أخرج مُسلم عَن حُذَيْفَة وَأبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (أضلّ الله عَن الْجُمُعَة من كَانَ قبلنَا فَكَانَ للْيَهُود يَوْم السبت وَكَانَ لِلنَّصَارَى يَوْم الْأَحَد وَكَذَلِكَ هم تبع لنا يَوْم الْقِيَامَة نَحن الاخرون من أهل الدُّنْيَا الْأَولونَ يَوْم الْقِيَامَة الْمقْضِي لَهُم قبل الْخَلَائق)
وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق الرّبيع بن أنس قَالَ ذكر لنا عَن أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا سعوا من عُلَمَاء بني إِسْرَائِيل أَن يحيى بن زَكَرِيَّا عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام أرسل بِخمْس كَلِمَات وَأَنه من يعْمل بِهن حَتَّى يَمُوت فَإِنَّهُ لَا حِسَاب عَلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة أَن يعبدوا الله وَلَا يشركوا بِهِ شَيْئا وَالصَّلَاة وَالصَّدَََقَة وَالصِّيَام وَذكر الله وَأَن الله أعْطى مُحَمَّدًا هَؤُلَاءِ الْخمس وَزَاد مَعَه خمْسا أخر الْجُمُعَة والسمع وَالطَّاعَة وَالْهجْرَة وَالْجهَاد
وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (أَنهم لَا يحسدونا على شَيْء كَمَا حسدونا على الْجُمُعَة الَّتِي هدَانَا الله لَهَا وَضَلُّوا عَنْهَا وعَلى الْقبْلَة الَّتِي هدَانَا الله لنا وَضَلُّوا عَنْهَا وعَلى قَوْلنَا خلف الإِمَام آمين)
وَأخرج ابْن ماجة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَا حسدتكم الْيَهُود على شَيْء مَا حسدتكم على السَّلَام والتامين)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن معَاذ بن جبل أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِن الْيَهُود لم يحسدوا الْمُسلمين على أفضل من ثَلَاث رد السَّلَام وَإِقَامَة الصُّفُوف وَقَوْلهمْ خلف إمَامهمْ فِي الْمَكْتُوبَة آمين)
وَأخرج الْحَارِث بن أبي أُسَامَة فِي مُسْنده عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَعْطَيْت ثَلَاث خِصَال أَعْطَيْت صَلَاة فِي الصُّفُوف وَأعْطيت السَّلَام وَهِي تَحِيَّة
(2/353)
أهل الْجنَّة وَأعْطيت آمين وَلم يُعْطهَا أحد مِمَّن كَانَ قبلكُمْ إِلَّا أَن يكون الله أَعْطَاهَا هَارُون فَإِن مُوسَى كَانَ يَدْعُو ويؤمن هَارُون
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن حُذَيْفَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (فضلت على النَّاس بِثَلَاث جعلت الأَرْض كلهَا لنا مَسْجِدا وَجعلت تربَتهَا لنا طهُورا وَجعلت صُفُوفنَا كَصُفُوف الْمَلَائِكَة وأتيت هَؤُلَاءِ الْآيَات من آخر سُورَة الْبَقَرَة من كنز تَحت الْعَرْش لم يُعْطه مِنْهُ أحد قبلي وَلَا يعْطى مِنْهُ أحد بعدِي
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالآذان وَالْإِقَامَة
أخرج سعيد بن مَنْصُور عَن أبي عُمَيْر بن أنس قَالَ أَخْبرنِي عمومة لي من الْأَنْصَار قالو اهتم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالصَّلَاةِ كَيفَ يجمع النَّاس لَهَا فَقيل لَهُ أنصب راية عِنْد حُضُور الصَّلَاة فَلم يُعجبهُ ذَلِك فَذكر لَهُ القنع فَلم يُعجبهُ ذَلِك وَقَالَ هُوَ من أَمر الْيَهُود وَذكر لَهُ الناقوس فَلم يُعجبهُ ذَلِك وَقَالَ هُوَ من امْر النَّصَارَى فَانْصَرف عبد الله بن زيد وَهُوَ مهتم فأري الآذان فِي مَنَامه
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالرُّكُوعِ فِي الصَّلَاة وبالجماعة فِيهَا
ذكر جمَاعَة من الْمُفَسّرين فِي قَوْله تَعَالَى {واركعوا مَعَ الراكعين} أَن مَشْرُوعِيَّة الرُّكُوع فِي الصَّلَاة خَاص بِهَذِهِ الْملَّة وَأَنه لَا رُكُوع فِي صَلَاة بني إِسْرَائِيل وَلذَا أَمرهم بِالرُّكُوعِ مَعَ أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
(2/354)
قلت وَقد يسْتَدلّ لَهُ بِمَا أخرجه الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن عَليّ قَالَ أول صَلَاة ركعنا فِيهَا صَلَاة الْعَصْر فَقلت يَا رَسُول الله مَا هَذَا قَالَ (بِهَذَا أمرت)
وَوجه الإستدلال أَنه صلى قبل ذَلِك صَلَاة الظّهْر وَصلى قبل فرض الصَّلَوَات الْخمس قيام اللَّيْل وَغير ذَلِك فكون الصَّلَاة السَّابِقَة بِلَا رُكُوع قرينَة لخلو صَلَاة الْأُمَم السَّابِقَة مِنْهُ
وَذكر ابْن فرشته فِي شرح الْمجمع فِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من صلى صَلَاتنَا واستقبل قبلتنا فَهُوَ منا) أَرَادَ بقوله اللَّهُمَّ صَلَاتنَا الصَّلَاة بِالْجَمَاعَة لِأَن الصَّلَاة مُنْفَردا مَوْجُودَة فِيمَن قبلنَا
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقوله رَبنَا وَلَك الْحَمد
أخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لم تحسدنا الْيَهُود بِشَيْء حسدنا بِثَلَاث التَّسْلِيم والتأمين واللهم رَبنَا لَك الْحَمد
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالصَّلَاةِ فِي النَّعْلَيْنِ
أخرج سعيد بن مَنْصُور عَن شَدَّاد بن أَوْس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (صلوا فِي نعالكم وَلَا تشبهوا باليهود)
وَأخرجه أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنتهما بِلَفْظ خالفوا الْيَهُود فَإِنَّهُم لَا يصلونَ فِي خفافهم لَا ونعالهم)
(2/355)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِكَرَاهَة الصَّلَاة فِي الْمِحْرَاب
وَقد كَانَ لمن قبلنَا قَالَ تَعَالَى {فنادته الْمَلَائِكَة وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي فِي الْمِحْرَاب}
أخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن مُوسَى الْجُهَنِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا تزَال أمتِي بِخَير مَا لم يتخذوا فِي مَسَاجِدهمْ مذابح كمذابح النَّصَارَى)
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبيد بن أبي الْجَعْد قَالَ كَانَ أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُونَ إِن من إشراط السَّاعَة أَن تتَّخذ المذابح فِي الْمَسَاجِد يَعْنِي الطاقات
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ اتقو هَذِه المحاريب
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي ذَر قَالَ إِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن تتَّخذ المذابح فِي الْمَسَاجِد
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ أَنه كره الصَّلَاة فِي الطاق
وَأخرج مثله عَن الْحسن وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَسَالم بن أبي الْجَعْد وَأبي خَالِد الْوَالِبِي
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَمْرو مَرْفُوعا اتَّقوا هَذِه المذابح يَعْنِي المحاريب
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالحوقلة والإسترجاع عِنْد الْمُصِيبَة وافتتاح الصَّلَاة بِالتَّكْبِيرِ
تقدم حَدِيث الحوقلة فِي بَاب شرح الصَّدْر وَرفع الذّكر وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَعْطَيْت أمتِي شَيْئا لم يُعْطه أحد من الْأُمَم أَن يقولو عِنْد الْمُصِيبَة إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون)
(2/356)
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير فِي تفسيرهما عَن سعيد بن جُبَير قَالَ لم يُعْط أحد الإسترجاع غير هَذِه الْأمة أَلا تَسْمَعُونَ إِلَى قَول يَعْقُوب عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام يَا أسفا على يُوسُف
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف إِنَّا معمر عَن أبان قَالَ لم يُعْط التَّكْبِير أحد إِلَّا هَذِه الْأمة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن أبي الْعَالِيَة أَنه سُئِلَ بِأَيّ شَيْء كَانَ الْأَنْبِيَاء يستفتحون الصَّلَاة قَالَ بِالتَّوْحِيدِ وَالتَّسْبِيح والتهليل
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن أَن أمته تغْفر لَهُم الذُّنُوب بالإستغفار وَبِأَن النَّدَم هم تَوْبَة ويأكلون صَدَقَاتهمْ فِي بطونهم ويثابون عَلَيْهَا ويعجل لَهُم الثَّوَاب فِي الدُّنْيَا مَعَ إدخاره فِي الْآخِرَة وَمَا دعوا الله اسْتُجِيبَ لَهُم
تقدّمت أَحَادِيث أَكثر هَذِه الْخِصَال فِي بَاب ذكره فِي التَّوْرَاة والانجيل
وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن كَعْب قَالَ أَعْطَيْت هَذِه الْأمة ثَلَاث خِصَال لم يُعْطهَا إِلَّا الْأَنْبِيَاء كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُقَال لَهُ بلغ وَلَا حرج وَأَنت شَهِيد على قَوْمك وادع أجبك وَقَالَ لهَذِهِ الْأمة {وَمَا جعل عَلَيْكُم فِي الدّين من حرج} وَقَالَ {لِتَكُونُوا شُهَدَاء على النَّاس} وَقَالَ {ادْعُونِي أَسْتَجِب لكم}
وَأخرج النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن أبي هُرَيْرَة فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَا كنت بِجَانِب الطّور إِذْ نادينا} قَالَ نُودُوا يَا أمة مُحَمَّد استجبت لكم قبل أَن تَدعُونِي وأعطيتكم قبل أَن تَسْأَلُونِي
(2/357)
وَأخرج أَبُو نعيم عَن عَمْرو بن عبسة قَالَ سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَوْله تَعَالَى {وَمَا كنت بِجَانِب الطّور إِذْ نادينا} مَا كَانَ النداء وَمَا كَانَت الرَّحْمَة قَالَ كتاب الله كتبه الله قبل أَن يخلق خلقه بألفي عَام ثمَّ نَادَى يَا أمة مُحَمَّد سبقت رَحْمَتي غَضَبي أَعطيتكُم قبل ان تَسْأَلُونِي وغفرت لكم قبل أَن تستغفروني فَمن لَقِيَنِي مِنْكُم يشْهد مِنْكُم يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا عَبدِي ورسولي أدخلته الْجنَّة
وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم عَن ابْن مَسْعُود مَرْفُوعا النَّدَم وَالتَّوْبَة قَالَ بَعضهم كَون النَّدَم تَوْبَة من خَصَائِص هَذِه الْأمة
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بساعة الْإِجَابَة وبليلة الْقدر وبشهر رَمَضَان وبالخصال الْخمس المكفرة فِيهِ وبعيد الْأَضْحَى وبالنحر وَكَانَ لأهل الْكتاب الذّبْح وباللحد زكان لأهل الْكتاب الشق وبالسحور وبتعجيل الْفطر وبإباحة الْأكل وَالشرب وَالْجِمَاع لَيْلًا إِلَى الْفجْر وبيوم عَرَفَة فِيمَا ذكره القونوي فِي شرح التعرف وبجعل صَوْم عَرَفَة كَفَّارَة سنتَيْن
قَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب لَيْلَة الْقدر مُخْتَصَّة بِهَذِهِ الْأمة زَادهَا الله تَعَالَى شرفا لم تكن لمن كَانَ قبلنَا
قَالَ مَالك فِي الْمُوَطَّأ بَلغنِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أرى أَعمار النَّاس قبله اَوْ مَا شَاءَ الله من ذَلِك فَكَأَنَّهُ تقاصر أَعمار أمته أَن لَا يبلغُوا من الْعَمَل الَّذِي بلغه غَيرهم فِي طول الْعُمر فَأعْطَاهُ الله لَيْلَة الْقدر خبر من ألف شهر وَله شَوَاهِد بينتها فِي التَّفْسِير الْمسند
وَأخرج الديلمي عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن الله وهب لأمتي لَيْلَة الْقدر وَلم يُعْطهَا من كَانَ قبلهم)
(2/358)
وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء فِي قَوْله تَعَالَى {كتب عَلَيْكُم الصّيام كَمَا كتب على الَّذين من قبلكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون أَيَّامًا معدودات} قَالَ كتب عَلَيْكُم الصّيام ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر وَكَانَ هَذَا صِيَام النَّاس قبل ذَلِك ثمَّ فرض الله شهر رَمَضَان
وَأخرج ابْن جرير عَن السدى فِي قَوْله تَعَالَى {كَمَا كتب على الَّذين من قبلكُمْ} قَالَ الَّذين من قبلنَا هم النَّصَارَى كتب عَلَيْهِم رَمَضَان وَكتب عَلَيْهِم أَن لَا يَأْكُلُوا وَلَا يشْربُوا بعد النّوم وَلَا ينكحوا النِّسَاء شهر رَمَضَان فَاشْتَدَّ على النَّصَارَى صِيَام رَمَضَان فَاجْتمعُوا فَجعلُوا صياما فِي الْفَصْل بَين الشتَاء والصيف وَقَالُوا نزيد عشْرين يَوْمًا نكفر بهَا مَا صنعنَا فَلم يزل الْمُسلمُونَ يصنعون كَمَا تصنع النَّصَارَى حَتَّى كَانَ كَانَ من امْر أبي قيس بن صرمة وَعمر بن الْخطاب مَا كَانَ فأحل الله تَعَالَى لَهُم الْأكل وَالشرب وَالْجِمَاع إِلَى طُلُوع الْفجْر
وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَعْطَيْت أمتِي فِي رَمَضَان خمس خِصَال لم يُعْطهنَّ أمة كَانَت قبلهم خلوف فَم الصَّائِم أطيب عِنْد الله من رَائِحَة الْمسك وَتَسْتَغْفِر لَهُم الْمَلَائِكَة حَتَّى يفطروا وتصفد مرده الشَّيَاطِين فَلَا يصلونَ فِيهِ إِلَى مَا كَانُوا يصلونَ إِلَيْهِ ويزين الله جنته فِي كل يَوْم فَيَقُول يُوشك عبَادي الصالحون أَن يلْقوا عَنْهُم الْمُؤْنَة ويصيروا إِلَيْك وَيغْفر لَهُم فِي آخر لَيْلَة من رَمَضَان فَقَالُوا يَا رَسُول الله هِيَ لَيْلَة الْقدر قَالَ لَا وَلَكِن الْعَامِل إِنَّمَا يُوفي أجره عِنْد إنقضاء عمله
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَمْرو وَأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (أمرت بعيد الْأَضْحَى جعله الله لهَذِهِ الْأمة)
وَأخرج مُسلم عَن عَمْرو بن الْعَاصِ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (فضل مَا بَين صيامنا وَصِيَام أهل الْكتاب آكِلَة السحر)
(2/359)
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا يزَال هَذَا الدّين ظَاهرا مَا عجل النَّاس الْفطر أَن الْيَهُود وَالنَّصَارَى يؤخرون)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر فِي تفسيرهما عَن مُجَاهِد وَعِكْرِمَة قَالَا كَانَ لبني إِسْرَائِيل الذّبْح وَأَنْتُم لكم النَّحْر ثمَّ قَرَأَ {فذبحوها} {فصل لِرَبِّك وانحر}
وَأخرج الْأَرْبَعَة عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (اللَّحْد لنا والشق لغيرنا)
وَأخرج أَحْمد عَن جرير بن عبد الله البَجلِيّ ان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (اللَّحْد لنا والشق لأهل الْكتاب)
وَأخرج مُسلم عَن أبي قَتَادَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن صَوْم يَوْم عَاشُورَاء فَقَالَ يكفر السّنة الْمَاضِيَة وَسُئِلَ عَن صَوْم يَوْم عَرَفَة قَالَ يكفر السّنة الْمَاضِيَة والباقية
قَالَ الْعلمَاء وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِك لِأَن يَوْم عرفه سنة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيَوْم عَاشُورَاء سنة مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَجعل سنة نَبينَا تضَاعف على سنة مُوسَى فِي الْأجر
وَيقرب من ذَلِك مَا أخرجه الْحَاكِم عَن سُلَيْمَان قَالَ قلت يَا رَسُول الله قَرَأت فِي التَّوْرَاة بركَة الطَّعَام الْوضُوء قبله فَقَالَ بركَة الطَّعَام الْوضُوء قبله وَبعده وَقد روى الْحَاكِم فِي تَارِيخ نيسابور عَن عَائِشَة مَرْفُوعا الْوضُوء قبل الطَّعَام حَسَنَة وَبعده حَسَنَتَانِ
(2/360)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم الْكَلَام فِي الصَّلَاة وبإباحة الْكَلَام فِي الصَّوْم على الْعَكْس مِمَّا كَانَ من قبلنَا
أخرج سعيد بن مَنْصُور فِي سنَنه عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة وَالنَّاس يَتَكَلَّمُونَ فِي الصَّلَاة فِي حوائجهم كَمَا يتَكَلَّم أهل الْكتاب فِي الصَّلَاة فِي حوائجهم حَتَّى نزلت هَذِه الْآيَة {وَقومُوا لله قَانِتِينَ}
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {وَقومُوا لله قَانِتِينَ} قَالَ كل أهل دين يقومُونَ فِيهَا يَعْنِي يَتَكَلَّمُونَ فَقومُوا أَنْتُم لله مُطِيعِينَ
وَقَالَ ابْن الْعَرَبِيّ فِي شرح التِّرْمِذِيّ كَانَ من قبلنَا من الْأُمَم صومهم الْإِمْسَاك عَن الْكَلَام مَعَ الطَّعَام وَالشرَاب فكانو فِي حرج فأرخص الله لهَذِهِ الْأمة بِحَذْف نصف زمانها وَهُوَ اللَّيْل وَحذف نصف صَومهَا وَهُوَ الْإِمْسَاك عَن الْكَلَام وَرخّص لَهَا فِيهِ
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن أمته خير الْأُمَم وَآخر الْأُمَم ففضحت الْأُمَم عِنْدهم وَلم يفضحوا وَأَنَّهُمْ ميسرون لحفظ كِتَابهمْ فِي صُدُورهمْ وَأَنَّهُمْ أشتق لَهُم إسمان من أَسمَاء الله تَعَالَى الْمُسلمُونَ والمؤمنون وسمى دينهم الْإِسْلَام وَلم يُوصف بِهَذَا الْوَصْف إِلَّا الْأَنْبِيَاء دون أممهم
قَالَ تَعَالَى {كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس} وَقَالَ تَعَالَى {وَلَقَد يسرنَا الْقُرْآن للذّكر} وَقَالَ عز وَجل {هُوَ سَمَّاكُم الْمُسلمين من قبل وَفِي هَذَا}
(2/361)
أخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة وَالْحَاكِم عَن مُعَاوِيَة بن حيدة أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله تَعَالَى {كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس} قَالَ إِنَّكُم تتمون سبعين أمة أَنْتُم خَيرهَا واكرمها على الله تَعَالَى
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي بن كَعْب قَالَ لم تكن أمة أَكثر استجابة فِي الْإِسْلَام من هَذِه الْأمة فَمن ثمَّ قَالَ تَعَالَى {كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس}
وَأخرج ابْن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن مَكْحُول قَالَ كَانَ لعمر على رجل من الْيَهُود حق فَأَتَاهُ يَطْلُبهُ فَقَالَ عمر لَا وَالَّذِي اصْطفى مُحَمَّدًا على الْبشر لَا أُفَارِقك فَقَالَ الْيَهُودِيّ وَالله مَا اصْطفى الله مُحَمَّدًا على الْبشر فَلَطَمَهُ عمر فَأتى الْيَهُودِيّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ فَقَالَ (أما أَنْت يَا عمر فأرضه من لطمته بل يَا يَهُودِيّ آدم صفي الله وَإِبْرَاهِيم خَلِيل الله ومُوسَى نجي الله وَعِيسَى روح الله وَأَنا حبيب الله بل يَا يَهُودِيّ تسمى الله باسمين سمي بهما أمتِي هُوَ السَّلَام وسمى بهَا أمتِي الْمُسلمين وَهُوَ الْمُؤمن وسمى بهَا أمتِي الْمُؤمنِينَ بل يَا يَهُودِيّ طلبتم يَوْمًا دخر لنا الْيَوْم وَلكم غَد وَبعد غَد لِلنَّصَارَى بل يَا يَهُودِيّ أَنْت الْأَولونَ وَنحن الْآخرُونَ السَّابِقُونَ يَوْم الْقِيَامَة بل أَن الْجنَّة مُحرمَة على النبياء حَتَّى أدخلها وَهِي مُحرمَة على الْأُمَم حَتَّى تدْخلهَا أمتِي وَتقدم الحَدِيث أَنَاجِيلهمْ فِي صُدُورهمْ فِي بَاب ذكره فِي التَّوْرَاة والانجيل وَحَدِيث كَونهم آخر الْأُمَم قَرِيبا
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالعذبة فِي الْعِمَامَة والإئتزار فِي الأوساط وَكِلَاهُمَا سيماء الْمَلَائِكَة
تقدم ذَلِك فِي أَحَادِيث وصف أمته فِي بَاب ذكره فِي التَّوْرَاة والأنجيل وَلَفظه ويأتزرون على أوساطهم
وَأخرج الديلمي من طَرِيق عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إئتزروا كَمَا رَأَيْت الْمَلَائِكَة تأتزر عِنْد رَبهَا إِلَى أَنْصَاف سوقها)
(2/362)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْكُم بالعمائم وأرخوها خلف ظهوركم فَإِنَّهَا سيماء الْمَلَائِكَة
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عَائِشَة قَالَت عمم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَترك من عمَامَته مثل ورق الْعشْر ثمَّ قَالَ (رَأَيْت الْمَلَائِكَة معتمين)
وَذكر ابْن تَيْمِية أَن أصل العذبة أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما رأى ربه وَاضِعا يَده بَين كَتفيهِ أكْرم ذَلِك الْموضع بالعذبة لَكِن قَالَ الْعِرَاقِيّ لم نجد لذَلِك أصلا
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن أمته وضع عَنْهُم الأصر الَّذِي كَانَ على الْأُمَم قبلهم وَأحل لَهُم كثيرا مِمَّا شدد على من قبلهم وَلم يَجْعَل عَلَيْهِم فِي الدّين من حرج وَرفع عَنْهُم الْمُؤَاخَذَة بالْخَطَأ وَالنِّسْيَان وَمَا اسْتكْرهُوا عَلَيْهِ وَحَدِيث النَّفس وَأَن من هم مِنْهُم بسيئة لم تكْتب سَيِّئَة بل تكْتب حَسَنَة وَمن هم بحسنة كتبت حَسَنَة فَإِن عَملهَا كتبت عشرا وَوضع عَنْهُم قتل النَّفس فِي التَّوْبَة وقرض مَوضِع النَّجَاسَة وَربع المَال فِي الزَّكَاة وَمَا دعوا بِهِ اسْتُجِيبَ لَهُم وَشرع لَهُم التَّخْيِير بَين الْقصاص وَالدية وَنِكَاح أَربع وَرخّص لَهُم فِي نِكَاح غير ملتهم وَفِي نِكَاح الْأمة وَفِي مُخَالطَة الْحَائِض سوى الوطىء وَفِي آتيان المراة على أَي شقّ شاؤا وَحرم عَلَيْهِم كشف الْعَوْرَة والتصوير وَشرب الْمُسكر
قَالَ تعال {وَمَا جعل عَلَيْكُم فِي الدّين من حرج} وَقَالَ تَعَالَى {يُرِيد الله بكم الْيُسْر وَلَا يُرِيد بكم الْعسر} وَقَالَ عز وَجل {رَبنَا لَا تُؤَاخِذنَا إِن نَسِينَا أَو أَخْطَأنَا رَبنَا وَلَا تحمل علينا إصرا كَمَا حَملته على الَّذين من قبلنَا} وَقَالَ تَعَالَى {وَيَضَع عَنْهُم إصرهم والأغلال الَّتِي كَانَت عَلَيْهِم} وَقَالَ تَعَالَى (وَإِذا سَأَلَك عبَادي عني فَإِنِّي قريب أُجِيب دَعْوَة الداع إِذا دعان) الْآيَة
(2/363)
أخرج ابْن أبي حَاتِم فِي تَفْسِيره عَن ابْن سِيرِين قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَة لِابْنِ عَبَّاس إِن الله تَعَالَى يَقُول {مَا جعل عَلَيْكُم فِي الدّين من حرج} إِمَّا علينا من حرج أَن نزني أَو نَسْرِق قَالَ بلَى وَلَكِن الإصر الَّذِي على بني إِسْرَائِيل وضع عَنْكُم
وَأخرج الْفِرْيَانِيُّ فِي تَفْسِيره عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ مَا بعث الله تَعَالَى من نَبِي وَلَا أرسل من رَسُول أنزل عَلَيْهِم الْكتاب إِلَّا أنزل الله عَلَيْهِ هَذِه الْآيَة {وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبكُمْ بِهِ الله} الْآيَة فَكَانَت الْأُمَم تَأتي على أنبيائها ورسلها وَيَقُولُونَ نؤاخذ بِمَا تحدث بِهِ أَنْفُسنَا وَلم تعمله جوارحنا فيكفرون ويضلون فَلَمَّا نزلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اشْتَدَّ على الْمُسلمين مَا اشْتَدَّ على الْأُمَم قبلهم فَقَالُوا يَا رَسُول الله أنؤاخذ بِمَا تحدث بِهِ أَنْفُسنَا وَلم تعمله جوارحنا قَالَ (نعم فَاسْمَعُوا وَأَطيعُوا واطلبوا إِلَى ربكُم فَذَلِك قَوْله تَعَالَى {آمن الرَّسُول} الْآيَة فَوضع الله عَنْهُم حَدِيث النَّفس إِلَّا مَا عملت الْجَوَارِح {لَهَا مَا كسبت} من خير {وَعَلَيْهَا مَا اكْتسبت} من شَرّ
وَأخرج مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما نزلت هَذِه الْآيَة {إِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبكُمْ بِهِ الله} دخل فِي قُلُوبهم مِنْهُ شَيْء لم يدْخل من شَيْء فَقَالُوا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ (قُولُوا سمعنَا وأطعنا وَسلمنَا) فَألْقى الله الْإِيمَان فِي قُلُوبهم فَأنْزل الله {آمن الرَّسُول} إِلَى آخر السُّورَة
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن الله تجَاوز لي عَن أمتِي مَا حدثت بِهِ أَنْفسهَا مَا لم تَتَكَلَّم أَو تعْمل بِهِ)
وَأخرج أَحْمد وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَابْن ماجة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن الله وضع عَن أمتِي الْخَطَأ وَالنِّسْيَان وَمَا اسْتكْرهُوا عَلَيْهِ)
وَأخرج ابْن ماجة عَن أبي ذَر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن الله تجَاوز لي عَن أمتِي الْخَطَأ وَمَا اسْتكْرهُوا عَلَيْهِ)
(2/364)
وَأخرج أَحْمد وابو بكر الشَّافِعِي فِي الغيلانيات وَأَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان قَالَ سجد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا فَلم يرفع حَتَّى ظننا أَن نَفسه قد قبضت فِيهَا فَلَمَّا رفع قَالَ (إِن رَبِّي استشارني فِي أمتِي مَاذَا يفعل بهم فَقلت مَا شِئْت يَا رب خلقك وعبادك فاستشارني الثَّانِيَة فَقلت لَهُ ذَلِك فاستشارني الثَّالِثَة فَقلت لَهُ ذَلِك فَقَالَ لي إِنِّي لن أخزيك فِي أمتك وبشرني أَن أول من يدْخل الْجنَّة معي من أمتِي سَبْعُونَ ألفا مَه كل ألف سَبْعُونَ ألفا لَيْسَ عَلَيْهِم حِسَاب ثمَّ أرسل إِلَيّ أدع تجب وسل تعط وَأَعْطَانِي ان غفرلي مَا تقدم من ذَنبي وَمَا تَأَخّر وَأَنا أَمْشِي حَيا صَحِيحا وَشرح لي صَدْرِي وَأَنه أَعْطَانِي أَن لَا تخزى أمتِي وَلَا تغلب وَأَنه أَعْطَانِي الْكَوْثَر نَهرا فِي الْجنَّة يسيل فِي حَوْضِي وَأَنه أَعْطَانِي الْقُوَّة والنصر والرعب يسْعَى بَين يَدي شهرا وَأَنه أَعْطَانِي إِنِّي أول الْأَنْبِيَاء دُخُولا الْجنَّة وَطيب لأمتي الْغَنِيمَة وَأحل لنا كثيرا مِمَّا شدد على من قبلنَا وَلم يَجْعَل علينا فِي الدّين من حرج فَلم أجد لي شكرا إِلَّا هَذِه السَّجْدَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر فِي تَفْسِيره وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن مَسْعُود أَنه ذكر عِنْده بَنو إِسْرَائِيل وَمَا فَضلهمْ الله بِهِ فَقَالَ كَانَ بَنو إِسْرَائِيل إِذا أذْنب أحدهم ذَنبا أصبح وَقد كتب كَفَّارَته على أُسْكُفَّة بَابه وَجعلت كَفَّارَة ذنوبكم قولا تقولونه تستغفرون الله تَعَالَى فَيغْفر لكم وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لقد أَعْطَانَا الله آيَة لهي أحب إِلَيّ من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا والذيم إِذا فعلو فَاحِشَة اللآية
وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ قَالَ رجل يَا رَسُول الله لَو كَانَت كفارتنا ككفارات بني إِسْرَائِيل فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَا أَعْطَاكُم الله خير كَانَت بَنو إِسْرَائِيل إِذا أصَاب أحدهم الْخَطِيئَة وجدهَا مَكْتُوبَة على بَابه وكفارتها فَإِن كفرها كَانَ لَهُ خزي فِي الدُّنْيَا وَإِن لم يكفرهَا كَانَت لَهُ خزي فِي الْآخِرَة وَقد أَعْطَاكُم الله خَبرا من ذَلِك قَالَ {وَمن يعْمل سوءا أَو يظلم نَفسه} والصلوات الْخمس وَالْجُمُعَة إِلَى الْجُمُعَة كَفَّارَات لما بَينهُنَّ)
(2/365)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَالب فِي قصَّة الَّذين عبدُوا الْعجل قَالَ قَالَ لمُوسَى مَا تَوْبَتنَا قَالَ يقتل بَعْضكُم بَعْضًا فَأخذُوا السكاكين فَجعل الرجل يقتل أَخَاهُ وأباه وَأمه لَا يُبَالِي من قتل
وَأخرج ابْن ماجة عَن عبد الرَّحْمَن بن حَسَنَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (كَانَ بَنو إِسْرَائِيل إِذا أَصَابَهُم الْبَوْل قرضوه بِالْمَقَارِيضِ فنهاهم رجل مِنْهُم فعذب فِي قَبره)
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي مُوسَى أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِن بني إِسْرَائِيل كَانَ إِذا أصَاب أحدهم الْبَوْل قرضه بالمقراض)
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن عَائِشَة قَالَت دخلت على امْرَأَة من الْيَهُود الْآيَة فَقَالَت إِن عَذَاب الْقَبْر من الْبَوْل قلت كذبت قَالَت بلَى إِنَّه ليقرض مِنْهُ الْجلد وَالثَّوْب فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صدقت)
وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أنس أَن الْيَهُود كَانُوا إِذا حَاضَت الْمَرْأَة فيهم لم يواكلوها وَلم يجامعوها فِي الْبيُوت فَسَأَلَ أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله تَعَالَى ويسئلونك عَن الْمَحِيض فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (اصنعوا كل شَيْء إِلَّا النِّكَاح) فَقَالَ الْيَهُود مَا يُرِيد هَذَا الرجل أَن يدع من أمرنَا شَيْئا إِلَّا خَالَفنَا فِيهِ
وَفِي كتب التَّفْسِير كَانَت النَّصَارَى يُجَامِعُونَ الْحيض وَلَا يبالون الْحيض وَكَانَت الْيَهُود يعتزلونهن فِي كل شَيْء فَأمر الله بِالْقَصْدِ بَين الْأَمريْنِ
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ أهل الْكتاب لَا يأْتونَ النِّسَاء إِلَّا على حرف وَذَلِكَ أستر مَا تكون الْمَرْأَة وَكَانَ هَذَا الْحَيّ من الْأَنْصَار قد أخذُوا بذلك من فعلهم كَانُوا يرَوْنَ أَن لَهُم فضلا على غَيرهم من الْعلم فَأنْزل الله تَعَالَى {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} مقبلات ومدبرات ومستلقيات
(2/366)
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن مرّة الْهَمدَانِي قَالَ كَانَ الْيَهُود يكْرهُونَ الأبراك فَنزلت (نِسَاؤُكُمْ حرث لكم) الْآيَة فَرخص الله للْمُسلمين أَن يَأْتُوا النِّسَاء فِي الْفروج كَيفَ شَاءُوا أَنِّي شَاءُوا من بَين أَيْدِيهنَّ أَو من خلفهن
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْمعرفَة عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعُثْمَان بن مَظْعُون إِنَّهَا لم تكْتب علينا الرهبانية وَإِن رَهْبَانِيَّة أمتِي الْجُلُوس فِي الْمَسَاجِد انتظارا للصلوات وَالْحج وَالْعمْرَة
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (لكل نَبِي رَهْبَانِيَّة ورهبانية هَذِه الْأمة الْجِهَاد فِي سَبِيل الله)
وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن أبي أُمَامَة أَن رجلا قَالَ يَا رَسُول الله ائْذَنْ لي فِي السياحة فَقَالَ (سياحة أمتِي الْجِهَاد فِي سَبِيل الله)
وَأخرج ابْن الْمُبَارك عَن عمَارَة بن غزيَّة أَن السياحة ذكرت عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ (أبدلنا الله بذلك الْجِهَاد فِي سَبِيل الله وَالتَّكْبِير على كل شرف)
وَأخرج ابْن جرير عَن عَن عَائِشَة قَالَت سياحة هَذِه الْأمة الصّيام
وَأخرج البُخَارِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ فِي بني إِسْرَائِيل الْقصاص فِي الْقَتْلَى وَلم يكن فيهم الدِّيَة فَقَالَ الله تَعَالَى لهَذِهِ الْأمة {كتب عَلَيْكُم الْقصاص فِي الْقَتْلَى} فَمن عُفيَ لَهُ من أَخِيه شَيْء فالعفوان يقبل الدِّيَة فِي الْعمد ذَلِك تَخْفيف من رَبك وَرَحْمَة مِمَّا كتب على من كَانَ قبلكُمْ
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ على بني إِسْرَائِيل اقتصاص لَيْسَ بَينهم دِيَة فِي نفس وَلَا جرح وَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وكتبنا عَلَيْهِم فِيهَا أَن النَّفس بِالنَّفسِ} الْآيَة وخفف الله تَعَالَى عَن أمة مُحَمَّد فَقبل مِنْهُم الدِّيَة فِي النَّفس وَفِي
(2/367)
الْجراحَة وَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {تَخْفيف من ربكُم وَرَحْمَة}
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ كَانَ على أهل التَّوْرَاة إِنَّمَا هُوَ الْقصاص أَو البفو لَيْسَ بَينهَا أرش وَكَانَ على أهل الانجيل إِنَّمَا هُوَ عَفْو أمروا بِهِ وَجعل الله لهَذِهِ الْأمة الْقَتْل وَالْعَفو وَالِديهِ إِن شاؤا أحلهَا لَهُم وَلم تكن لأمة قبلهم
وَقَالَ ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف حَدثنَا وَكِيع عَن سُفْيَان عَن لَيْث عَن مُجَاهِد قَالَ أَنه مِمَّا وسع الله بِهِ على هَذِه الْأمة نِكَاح النَّصْرَانِيَّة وَالْأمة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ إِن الله تَعَالَى لما قرب مُوسَى نجيا قَالَ يَا رب إِنِّي أجد فِي التَّوْرَاة أمة خير أمة أخرجت للنَّاس يامرون بِالْمَعْرُوفِ وَينْهَوْنَ عَن الْمُنكر ويؤمنون بِاللَّه فاجعلهم أمتِي قَالَ تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ رب إِنِّي أجد فِي التورراة أمة أَنَاجِيلهمْ فِي صُدُورهمْ يقرؤنها وَكَانَ من قبلهم يقرأون كتبهمْ نظرا وَلَا يحفظونها فاجعلهم أمتِي قَالَ تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ رب إِنِّي أجد فِي التَّوْرَاة أمة يُؤمنُونَ بِالْكتاب الأول والاخر يُقَاتلُون رُؤُوس الضَّلَالَة حَتَّى يقاتلوا الْأَعْوَر الْكذَّاب فاجعلهم أمتِي قَالَ تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ رب إِنِّي أجد فِي التَّوْرَاة أمة يَأْكُلُون صَدَقَاتهمْ فِي بطونهم وَكَانَ من قبلهم إِذا أخرج صدقته بعث الله عَلَيْهَا نَارا فَأَكَلتهَا فَإِن لم تقبل لم تأكلها النَّار فاجعلهم أمتِي قَالَ تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ رب إِنِّي أجد فِي التَّوْرَاة أمة إِذا هم أحدهم بسيئة لم تكْتب عَلَيْهِ فَإِن عَملهَا كتبت عَلَيْهِ سَيِّئَة وَاحِدَة وَإِذا هم أحدهم بحسنة وَلم يعملها كتبت لَهُ حَسَنَة فَإِن عَملهَا كتبت لَهُ عشرا مثالها إِلَى سَبْعمِائة ضعف فاجعلهم أمتِي قَالَ تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ رب إِنِّي أجد فِي التَّوْرَاة أمة هم المستجيبون والمستجاب لَهُم فاجعلهم أمتِي قَالَ تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ وَذكر وهب بن مُنَبّه فِي قصَّة دَاوُد النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وَمَا أوحى الله إِلَيْهِ فِي الزبُور يَا دَاوُد إِنَّه سَيَأْتِي من بعْدك نَبِي إسمه أَحْمد وَمُحَمّد صَادِقا نَبيا لَا أغضب
(2/368)
عَلَيْهِ أبدا وَلَا يعصيني أبدا وَقد غفرت لَهُ قبل أَن يعصيني مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَأمته مَرْحُومَة أَعطيتهم من النَّوَافِل مثل مَا أَعْطَيْت الْأَنْبِيَاء وافترضت عَلَيْهِم الْفَرَائِض الَّتِي افترضت على الْأَنْبِيَاء وَالرسل حَتَّى يأتوني يَوْم الْقِيَامَة ونورهم مثل نور وَذَلِكَ إِنِّي افترضت عَلَيْهِم أَن يَتَطَهَّرُوا لي لكل صَلَاة كَمَا افترضت على الْأَنْبِيَاء قبلهم وامرتهم بِالْغسْلِ من الْجَنَابَة كَمَا امرت الرُّسُل قبلهم وامرتهم بِالْحَجِّ كَمَا أمرت الْأَنْبِيَاء قبلهم وامرتهم بِالْجِهَادِ كَمَا امرت الْأَنْبِيَاء قبلهم يَا دَاوُد إِنِّي فضلت مُحَمَّدًا وَأمته على الْأُمَم كلهم أَعطيتهم سِتّ خِصَال لم أعْطهَا غَيرهم من الْأُمَم لَا آخذهم بالْخَطَأ وَالنِّسْيَان وكل ذَنْب ركبوه على غير عمد إِذا استغفروني مِنْهُ غفرته وَمَا قدمُوا لآخرتهم من شَيْء طيبَة بِهِ أنفسهم عجلته لَهُم اضعافا مضاعفة وَلَهُم عِنْدِي أضعافا مضاعفة وَأفضل من ذَلِك وأعطيتهم على المصائب فِي البلايا إِذا صَبَرُوا وَقَالُوا إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون الصَّلَاة وَالرَّحْمَة وَالْهدى إِلَى جنَّات النَّعيم وَإِن دَعونِي أَسْتَجِب لَهُم فَأَما أَن يروه عَاجلا وَأما أَن أصرف عَنْهُم سوء وَأما أدخره لَهُم فِي الاخرة وَتَقَدَّمت أَحَادِيث الْهم بِالسَّيِّئَةِ والحسنة فِي بَاب ذكره فِي التَّوْرَاة والانجيل
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن أمته لَا تهْلك بجوع وَلَا بغرق وَلَا يُعَذبُونَ بِعَذَاب عذب بِهِ من قبلهم وَلَا يُسَلط عَلَيْهِم عَدو غَيرهم يستبيح بيضتهم وَلَا تَجْتَمِع على ضَلَالَة ونشأمن ذَلِك أَن إِجْمَاعهم حجَّة وبإن اخْتلَافهمْ رَحْمَة فَكَانَ اخْتِلَاف من قبلهم عذَابا
أخرج مُسلم عَن ثَوْبَان قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن الله زوى لي الأَرْض فَرَأَيْت مشارقها وَمَغَارِبهَا وَأَن ملك أمتِي سيبلخ مَا لي زوى مِنْهَا وَأعْطيت الكنزين الْأَحْمَر والأبيض وَأَنِّي سَالَتْ رَبِّي لأمتي أَن لَا يهلكها بِسنة عَامَّة وَلَا يُسَلط عَلَيْهِم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم فَأَعْطَانِي)
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (سَأَلت رَبِّي أَن لَا يهْلك أمتِي بالنسة فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلته أَن لَا يهْلك أمتِي بِالْغَرَقِ فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلت أَن لَا يَجْعَل بأسهم بَينهم فَردَّتْ عَليّ)
(2/369)
وَأخرج الدَّارمِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن عَمْرو بن قيس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِن الله أدْرك بِي الْأَجَل المرحوم واختارني أختيارا فَنحْن الْآخرُونَ السَّابِقُونَ يَوْم الْقِيَامَة وإمي قَائِل قولا غير فَخر إِبْرَاهِيم خَلِيل الله ومُوسَى صفي الله وَأَنا حبيب الله وَمَعِي لِوَاء الْحَمد يَوْم الْقِيَامَة وَأَن الله وَعَدَني فِي أمتِي وأجارهم من ثَلَاث لَا يعمهم بِسنة وَلَا يَسْتَأْصِلهُمْ عَدو وَلَا يجمعهُمْ على ضَلَالَة)
وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي بصرة الْغِفَارِيّ عَن الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (سَأَلت الله أَن لَا يجمع هَذِه الْأمة على الضَّلَالَة فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلته وَسَأَلت أَن لَا يُهْلِكهُمْ بِالسِّنِينَ كَمَا اهلك الْأُمَم قبلهم فاعطانيها وَسَأَلته أَن لَا يظْهر عَلَيْهِم عدوا فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلته أَن لَا يلْبِسهُمْ شيعًا وَيُذِيق بَعضهم بَأْس بعض فَمَنَعَنِيهَا)
وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عمر من قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا يجمع الله أمتِي على الضَّلَالَة أبدا)
وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (لَا يجمع الله أمتِي على الضَّلَالَة أبدا)
وَأخرج الشَّيْخ نصر الْمَقْدِسِي فِي كتاب الْحجَّة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (اخْتِلَاف أمتِي رَحْمَة)
وَأخرج الْخَطِيب فِي رُوَاة مَالك عَن إِسْمَاعِيل بن أبي المجالد قَالَ قَالَ هَارُون الرشيد لمَالِك بن أنس يَا أَبَا عبد الله نكتب هَذِه الْكتب ونفرقها فِي آفَاق الْإِسْلَام لنحمل عَلَيْهَا الْأمة قَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن اخْتِلَاف الْعلمَاء رَحْمَة عَن الله على هَذِه الْأمة كَانَ يتبع مَا صَحَّ عِنْده وكل على هدى وكل يُرِيد الله تَعَالَى
(2/370)
بَاب قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَن يدْخل الْجنَّة
أخرج أَبُو يعلى عَن عَائِشَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن الْأُمَم السالفة الْمِائَة أمة إِذا شهدُوا لعبد بِخَير وَجَبت لَهُ الْجنَّة وَأَن أمتِي الْخَمْسُونَ مِنْهُ أمة فَإِذا شهدُوا لعبد بِخَير وَجَبت لَهُ الْجنَّة)
وَأخرج البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن عمر بن الْخطاب قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَيّمَا مُسلم يشْهد لَهُ أَرْبَعَة بِخَير أدخلهُ الله الْجنَّة فَقُلْنَا وَثَلَاثَة قَالَ وَثَلَاثَة فَقُلْنَا وَاثْنَانِ قَالَ وَاثْنَانِ ثمَّ لم نَسْأَلهُ عَن الْوَاحِد
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن الطَّاعُون لأمته رَحْمَة وَشَهَادَة وَكَانَ عذَابا على من قبلهَا
أخرج الشَّيْخَانِ عَن أُسَامَة بن زيد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الطَّاعُون رِجْس أرسل على طَائِفَة من بني إِسْرَائِيل وعَلى من كَانَ قبلكُمْ)
وَأخرج البُخَارِيّ عَن عَائِشَة سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الطَّاعُون فَأَخْبرنِي أَنه عَذَاب يَبْعَثهُ الله على من يَشَاء وَأَن الله جعله رَحْمَة للْمُؤْمِنين لَيْسَ من أحد يَقع الطَّاعُون فيمكث فِي بَلَده صَابِرًا محتسبا يعلم أَنه لَا يصيبة إِلَّا مَا كتب الله لَهُ إِلَّا كَانَ لَهُ مثل أجر شَهِيد
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن طَائِفَة من أمته لَا تزَال على الْحق وَأَن فيهم أقطابا وأوتادا ونوجباء وأبدالا وَبِأَن مِنْهُم من يُصَلِّي بِعِيسَى بن مَرْيَم وَبِأَن مِنْهُم من يجْرِي مجْرى الْمَلَائِكَة فِي الإستغناء عَن الطَّعَام بالتسبيح ويقاتلون الدَّجَّال
أخرج الشَّيْخَانِ عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا تزَال طَائِفَة من أمتِي ظَاهِرين على الْحق حَتَّى يَأْتِي أَمر الله)
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (لكل قرن من أمتِي سَابِقُونَ)
(2/371)
وَأخرج عَن ابْن مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن لله فِي الْخلق ثَلَاث مائَة قُلُوبهم على قلب آدم صفي الله وَللَّه فِي الْخلق أَرْبَعُونَ قُلُوبهم على قلب مُوسَى وَللَّه فِي الْخلق سَبْعَة قُلُوبهم على قلب إِبْرَاهِيم وَللَّه فِي الْخلق خَمْسَة قُلُوبهم على قلب جِبْرِيل وَللَّه فِي الْخلق ثَلَاثَة قُلُوبهم على قلب ميكائل وَللَّه فِي الْخلق وَاحِد قلبه على قلب إسْرَافيل بهم يحي وَيُمِيت ويمطر وينبت وَيدْفَع الْبلَاء)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لن تَخْلُو الآرض من أَرْبَعِينَ رجلا مثل خَلِيل الرَّحْمَن فيهم تسقون وبهم تنْصرُونَ مَا مَاتَ مِنْهُم أحد إِلَّا أبدل الله مَكَانَهُ آخر)
وَأخرج أَحْمد فِي مُسْنده عَن عبَادَة بن الصَّامِت عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (الْإِبْدَال فِي هَذِه الْأمة ثَلَاثُونَ مثل إِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن كلما مَاتَ رجل أبدل الله مَكَانَهُ رجلا)
قَالَ أَبُو الزِّنَاد لما ذهبت النُّبُوَّة وَكَانُوا أوتاد الأَرْض أخلف الله مكانهم أَرْبَعِينَ رجلا من أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُقَال لَهُم الأبدال لَا يَمُوت الرجل حَتَّى ينشىء الله مَكَانَهُ آخر يخلفه وهم أوتاد الأَرْض وَقد بسطت الْكَلَام على ذَلِك فِي تأليف مُسْتَقل
وَأخرج أَبُو يعلى عَن جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا تزَال أمتِي ظَاهِرين على الْحق حَتَّى ينزل عِيسَى ابْن مَرْيَم فَيَقُول أمامهم تقد فَيَقُول أَنْت أَحَق بَعْضكُم امراء على بعض أمرا كرم الله بِهِ هَذِه الْأمة والْحَدِيث أخرجه مُسلم بِنَحْوِهِ وَفِيه فَيَقُول أَمِيرهمْ تعال صل لنا فَيَقُول لَا إِن بَعْضكُم على بعض أُمَرَاء تكرمه الله هَذِه الْأمة
وَأخرج البُخَارِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (كَيفَ أَنْتُم إِذا نزل ابْن مَرْيَم فِيكُم وإمامكم مِنْكُم)
وَأخرج أَحْمد بِسَنَد صَحِيح عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر جهدا يكون بَين يَدي الدَّجَّال فَقَالُوا أَي المَال خير يَوْمئِذٍ قَالَ غُلَام شَدِيد يسْقِي أَهله المَاء
(2/372)
وَأما الطَّعَام فَلَيْسَ قَالُوا فَمَا طَعَام الْمُؤمنِينَ يَوْمئِذٍ قَالَ التَّسْبِيح وَالتَّكْبِير والتهليل
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث أَسمَاء بنت يزِيد نَحوه وَفِيه يجزيهم مَا يَجْزِي أهل السَّمَاء من التَّسْبِيح وَالتَّقْدِيس
وَأخرج أَحْمد من حَدِيث أَسمَاء بنت عُمَيْس نَحوه وَفِيه أَن الله تَعَالَى يعْصم الْمُؤمنِينَ يَوْمئِذٍ بِمَا عصم بِهِ الْمَلَائِكَة من التَّسْبِيح
وَأخرج الْحَاكِم من حَدِيث ابْن عمر نَحوه وَتقدم حَدِيث وَصفهم بِقِتَال الدَّجَّال فِي بَاب ذكره فِي التَّوْرَاة والانجيل
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن أمته نوديت فِي الْقُرْآن يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا ونوديت سَائِر الْأُمَم فِي كتبهمْ يَا أَيهَا الْمَسَاكِين وَتسمع الْمَلَائِكَة فِي السَّمَاء آذانهم وتلبيتهم وهم الْحَمَّادُونَ الله على كل حَال وَيُكَبِّرُونَ الله على كل شرف ويسبحون عِنْد كل هبوط وَيَقُولُونَ عِنْد إِرَادَة الْأَمر أَفعلهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَإِذا غضبوا هللوا وَإِذا تنازعوا سبحوا ومصاحفهم فِي صُدُورهمْ وسابقهم سَابق ومقتصدهم نَاجٍ وظالمهم مغْفُور لَهُ وَلَيْسَ مِنْهُم أحد إِلَّا مرحوما وَيلبسُونَ ألوان ثِيَاب اهل الْجنَّة ويراعون الشَّمْس للصَّلَاة وهم أمة وسط عدُول بتزكية الله تَعَالَى وتحضرهم الْمَلَائِكَة إِذا قَاتلُوا وافترض عَلَيْهِم مَا افْترض على الْأَنْبِيَاء وَالرسل وَهُوَ الْوضُوء وَالْغسْل من الْجَنَابَة وَالْحج وَالْجهَاد وأعطوا من النَّوَافِل مَا أعطي الْأَنْبِيَاء
تقدم أَكثر ذَلِك فِي بَاب ذكره فِي التَّوْرَاة والانجيل ضمن آثَار فِيهَا وَوَصفه وَوصف أمته
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن خَيْثَمَة قَالَ مَا تقرأون فِي الْقُرْآن {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا} فَأَنَّهُ فِي التَّوْرَاة يَا أَيهَا الْمَسَاكِين
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {ثمَّ أَوْرَثنَا الْكتاب الَّذين اصْطَفَيْنَا من عبادنَا}
(2/373)
قَالَ هم أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ورثهم الله كل كتاب أنزلهُ فظالمهم مغْفُور لَهُ ومقتصدهم يُحَاسب حسابا يَسِيرا وسابقهم يدْخل الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن عمر بن الْخطاب أَنه كَانَ إِذا انْزعْ بِهَذِهِ الْآيَة قَالَ أَلا أَن سَابِقنَا سَابق وَمُقْتَصِدنَا نَاجٍ وَظَالِمنَا مغْفُور لَهُ وَأخرجه ابْن لال عَن عمر مَرْفُوعا
بَاب قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا بقاؤكم فِيمَا سلف قبلكُمْ من الْأُمَم
قَالَ الشَّيْخ عز الدّين وَمن خَصَائِصه أَن أمته أقل عملا من الْأُمَم السَّابِقَة وَأكْثر أجرا
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِنَّمَا بقاؤكم فِيمَا سلف قبلكُمْ من المور كَمَا بَين صَلَاة الْعَصْر إِلَى غرُوب الشَّمْس أُوتِيَ أهل التَّوْرَاة التَّوْرَاة فعملوا بهَا حَتَّى إِذا انتصف النَّهَار عجزوا فأعطوا قيراطا قيراطا ثمَّ أُوتِيَ اهل الانجيل النجيل فعملوا إِلَى صَلَاة الْعَصْر ثمَّ عجزو فاعطوا قيراطا قيراطا ثمَّ أوتينا الْقُرْآن فعملنا إِلَى غرُوب الشَّمْس فأعطينا قيراطين قيراطين فَقَالَ أهل الْكِتَابَيْنِ أَي رَبنَا أَعْطَيْت هَؤُلَاءِ قيراطين قيراطين وأعطيتنا قيراطا قيراطا وَنحن كُنَّا أَكثر عملا قَالَ الله تَعَالَى هَل ظلمكم من أجركُم من شَيْء قَالُوا لَا قَالَ فَهُوَ فضلي أوتيه من أَشَاء
بَاب قَوْله ثَوَاب أمتِي أَكثر من سَائِر الْأُمَم
قَالَ الإِمَام فَخر الدّين الرَّازِيّ من كَانَ معجزته من الْأَنْبِيَاء أظهر يكون ثَوَاب قومه أقل
قَالَ ابْن السكن يَعْنِي بِالنِّسْبَةِ إِلَى التَّصْدِيق لوضوحه وَظُهُور أَسبَابه وَقلة التَّعَب والفكر فِيهِ قَالَ إِلَّا هَذِه الْأمة فَإِن معجزات نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أظهر وثوابنا أَكثر من سَائِر الْأُمَم
(2/374)
بَاب مَا قَالَ تَعَالَى فِي أمته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَمن خَصَائِصه أَن الله تَعَالَى قَالَ فِي حق قوم مُوسَى {وَمن قوم مُوسَى أمة يهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِه يعدلُونَ} وَقَالَ فِي أمته {وَمِمَّنْ خلقنَا أمة يهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِه يعدلُونَ}
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن أمته أُوتيت الْعلم الأول وَالْعلم الآخر وَفتح عَلَيْهَا خَزَائِن الْعلم وَأُوتِيت الْإِسْنَاد والأنساب والأعراب وتصنيف الْكتب وعلمائهم كأنبياء بني إِسْرَائِيل
تقدم حَدِيث إِنِّي أجد فِي الألواح أمة يُؤْتونَ الْعلم الأول وَالْعلم الآخر فِي بَاب ذكره فِي التَّوْرَاة والانجيل
وَأخرج أَبُو زرْعَة فِي تَارِيخه عَن شفي بن ماتع الأصبحي قَالَ يفتح على هَذِه الْأمة كل شَيْء حَتَّى يفتح عَلَيْهِم خَزَائِن الأَرْض الحَدِيث وَقَالَ ابْن حزم نقل الثِّقَة عَن الثِّقَة يبلغ بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ الإتصال خص الله تَعَالَى بِهِ الْمُسلمين دون سَائِر الْملَل
وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي التَّقْرِيب الْإِسْنَاد خصيصة لهَذِهِ الْأمة
وَقَالَ أَبُو عَليّ الجبائي خص الله هَذِه الْأمة بِثَلَاثَة أَشْيَاء لم يُعْطهَا من قبلهَا الْإِسْنَاد والأنساب والأعراب 3 وَقَالَ ابْن الْعَرَبِيّ فِي شرح التِّرْمِذِيّ لم يكن قطّ فِي الْأُمَم من انْتهى إِلَى حد هَذِه الْأمة من التَّصَرُّف فِي التصنيف وَالتَّحْقِيق وَلَا جاراها فِي مداها من التفريغ والتدقيق
(2/375)
بَاب قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي إِيمَان هَذِه الْأمة
أخرج عبد الله بن أحمدفي زَوَائِد الزّهْد عَن مَالك بن دينارى قَالَ بلغنَا أَن إِيمَان هَذِه الْأمة لَا يحمل أَكثر من ثَلَاث يَعْنِي لَا يحمل عَلَيْهَا أَكثر من ثَلَاث حَتَّى يَأْتِيهَا الْفرج
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَنَّهُ أول من تَنْشَق عَنهُ الأَرْض وَأول من يفِيق من الصعقة وَبِأَنَّهُ يحْشر فِي سبعين ألف ملك ويحشر على الْبراق وَيُؤذن باسمه فِي الْموقف وَبِأَنَّهُ يكسى فِي الْموقف حلتين أعظم الْحلَل من الْجنَّة ومقامه عَن يَمِين الْعَرْش
أخرج مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنا سيد ولد آدم يَوْم الْقِيَامَة وَأول من تَنْشَق عَنهُ الأَرْض وَأول شَافِع وَأول مُشَفع)
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن النَّاس يصعقون فَأَكُون أول من يفِيق)
وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَابْن أبي الدُّنْيَا عَن كَعْب قَالَ مَا من فجر يطلع إِلَّا يهْبط سَبْعُونَ ألف ملك يضْربُونَ قبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بأجنحتهم وبحفون بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لَهُ وَيصلونَ عَلَيْهِ حَتَّى يمسوا فَإِذا أَمْسوا عرجوا وَهَبَطَ سَبْعُونَ ألف ملك كَذَلِك حَتَّى يصبحوا إِلَى أَن تقوم السَّاعَة فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سبعين ألف ملك
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يحْشر الْأَنْبِيَاء على الدَّوَابّ وأبعث على الْبراق وَيبْعَث بِلَال على نَاقَة من نُوق الْجنَّة فينادي بالآذان مَحْضا وبالشهادة حَقًا حَتَّى إِذا قَالَ أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله شهد لَهُ الْمُؤْمِنُونَ من الْأَوَّلين والآخرين فَقبلت مِمَّن قبلت وَردت على من ردَّتْ)
وَأخرج ابْن زَنْجوَيْه فِي فَضَائِل الْأَعْمَال عَن كثير بن مرّة الْحَضْرَمِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (تبْعَث نَاقَة ثَمُود لصالح فَيركبهَا من عِنْد قَبره حَتَّى توافي بِهِ
(2/376)
الْمَحْشَر قَالَ معَاذ وَأَنت تركب العضباء يَا رَسُول الله قَالَ لَا تركبها ابْنَتي وَأَنا على الْبراق اختصصت بِهِ من دون الْأَنْبِيَاء يَوْمئِذٍ وَيبْعَث بِلَال على نَاقَة من نُوق الْجنَّة يُنَادي على ظهرهَا بالآذان فَإِذا سَمِعت الْأَنْبِيَاء وأممها أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله قَالُوا وَنحن نشْهد على ذَلِك)
وَأخرج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة أعْطى حلَّة من الْجنَّة ثمَّ أقوم عَن يَمِين الْعَرْش لَيْسَ لأحد من الْخَلَائق أَن يقوم ذَلِك الْمقَام غَيْرِي)
وَأخرج أَبُو نعيم عَن ابْن مَسْعُود أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (أول من يكسى إِبْرَاهِيم ثمَّ يقْعد مُسْتَقْبل الْعَرْش ثمَّ أُوتى بكسوتي فألبسها فأقوم عَن يَمِينه مقَاما لَا يقومه أحد غَيْرِي يغبطني فِيهِ الْأَولونَ وَالْآخرُونَ)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أول من يكسى إِبْرَاهِيم حلَّة من الْجنَّة ثمَّ يُؤْتى بِي فأكسى حلَّة من حلل الْجنَّة لَا يقوم لَهَا بشر)
وَأخرج أَبُو نعيم عَن أم كرز قَالَت سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (أَنا سيد الْمُؤمنِينَ إِذا بعثوا وسابقهم إِذا وردوا ومبشرهم إِذا أبلسوا وإمامهم إِذا سجدوا وأقربهم مَجْلِسا من الرب تَعَالَى إِذا اجْتَمعُوا فأقوم فأتكلم فيصدقني وأشفع فيشفعني وأسأل فيعطيني)
وَأخرج الدَّارمِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَأَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنا أول النَّاس خُرُوجًا إِذا بعثوا وَأَنا قائدهم إِذا وفدوا وَأَنا خطيبهم إِذا أَنْصتُوا وَأَنا شافعهم إِذا حبسوا وَأَنا مبشرهم إِذا أبلسوا لِوَاء الْكَرم بيَدي ومفاتيح الْجنَّة بيَدي ولواء الْحَمد بيَدي وَأَنا أكْرم ولد آدم على رَبِّي وَلَا فَخر يطوف عَليّ ألف خَادِم كَأَنَّهُمْ اللُّؤْلُؤ الْمكنون)
(2/377)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالْمقَام الْمَحْمُود وَبِأَن بِيَدِهِ لِوَاء الْحَمد وَبِأَن آدم فَمن دونه تَحت لوائه وَبِأَنَّهُ أَمَام النَّبِيين يَوْمئِذٍ وخطيبهم وقائهم وَبِأَنَّهُ أول شَافِع وَأول مُشَفع وَأول من ينظر إِلَى الله تَعَالَى وَأول من يُؤمر لَهُ بِالسُّجُود وَأول من يرفع رَأسه وَلَا يطْلب مِنْهُ شَهِيد على التَّبْلِيغ وَيطْلب من سَائِر الْأَنْبِيَاء وبالشفاعة الْعُظْمَى فِي فصل الْقَضَاء وبالشفاعة فِي إِدْخَال قوم الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب وبالشفاعة فِيمَن اسْتحق النَّار من الْمُوَحِّدين أَن لَا يدخلهَا وبالشفاعة فِي رفع دَرَجَات نَاس فِي الْجنَّة وبالشفاعة فِيمَن خلد من الْكفَّار فِي النَّار أَن يُخَفف عَنْهُم الْعَذَاب وبالشفاعة فِي أَطْفَال الْمُشْركين ان لَا يعذبوا
قَالَ تَعَالَى {عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا}
أخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي قَالَ (أَنا سيد النَّاس يَوْم الْقِيَامَة وَهل تَدْرُونَ مِم ذَلِك يجمع الله الْأَوَّلين والآخرين فِي صَعِيد وَاحِد يسمعهم الدَّاعِي وَينْفذهُمْ الْبَصَر وتدنو الشَّمْس فَيبلغ النَّاس من الْغم وَالْكرب مَا لَا يُطِيقُونَ وَلَا يحتملة ن فَيَقُول بعض النَّاس بِبَعْض أَلا ترَوْنَ إِلَى مَا أَنْتُم فِيهِ مَا قد بَلغَكُمْ أَلا تنْظرُون من يشفع لكم إِلَى ربكُم فَيَقُول بعض النَّاس لبَعض أبوكم آدم فَيَأْتُونَ آدم فَيَقُولُونَ يَا آدم أَنْت أَبُو الْبشر خلقك الله بِيَدِهِ وَنفخ فِيك من روحه وَأمر الْمَلَائِكَة فسجدوا لَك فاشفع لنا إِلَى رَبك أَلا ترى إِلَى مَا نَحن فِيهِ أَلا ترى مَا قد بلغنَا فَيَقُول آدم إِن رَبِّي قد غضب الْيَوْم غَضبا لم يغْضب قبله مثله وَلنْ يغْضب بعده مثله وَأَنه نهاني عَن الشَّجَرَة فعصيت نَفسِي نَفسِي نَفسِي اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي إذهبوا إِلَى نوح فَيَأْتُونَ نوحًا فَيَقُولُونَ يَا نوح أَنْت أول الرُّسُل إِلَى أهل الأَرْض وَسماك الله عبدا شكُورًا فاشفع لنا إِنِّي رَبك أَلا ترى إِلَى مَا نَحن فِيهِ أَلا ترى مَا قد بلغنَا فَيَقُول نوح أَن رَبِّي قد غضب الْيَوْم غَضبا لم يغْضب قبله مثله وَلنْ يغْضب بعده مثله وَأَنه كَانَت لي دَعْوَة دعوتها على قومِي نَفسِي نَفسِي نَفسِي إذهبوا إِلَى غَيْرِي إذهبوا إِلَى إِبْرَاهِيم فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيم فَيَقُولُونَ يَا إِبْرَاهِيم أَنْت
(2/378)
نَبِي الله وخليله من أهل الأَرْض أَلا ترى مَا نَحن فِيهِ أَلا ترى مَا قد بلغنَا فَيَقُول إِن رَبِّي قد غضب الْيَوْم غَضبا لم يغْضب قبله مثله وَلنْ يغْضب بعده مثله فَذكر كذباته نَفسِي نَفسِي نَفسِي إذهبوا إِلَى غَيْرِي إذهبوا إِلَى مُوسَى فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُونَ يَا مُوسَى أَنْت رَسُول الله اصطفاك الله بِرِسَالَاتِهِ وبتكليمه على النَّاس اشفع لنا إِلَى رَبك أَلا ترى مَا نَحن فِيهِ أَلا ترى مَا قد بلغنَا فَيَقُول إِن رَبِّي قد غضب الْيَوْم غَضبا لم يغْضب قبله مثله وَلنْ يغْضب بعده مثله وَإِنِّي قتلت نفسا لم أُؤمر بقتلها نَفسِي نَفسِي نَفسِي إذهبو إِلَى غَيْرِي إذهبوا إِلَى عِيسَى فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُونَ يَا عِيسَى أَنْت رَسُول الله وكلمته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم وروح مِنْهُ وَكلمت النَّاس فِي المهد فاشفع لنا رَبك أَلا ترى مَا نَحن فِيهِ أَلا ترى مَا قد بلغنَا فَيَقُول لَهُم إِن رَبِّي غضب الْيَوْم غَضبا لم يغْضب قبله مثله وَلنْ يغْضب بعده مثله وَلم يذكر ذَنبا إذهبوا إِلَى غَيْرِي إذهبوا إِلَى مُحَمَّد فَيَأْتُونَ فَيَقُولُونَ يَا مُحَمَّد أَنْت رَسُول الله وَخَاتم النَّبِيين غفر الله لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تاخر فاشفع لنا إِلَى رَبك أَلا ترى مَا قد بلغنَا أَلا ترى مَا نَحن فِيهِ فاقوم فَآتي تَحت الْعَرْش فَاقِع سجدا لرَبي يفتح الله تَعَالَى عَليّ ويلهمني من محامده وَحسن الثَّنَاء عَلَيْهِ مَا لم يَفْتَحهُ على اُحْدُ قبلي فَيُقَال يَا مُحَمَّد أرفع رَأسك سل تعطه اشفع تشفع فَيَقُول يَا رب أمتِي أمتِي يَا رب أمتِي أمتِي يَا رب أمتِي أمتِي فَيُقَال يَا مُحَمَّد ادخل من أمتك من لَا حِسَاب عَلَيْهِ من الْبَاب الْأَيْمن من أَبْوَاب الْجنَّة وهم شُرَكَاء النَّاس فِيمَا سواهُ من الْأَبْوَاب ثمَّ قَالَ وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لما بَين مصراعين من مصاريع الْجنَّة لَكمَا بَين مَكَّة وهجر أَو كَمَا بَين مَكَّة وَبصرى)
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (يجمع الْمُؤْمِنُونَ يَوْم الْقِيَامَة فيلهمون لذَلِك الْيَوْم فَيَقُولُونَ لَو اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبنَا حَتَّى يُرِيحنَا من مَكَاننَا هَذَا فَيَأْتُونَ آدم فَيَقُولُونَ لَهُ يَا آدم أَنْت أَبُو الْبشر خلقك الله بِيَدِهِ وأسجد لَك مَلَائكَته وعلمك أَسمَاء كل شَيْء فاشفع لنا إِلَى رَبك حَتَّى يُرِيحنَا من مَكَاننَا هَذَا فَيَقُول لَهُم آدم لست هُنَاكُم وَيذكر ذَنبه الَّذِي أصَاب فيستحي ربه من ذَلِك وَيَقُول وَلَكِن ائْتُوا نوحًا فَأَنَّهُ أول رَسُول بَعثه الله إِلَى أهل الأَرْض فَيَأْتُونَ نوحًا
(2/379)
فَيَقُول لست هُنَاكُم وَيذكر خطيئه سُؤال ربه مَا لَيْسَ لَهُ بِهِ علم فيستحي ربه من ذَلِك وَيَقُول وَلَكِن ائْتُوا إِبْرَاهِيم خَلِيل الرحمنن فيأتونه فَيَقُول لست هُنَاكُم وَلَكِن ائْتُوا مُوسَى عبدا كَلمه الله وَأَعْطَاهُ التَّوْرَاة فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُول لست هُنَاكُم وَيذكر لَهُم النَّفس الَّتِي قتل بِغَيْر نفس فيستحي ربه من ذَلِك وَلَكِن ائْتُوا عِيسَى عبد الله وَرَسُوله وكلمته وروحه فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُول لست هُنَاكُم وَلَكِن ائْتُوا مُحَمَّد عبدا غفر الله لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر فَيَأْتُوني فأقوم نَا أَمْشِي بَين سماطين من الْمُؤمنِينَ حَتَّى أَسْتَأْذن على رَبِّي فَإِذا رَأَيْت رَبِّي وَقعت لَهُ سَاجِدا فيدعني مَا شَاءَ الله أَن يدعني ثمَّ يُقَال ارْفَعْ مُحَمَّد رَأسك قل تسمع وَاشْفَعْ تشفع وسل تعطه فأرفع رَأْسِي فأحمده بتحميد يعلمنيه ثمَّ أشفع فَيحد لي حدا فأدخلهم الْجنَّة ثمَّ أَعُود إِلَيْهِ الثَّانِيَة فَإِذا رَأَيْت رَبِّي وَقعت لَهُ سَاجِدا فيدعني مَا شَاءَ الله أَن يدعني ثمَّ يَقُول أرفع مُحَمَّد قل تسمع وسل تعطه وَاشْفَعْ تشفع فأرفع رَأْسِي فأحمده بتحميد يعلمنيه ثمَّ أشفع فَيحد لي حدا فأدخلهم الْجنَّة ثمَّ أَعُود الثَّالِثَة فَإِذا رَأَيْت رَبِّي وَقعت لَهُ سَاجِدا فيدعني مَا شَاءَ الله أَن يدعني ثمَّ يُقَال ارْفَعْ مُحَمَّد قل تسمع وسل تعطه وَاشْفَعْ تشفع فارفع رَأْسِي فأحمده بتحميد يعلمنيه ثمَّ أشفع فَيحد لي حدا فأدخلهم الْجنَّة ثمَّ أَعُود الرَّابِعَة فَأَقُول رب مَا بَقِي إِلَّا من حَبسه الْقُرْآن قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيخرج من النَّار من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَكَانَ فِي قلبه من الْخَيْر مَا يزن شعيرَة ثمَّ يخرج من النَّار من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَكَانَ فِي قلبه من الْخَيْر مَا يزن برة ثمَّ يخرج من النَّار من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَكَانَ فِي قلبه من الْخَيْر مَا يزن ذرة)
وَأخرج أَحْمد بِسَنَد صَحِيح عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِنِّي لقائم انْتظر مَتى يعبر الصِّرَاط إِذْ جَاءَنِي عِيسَى فَقَالَ هَذِه الْأَنْبِيَاء قد جاءتك يَا مُحَمَّد يسْأَلُون وَيدعونَ الله أَن يفرق بَين جَمِيع الْأُمَم إِلَى حَيْثُ يَشَاء الله نعم مَا هم فِيهِ فالخلق ملجمون بالعرق فَأَما الْمُؤمن فَهُوَ عَلَيْهِ كالزكمة وَأما الْكَافِر فيغشاه الْمَوْت فَقَالَ انْتظر حَتَّى أرجع إِلَيْك فَذهب نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَامَ تَحت الْعَرْش فلقي مَا لم يلق ملك مصطفى وَلَا نَبِي مُرْسل فَأوحى الله إِلَى جِبْرِيل أَن إذهب إِلَى مُحَمَّد وَقل لَهُ
(2/380)
ارْفَعْ رَأسك سل تعطه وَاشْفَعْ تشفع فشفعت فِي أمتِي أَن أخرج من كل تِسْعَة وَتِسْعين إنْسَانا وَاحِدًا فَمَا زلت أتردد إِلَى رَبِّي فَلَا أقوم مِنْهُ مقَاما إِلَّا شفعت حَتَّى أَعْطَانِي الله من ذَلِك أَن قَالَ يَا مُحَمَّد أَدخل من أمتك من خلق الله تَعَالَى من شهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله يَوْمًا وَاحِدًا مخلصا وَمَات على ذَلِك
وَأخرج أَحْمد وابو يعلى عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِنَّه لم يكن نَبِي إِلَّا لَهُ دَعْوَة قد تَنَجزهَا فِي الدُّنْيَا وَإِنِّي قد أختبأت دَعْوَتِي شَفَاعَة لأمتي وَأَنا سيد ولد آدم يَوْم الْقِيَامَة وَلَا فَخر وَأَنا أول من تَنْشَق عَنهُ الأَرْض وَلَا فَخر وَبِيَدِي لِوَاء الْحَمد وَلَا فَخر آدم فَمن دونه تَحت لِوَائِي وَلَا فَخر وَيطول يَوْم الْقِيَامَة على النَّاس فَيَقُول بَعضهم لبَعض انْطَلقُوا بِنَا إِلَى آدم أبي الْبشر فليشفع لنا إِلَى رَبنَا فليقض بَيْننَا فَيَقُول إِنِّي لست هُنَاكُم إِنِّي قد أخرجت من الْجنَّة بخطيئتي وَأَنه لَا يهمني الْيَوْم إِلَّا نَفسِي وَلَكِن ائْتُوا نوحًا رَأس النَّبِيين فَيَأْتُونَ نوحًا فَيَقُولُونَ اشفع لنا إِلَى رَبنَا فليقض بَيْننَا فَيَقُول إِنِّي لست هُنَاكُم إِنِّي سَأَلت ابْني وَأَنه لَا يهمني الْيَوْم إِلَّا نَفسِي وَلَكِن ائْتُوا إِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيم فَيَقُولُونَ يَا إِبْرَاهِيم اشفع لنا إِلَى رَبنَا فليقض بَيْننَا فَيَقُول إِنِّي لست هُنَاكُم إِنِّي كذبت فِي الْإِسْلَام ثَلَاث كذبات وَالله إِن أجادل بِهن إِلَّا عَن دين الله قَوْله إِنِّي سقيم وَقَوله بل فعله كَبِيرهمْ هَذَا وَقَوله لإمرأته حِين أَتَى على الْملك اختي وَأَنه لَا يهمني الْيَوْم إِلَّا نَفسِي وَلَكِن ائْتُوا مُوسَى الَّذِي اصطفاه الله برسالته وَكَلَامه فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُونَ يَا مُوسَى أَنْت الَّذِي اصطفاك الله برسالته وَكَلَامه فاشفع لنا إِلَى رَبك فليقض بَيْننَا فَيَقُول إِنِّي لست هُنَاكُم إِنِّي قتلت نفسا بغيرنفس وَإنَّهُ لَا يهمني الْيَوْم إِلَّا نَفسِي وَلَكِن ائْتُوا عِيسَى روح الله وكلمته فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُونَ اشفع لنا إِلَى رَبك فليقض بَيْننَا فَيَقُول إِنِّي لست هُنَاكُم إِنِّي اتَّخذت إِلَهًا من دون الله وَإنَّهُ لَا يهمني الْيَوْم إِلَّا نَفسِي وَلَكِن إِن كل مَتَاع فِي وعَاء مختوم عَلَيْهِ أَكَانَ يقدر على مَا فِي جَوْفه حَتَّى يفض الْخَاتم فَيَقُولُونَ لَا فَيَقُول إِن مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاتم النَّبِيين قد حضر الْيَوْم وَقد غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيَأْتُوني فَيَقُولُونَ يَا مُحَمَّد اشفع لنا إِلَى رَبك فليقض بَيْننَا فَأَقُول إِنَّا لَهَا حَتَّى يَأْذَن
(2/381)
الله لمن يَشَاء ويرضى فَإِذا أَرَادَ الله أَن يصدع بَين خلقه نَادَى مُنَاد أَيْن أَحْمد وَأمته فَنحْن الأخرون الْأَولونَ نَحن آخر الْأُمَم وَأول من يُحَاسب فتفرج لنا الْأُمَم عَن طريقنا فنمضي غرا محجلين من أثر الطّهُور فَتَقول الْأُمَم كَادَت هَذِه الْأمة أَن تكون أَنْبيَاء كلهَا فنأتي بَاب الْجنَّة فآخذ بحلقه الْبَاب فأقرع الْبَاب فَيُقَال من أَنْت فَأَقُول أَنا مُحَمَّد فَآتي رَبِّي عز وَجل على كرسيه فَأخر لَهُ سَاجِدا فأحمده بِمَحَامِد لم يحمده بهَا أحد كَانَ قبلي وَلَيْسَ يحمده بهَا أحد بعدِي فَيُقَال يَا مُحَمَّد ارْفَعْ رَأسك سل تعطه وَقل يسمع وَاشْفَعْ تشفع فأرفع رَأْسِي فَأَقُول أَي رب أمتِي أمتِي فَيُقَال أخرج من كَانَ فِي قلبه مِثْقَال كَذَا وَكَذَا دون الأول ثمَّ أَعُود فأسجد فَأَقُول مثل ذَلِك فَيُقَال ارْفَعْ رَأسك وَقل يسمع لَك وسل تعطه وَاشْفَعْ تشفع فَأَقُول أَي رب أمتِي أمتِي فَيَقُول أخرج من كَانَ فِي قلبه مِثْقَال كَذَا وَكَذَا دون ذَلِك)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (للأنبياء مَنَابِر من ذهب فَيَجْلِسُونَ عَلَيْهَا وَيبقى منبري لَا أَجْلِس عَلَيْهِ قَائِما بَين يَدي رَبِّي منتصبا مَخَافَة أَن يبْعَث بِي إِلَى الْجنَّة وَتبقى أمتِي بعدِي فَأَقُول يَا رب أمتِي أمتِي فَيَقُول الله يَا مُحَمَّد وَمَا تُرِيدُ أَن أصنع بأمتك فَأَقُول يَا رب عجل حسابهم فَمَا أَزَال أشفع حَتَّى اعطى صكاكا بِرِجَال قد بعث بهم إِلَى النَّار وَحَتَّى إِن مَالِكًا خَازِن النَّار يَقُول يَا مُحَمَّد مَا تركت لغضب رَبك فِي أمتك من بَقِيَّة)
وَأخرج البُخَارِيّ عَن ابْن عمر قَالَ إِن النَّاس يصيرون يَوْم الْقِيَامَة جثاء كل أمة تتبع نبيها يَقُولُونَ يَا فلَان اشفع لنا يَا فلَان اشفع لنا حَتَّى تَنْتَهِي الشَّفَاعَة إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذَلِك يَوْم يَبْعَثهُ مقَاما مَحْمُودًا
وَأخرج البُخَارِيّ أَيْضا عَن ابْن عمر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (إِن الشَّمْس لَتَدْنُو حَتَّى يبلغ الْعرق نصف الْأذن فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك اسْتَغَاثُوا بِآدَم فَيَقُول
(2/382)
لست بِصَاحِب ذَلِك ثمَّ مُوسَى فيقولن كَذَلِك ثمَّ لمُحَمد فَيشفع حَتَّى يقْضِي الله تَعَالَى بَين الْخلق فَيَمْشِي حَتَّى يَأْخُذ بِحَلقَة بَاب الْجنَّة فَيَوْمئِذٍ يَبْعَثهُ الله مقَاما مَحْمُودًا يحمده أهل الْجمع كلهم)
وَأخرج الْبَزَّار وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن حُذَيْفَة قَالَ يجمع الله النَّاس فِي صَعِيد وَاحِد وَلَا تَتَكَلَّم نفس فَيكون أول من يدعى مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيَقُول لبيْك وَسَعْديك وَالْخَيْر فِي يَديك وَالشَّر لَيْسَ إِلَيْك وَالْمهْدِي من هديت وَعَبْدك بَين يَديك وَبِك وَإِلَيْك لَا منجأ مِنْك إِلَّا إِلَيْك تَبَارَكت وَتَعَالَيْت سُبْحَانَكَ رب الْبَيْت فَعِنْدَ ذَلِك يشفع فَذَلِك قَوْله تَعَالَى {عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا}
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن عَاصِم فِي السّنة عَن سلمَان قَالَ تُعْطى الشَّمْس يَوْم الْقِيَامَة حر عشْرين سِنِين ثمَّ تدني من جماجم النَّاس حَتَّى تكون قاب قوسين فيعرقون حَتَّى يرشح الْعرق فِي الأَرْض قامة ثمَّ يرْتَفع حَتَّى يُغَرْغر الرجل قَالَ سلمَان حَتَّى يَقُول الرجل غق غق فَإِذا رَأَوْا مَا هم فِيهِ قَالَ بَعضهم لبَعض أَلا ترَوْنَ مَا أَنْتُم فِيهِ ائْتُوا أَبَاكُم آدم فليشفع لكم إِلَى ربكُم فَيَأْتُونَ إِلَى أَدَم فَيَقُولُونَ إِلَى يَا آبانا أَنْت الَّذِي خلقك الله بِيَدِهِ وَنفخ فِيك من روحه وأسكنك جنته قُم فاشفع لنا إِلَى رَبك فقد ترى مَا نَحن فِيهِ فَيَقُول لست هُنَاكُم فَيَقُولُونَ إِلَى من تَأْمُرنَا فَيَقُول ائْتُوا عبدا شاكرا فَيَأْتُونَ نوحًا فَيَقُولُونَ يَا نَبِي الله أَنْت الَّذِي جعلك الله عبدا شاكرا وَقد ترى مَا نَحن فِيهِ فاشفع لنا إِلَى رَبك فَيَقُول لست هُنَاكُم فَيَقُولُونَ إِلَى من تَأْمُرنَا فَيَقُول أئتو خَلِيل الرَّحْمَن إِبْرَاهِيم فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيم فَيَقُولُونَ يَا خَلِيل الرَّحْمَن قد ترى مَا نَحن فِيهِ فاشفع لنا إِلَى رَبك فَيَقُول لست هُنَاكُم فَيَقُولُونَ إِلَى من تَأْمُرنَا فَيَقُول ائتو مُوسَى عبدا اصطفاه الله تَعَالَى بِرِسَالَاتِهِ وبكلامه فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُونَ قد تررى مَا نَحن فِيهِ فاشفع لنا رَبك فَيَقُول لست هُنَاكُم فَيَقُولُونَ إِلَى من تَأْمُرنَا فَيَقُول ائْتُوا كلمة الله وروحه عِيسَى فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُونَ يَا كلمة الله وروحه قد ترى مَا نَحن فِيهِ فاشفع لنا إِلَى رَبك فَيَقُول لست هُنَاكُم فَيَقُولُونَ إِلَى من تَأْمُرنَا فَيَقُول ائْتُوا عبدا فتح الله على يَدَيْهِ وَغفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تاخر ويجيىء فِي هَذَا الْيَوْم آمنا مُحَمَّدًا فَيَأْتُونَ
(2/383)
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيَقُولُونَ يَا نَبِي الله أَنْت الَّذِي فتح الله بك وَغفر لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر وَجئْت فِي هَذَا الْيَوْم آمنا وَقد ترى مَا نَحن فِيهِ فاشفع لنا إِلَى رَبك فَيَقُول أَنا صَاحبكُم فَيخرج يجوس النَّاس حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى بَاب الْجنَّة فَيَأْخُذ بِحَلقَة الْبَاب من ذهب فيقرع الْبَاب فَيُقَال من هَذَا فَيَقُول مُحَمَّد فَيفتح لَهُ فَيَجِيء حَتَّى يقوم بَين يَدي الله فيستأذن فِي السُّجُود فَيُؤذن لَهُ فَيسْجد فينادي يَا مُحَمَّد ارْفَعْ رَأسك سل تعطه وَاشْفَعْ تشفع وادع تجب فَيفتح الله عَلَيْهِ من الثَّنَاء والتحميد والتمجيد مَا لم يَفْتَحهُ لأحد من الْخَلَائق وينادي يَا مُحَمَّد أرفع رَأسك سل تُعْطى وَاشْفَعْ تشفع وادع تجب فيرفع رَأسه فَيَقُول أمتِي أمتِي مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا فَيشفع فِي كل من كَانَ فِي قلبه مِثْقَال حَبَّة من إِيمَان أَو مِثْقَال شعيرَة من إِيمَان أَو مِثْقَال حَبَّة من خَرْدَل من إِيمَان فَذَلِك الْمقَام الْمَحْمُود
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مردوية عَن عقبَة بن عَامر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِذا جمع الله الْأَوَّلين والآخرين وَقضي بَينهم وَفرغ من الْقَضَاء يَقُول الْمُؤْمِنُونَ قد قضى بَيْننَا رَبنَا وَفرغ من الْقَضَاء فَمن يشفع لنا إِلَى رَبنَا فَيَقُولُونَ آدم خلقه الله بِيَدِهِ وَكَلمه فيأتونه فَيَقُولُونَ قد قضى رَبنَا وَفرغ من الْقَضَاء قُم أَنْت فاشفع لنا إِلَى رَبنَا فَيَقُول ائْتُوا نوحًا فَيَأْتُونَ نوحًا فيدلهم على إِبْرَاهِيم فأتون إِبْرَاهِيم فيدلهم على مُوسَى فَيَأْتُونَ مُوسَى فيدلهم على عِيسَى فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُول ادلكم على الْعَرَبِيّ الْأُمِّي فَيَأْتُوني فَيَأْذَن الله لي أَن أقوم إِلَيْهِ فيثور مجلسي من أطيب ريح شمها أحد قطّ حَتَّى آتِي رَبِّي فيشفعني وَيجْعَل لي نورا من شعر رَأْسِي إِلَى ظفر قدمي)
وَأخرج ابْن أبي عَاصِم فِي السّنة عَن أنس يرفعهُ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (مَا زلت أشفع إِلَى رَبِّي ويشفعني حَتَّى اقول أَي رب شفعني فِيمَن قَالَ لَا إِلَه إِلَّا لله فَيَقُول هَذِه لَيْسَ لَك وَلَا لأحد وَعِزَّتِي وَجَلَالِي ورحمتي لَا ادْع فِي النَّار أحدا يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله
(2/384)
وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن عبَادَة بن الصَّامِت عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِن الله تَعَالَى قَالَ يَا مُحَمَّد إِنِّي لم أبْعث نَبيا وَلَا رَسُولا إِلَّا وَقد سَأَلَني مَسْأَلَة أَعْطيته إِيَّاهَا فسل يَا مُحَمَّد تعطه فَقلت مَسْأَلَتي شَفَاعَة لأمتي يَوْم الْقِيَامَة فَقَالَ أَبُو بكر يَا رَسُول الله وَمَا الشَّفَاعَة قَالَ أَقُول يَا رب شَفَاعَتِي الَّتِي أختبأت عنْدك فَيَقُول الرب نعم فَيخرج بَقِيَّة أمتِي من النَّار فيدخلهم الْجنَّة)
وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَزَّار عَن معَاذ بن جبل وَأبي مُوسَى قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن رَبِّي خيرني بَين أَن يدْخل نصف أمتِي الْجنَّة أَو شَفَاعَة فاخترت لَهُم الشَّفَاعَة وَعلمت أَنَّهَا أوسع لَهُم وَهِي لمن مَاتَ لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (آتِي جَهَنَّم فَاضْرب بَابهَا فَيفتح لي فَأدْخلهَا فَأَحْمَد الله بِمَحَامِد مَا حَمده أحد كَانَ قبلي مثله وَلَا يحمده أحد بعدِي ثمَّ أخرج مِنْهَا من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله مخلصا)
وَأخرج أَبُو يعلى عَن عَوْف بن مَالك عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (اعطينا أَرْبعا لم يُعْطهنَّ أحد قبلنَا وَسَأَلت رَبِّي الْخَامِسَة فَأَعْطَانِيهَا وَهِي مَا هِيَ كَانَ النَّبِي يبْعَث إِلَى قومه لَا يعدوها وَبعثت للنَّاس كَافَّة وأرهب منا عدونا مسيرَة شهر وَجعلت الأَرْض لنا طهُورا ومسجدا وَأحل لنا الْخمس وَلم تحل لأحد قبلنَا وَسَأَلته ان لَا يلقاه عبد من أمتِي يوحده إِلَّا أدخلهُ الْجنَّة)
وَأخرج أَحْمد وَابْن ابي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي مُوسَى قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَعْطَيْت خمْسا لم يعطهم نَبِي قبلي بعثت إِلَى الْأَحْمَر وَالْأسود ونصرت بِالرُّعْبِ مسيرَة شهر وَجعلت لي الأَرْض مَسْجِدا وَطهُورًا وَأحلت لي الْغَنَائِم وَلم تحل لمن كَانَ قبلي وَأعْطيت الشَّفَاعَة وَأَنه لَيْسَ من نَبِي إِلَّا وَقد قدم الشَّفَاعَة وَإِنِّي اخرت شَفَاعَتِي جَعلتهَا لمن مَاتَ من امتي لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا)
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو يعلى وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي ذَر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَعْطَيْت خمْسا لم يُعْطهنَّ نَبِي قبلي) فَذكر مثل حَدِيث أبي مُوسَى إِلَّا أَنه قَالَ فِي الْخَامِسَة وَقيل لي سل تعطه فاختبأت دَعْوَتِي شَفَاعَة لأمتي يَوْم الْقِيَامَة وَهِي
(2/385)
نائلة مِنْهُم إِن شَاءَ الله من لم يُشْرك بِاللَّه شَيْئا)
وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن أم حَبِيبَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (أريت مَا يلقِي أمتِي من بعدِي وَسَفك بَعضهم دِمَاء بعض وَكَانَ ذَلِك سَابِقًا من الله فَسَأَلته أَن يوليني شَفَاعَة فيهم يَوْم الْقِيَامَة فَفعل)
وَأخرج مُسلم عَن ابْن عمرَان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَلا قَول إِبْرَاهِيم {فَمن تَبِعنِي فَإِنَّهُ مني وَمن عَصَانِي فَإنَّك غَفُور رَحِيم} وَقَول عِيسَى {إِن تُعَذبهُمْ فَإِنَّهُم عِبَادك وَإِن تغْفر لَهُم فَإنَّك أَنْت الْعَزِيز الْحَكِيم} فَرفع يَدَيْهِ وَقَالَ أمتِي أمتِي ثمَّ بَكَى فَقَالَ الله تَعَالَى يَا جِبْرِيل اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّد فَقل لَهُ إِنَّا سنرضيك فِي أمتك وَلَا نسوءك)
وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن عَليّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (لأشفع لأمتي حَتَّى يناديني رَبِّي أرضيت يَا مُحَمَّد فَأَقُول أَي رب رضيت)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد حسن عَن أبي سعيد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَعْطَيْت خمْسا لم يُعْطهَا نَبِي قبلي بعثت إِلَى الْأَحْمَر وَالْأسود وَإِنَّمَا كَانَ النَّبِي يبْعَث إِلَى قومه ونصرت بِالرُّعْبِ مسيرَة شهر وأطعمت الْمغنم وَلم يطعمهُ أحد كَانَ قبلي وَجعلت لي الأَرْض طهُورا ومسجدا وَلَيْسَ من نَبِي إِلَّا وَقد أعطي دَعْوَة فتعجلها وَإِنِّي أخرت دَعْوَتِي شَفَاعَة لأمتي وَهِي بَالِغَة أَن شَاءَ الله تَعَالَى من مَاتَ لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا)
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو يعلى بِسَنَد صَحِيح عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (سَأَلت رَبِّي اللاهين من ذُرِّيَّة الْبشر أَن لَا يعذبهم فأعطانيهم)
قَالَ عبد الْبر هم الْأَطْفَال لِأَن أَعْمَالهم كاللهو واللعب من غير عقد وَلَا عزم
وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي بن كَعْب قَالَ
(2/386)
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة كنت أَمَام النَّبِيين وخطيبهم وَصَاحب شفاعتهم غير فَخر)
وَأخرج مُسلم عَن أبي بن كَعْب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (أرسل إِلَيّ رَبِّي أَن أَقرَأ الْقُرْآن على حرف فردون عَلَيْهِ يَا رب هون على امتي فَرد عَليّ الثَّانِيَة أَن أَقرَأ على حرفين قلت يَا رب هون على أمتِي فَرد عَليّ الثَّالِثَة أَن أَقرَأ على سَبْعَة أحرف وَلَك بِكُل ردة رَددتهَا مَسْأَلَة تسألنيها فَقلت اللَّهُمَّ إغفر لأمتي وأخرت الثَّالِثَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة يَوْم يرغب إِلَيّ فِيهِ الْخلق حَتَّى إِبْرَاهِيم)
وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الرِّوَايَة عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنا سيد النَّاس يَوْم الْقِيَامَة وَلَا فَخر مَا من أحد إِلَّا وَهُوَ تَحت لواءي يَوْم الْقِيَامَة ينْتَظر الْفرج وَأَن معي لِوَاء الْحَمد أَنا أَمْشِي وَيَمْشي النَّاس معي حَتَّى آتِي بَاب الْجنَّة فأستفتح فَيُقَال من هَذَا فَأَقُول مُحَمَّد فَيُقَال مرْحَبًا بِمُحَمد فَإِذا رَأَيْت رَبِّي خَرَرْت لَهُ سَاجِدا أنظر إِلَيْهِ)
وَأخرج أَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان قَالَ قَالَ الصَّحَابَة يَا رَسُول الله إِبْرَاهِيم خَلِيل الله وَعِيسَى كلمة الله وروحه ومُوسَى كَلمه تكليما فَمَاذَا أَعْطَيْت أَنْت قَالَ ولد آدم كلهم تَحت رايتي يَوْم الْقِيَامَة وَأَنا أول من تفتح لَهُ أَبْوَاب الْجنَّة
وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن جَابر بن عبد الله أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (أَنا قَائِد الْمُرْسلين وَلَا فَخر وَأَنا خَاتم النَّبِيين وَلَا فَخر وَأَنا أول شَافِع وَأول مُشَفع وَلَا فَخر)
وَأخرج الدَّارمِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَأَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ جلس نَاس من أَصْحَابه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينتظرونه فتذاكروا فَقَالَ بَعضهم عجبا إِن الله اتخذ من خلقه خَلِيلًا فإبراهيم خَلِيله وَقَالَ آخر مَاذَا بِأَعْجَب من أَنه كلم مُوسَى تكليما وَقَالَ آخر
(2/387)
فعيسى كلمة الله وروحه وَقَالَ آخر فآدم اصطفاه الله فَخرج عَلَيْهِم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ (قد سَمِعت كلامكم إِن إِبْرَاهِيم خَلِيل الله وَهُوَ كَذَلِك ومُوسَى نجيه وهوكذلك وَعِيسَى روحه وكلمته وَهُوَ كَذَلِك وآدَم اصطفاه الله وَهُوَ كَذَلِك أَلا أَنا وَأَنا حبيب الله وَلَا فَخر وَأَنا حَامِل لِوَاء الْحَمد يَوْم الْقِيَامَة تَحْتَهُ آدم فَمن دونه وَلَا فَخر وَأَنا أول شَافِع وَأول مُشَفع يَوْم الْقِيَامَة وَلَا فَخر وَأَنا أول من يُحَرك غلق الْجنَّة وَلَا فَخر فَيفتح الله لي فيدخلنيها وَمَعِي فُقَرَاء الْمُؤمنِينَ وَلَا فَخر وَأَنا أكْرم الْأَوَّلين والآخرين على الله وَلَا فَخر)
وَأخرج أَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أرْسلت إِلَى الْجِنّ وَالْإِنْس وَإِلَى كل أَحْمَر وأسود وَأحلت لي الْغَنَائِم دون الْأَنْبِيَاء وَجعلت لي الأَرْض كلهَا مَسْجِدا وَطهُورًا ونصرت بِالرُّعْبِ أَمَامِي شهرا وَأعْطيت خَوَاتِيم سُورَة الْبَقَرَة وَكَانَت من كنوز الْعَرْش وخصصت بهَا دون الْأَنْبِيَاء وَأعْطيت المثاني مَكَان التَّوْرَاة والمئين مَكَان الأنجيل والحواميم مَكَان الزبُور وفضلت بالمفصل وَأَنا سيد ولد آدم فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَلَا فَخر وَأَنا أول من تَنْشَق الأَرْض عني وَعَن أمتِي وَلَا فَخر وَبِيَدِي لِوَاء الْحَمد يَوْم الْقِيَامَة وَجَمِيع الْأَنْبِيَاء تَحْتَهُ وَلَا فَخر وإلي مَفَاتِيح الْجنَّة يَوْم الْقِيَامَة وَلَا فَخر وَبِي تفتح الشَّفَاعَة وَلَا فَخر وَأَنا سَابق الْخلق إِلَى الْجنَّة وَلَا فَخر وَأَنا إمَامهمْ وَأمتِي بالأثر)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن كل سَبَب وَنسب مُنْقَطع يَوْم الْقِيَامَة الا سَببه وَنسبه
وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن عمر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (كل سَبَب وَنسب مُنْقَطع يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا سبيى ونسبي) قيل معنى الحَدِيث أَن أمته ينسبون إِلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة وامم سَائِر الْأَنْبِيَاء لَا ينسبون إِلَيْهِم وَقيل ينْتَفع يَوْمئِذٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ وَلَا ينْتَفع بِسَائِر الْأَنْسَاب وَيُؤَيّد هَذَا مَا أخرجه
(2/388)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَنَّهُ أول من يُجِيز على الصِّرَاط وَأول من يقرع بَاب الْجنَّة وَأول من يدخلهَا وَبعده إبنته وَأَن لَهُ فِي كل شَعْرَة من رَأسه وَوَجهه نورا وَيُؤمر أهل الْجمع بغض أَبْصَارهم حَتَّى تمر إبنته على الصِّرَاط
تقدم حَدِيث النُّور فِي بَاب ذكره فِي التَّوْرَاة والانجيل وَتقدم أَيْضا حَدِيث عقبَة فِيهِ فِي الْبَاب السَّابِق
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يضْرب جسر جَهَنَّم فَأَكُون أول من يُجِيز)
وَأخرج أَبُو نعيم عَن عَليّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة قيل يَا أهل الْجمع غضوا أبصاركم حَتَّى تمر فَاطِمَة بنت مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتمر وَعَلَيْهَا ربطتان خضراوان)
وَأخرج أَبُو نعيم عَن أبي هُرَيْرَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة نَادَى مُنَاد من وَرَاء الْحجب يَا أَيهَا النَّاس غضوا أبصاركم ونكسوا رؤوسكم فَإِن فَاطِمَة بنت مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تجوز الصِّرَاط إِلَى الْجنَّة)
وَأخرج مُسلم عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنا أول من يقرع بَاب الْجنَّة)
وَأخرج مُسلم عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (آتِي بَاب الْجنَّة يَوْم الْقِيَامَة فأستفتح فَيَقُول الخازن من أَنْت فَأَقُول مُحَمَّد فَيَقُول بك أمرت وَأَنا لَا أفتح لأحد قبلك)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنا أول النَّاس من تَنْشَق الأَرْض عَن جمجمتي يَوْم الْقِيَامَة وَلَا فَخر وَأعْطى لِوَاء الْحَمد وَلَا فَخر وَأَنا سيد النَّاس يَوْم الْقِيَامَة وَلَا فَخر وَأَنا أول من يدْخل الْجنَّة يَوْم الْقِيَامَة وَلَا فَخر)
(2/389)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد حسن عَن عمر بن الْخطاب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (الْجنَّة حرمت على الْأَنْبِيَاء حَتَّى أدخلها وَحرمت على الْأُمَم حَتَّى تدْخلهَا أمتِي) وَأخرج من حَدِيث ابْن عَبَّاس نَحوه
وَأخرج أَبُو نعيم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنا أول من يدْخل الْجنَّة وَلَا فَخر وَأول من يدْخل عَليّ الْجنَّة فَاطِمَة وَمثلهَا فِي هَذِه الْأمة مثل مَرْيَم فِي بني إِسْرَائِيل)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالكوثر والوسيلة وَبِأَن قَوَائِم منبره رواتب فِي الْجنَّة ومنبره على ترعة من ترع الْجنَّة وَمَا بَين قَبره ومنبره رَوْضَة من رياض الْجنَّة
قَالَ تَعَالَى {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر}
أخرج أَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أُوتيت خِصَالًا لَا أقولهن فخرا غفر لي مَا تقدم من ذَنبي وَمَا تَأَخّر وَجعل أمتِي خير الْأُمَم وَأُوتِيت جَوَامِع الْكَلم ونصرت بِالرُّعْبِ وَجعلت لي الأَرْض مَسْجِدا وَطهُورًا وَأُوتِيت الْكَوْثَر آنيته عدد نُجُوم السَّمَاء)
وَأخرج مُسلم عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِذا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذّن فَقولُوا مثل مَا يَقُول ثمَّ صلوا عَليّ ثمَّ سلوا الله لي الْوَسِيلَة فَإِنَّهَا منزلَة فِي الْجنَّة لَا تنبغي لعبد من عباد الله وأرجوا أَن أكون أَنا هُوَ فَمن سَأَلَ لي الْوَسِيلَة حلت عَلَيْهِ الشَّفَاعَة)
وَأخرج عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ فِي كتاب الرَّد على الْجَهْمِية عَن عبَادَة بن الصَّامِت أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِن الله رفعني يَوْم الْقِيَامَة فِي أَعلَى غرفَة من جنَّات النَّعيم لَيْسَ فَوقِي إِلَّا حَملَة الْعَرْش)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أم سَلمَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (قَوَائِم منبري رواتب فِي الْجنَّة) وَأخرج الْحَاكِم مثله من حَدِيث أبي وَاقد اللَّيْثِيّ
(2/390)
وَأخرج ابْن سعد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (منبري هَذَا على ترعة من ترع الْجنَّة)
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَا بَين بَيْتِي ومنبري رَوْضَة من رياض الْجنَّة)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن أمته الْآخرُونَ فِي الدُّنْيَا الْأَولونَ يَوْم الْقِيَامَة يقْضِي الله لَهُم قبل الْخَلَائق وَيَكُونُونَ فِي الْموقف على كوم عَال ويأتون غرا محجلين من أثار الْوضُوء وَعجل عَذَابهَا فِي الدُّنْيَا وَفِي البرزخ لتوافي الْقِيَامَة ممحصة وَتدْخل قبورها بذنوبها وَتخرج مِنْهَا بِلَا ذنُوب تمحص عَنْهَا باستغفار الْمُؤمنِينَ وَيُؤْتونَ كتبهمْ بأيمانهم وتسعى ذُرِّيتهمْ ونورهم بَين أَيْديهم وَلَهُم سِيمَا فِي وُجُوههم من أثر السُّجُود وَلَهُم نوران كالأنبياء وهم أثقل النَّاس ميزانا وَلها مَا سعت وَمَا سعي لَهَا بِخِلَاف سَائِر الْأُمَم
تقدم حَدِيث النُّور فِي بَاب ذكره فِي التَّوْرَاة والانجيل
أخرج ابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة وَحُذَيْفَة قَالَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (نَحن الاخرون من أهل الدُّنْيَا والأولون يَوْم الْقِيَامَة المقضى لَهُم قبل الْخَلَائق)
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن سَلام قَالَ إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة يبْعَث الله الخليقة أمة أمة وَنَبِيًّا نَبيا حَتَّى يكون أَحْمد وَأمته آخر الْأُمَم مركزا ثمَّ يوضع جسر على جَهَنَّم ثمَّ يُنَادي مُنَاد أَيْن أَحْمد وَأمته فَيقوم فتتبعه أمته برهَا وفاجرها فَيَأْخُذُونَ الجسر فيطمس الله أبصار أعدائه فيتهافتون فِيهَا من شمال وَيَمِين وينجو النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والصالحون مَعَه الْمَلَائِكَة تبوأهم مَنَازِلهمْ فِي الْجنَّة على يَمِينك وعَلى يسارك حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى ربه فيلقي لَهُ كرْسِي عَن يَمِين الله ثمَّ يُنَادي مُنَاد أَيْن عِيسَى وَأمته الحَدِيث
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (أَنا وَأمتِي يَوْم الْقِيَامَة على كوم مشرفين على الْخَلَائق مَا من النَّاس أحد إِلَّا ود أَنه منا
(2/391)
وَمَا من نَبِي كذبه قومه إِلَّا وَنحن نشْهد أَنه بلغ رِسَالَة ربه)
وَأخرج عَن كَعْب بن مَالك أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (يحْشر النَّاس يَوْم الْقِيَامَة فَأَكُون أَنا وَأمتِي على تل فيكسوني رَبِّي حلَّة خضراء ثمَّ يُؤذن لي فَأَقُول مَا شَاءَ الله أَن أَقُول فَذَلِك الْمقَام الْمَحْمُود)
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن أمتِي يدعونَ يَوْم الْقِيَامَة غرا محجلين من آثَار الوضو)
وَأخرج مُسلم عَن حُذَيْفَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن حَوْضِي أبعد من أَيْلَة من عدن إِنِّي لأذود عَنهُ الرِّجَال كَمَا يذود الرجل الْإِبِل الغريبة عَن حَوْضه قيل يَا رَسُول الله وتعرفنا قَالَ نعم تردون على غرا محجلين من أثر الْوضُوء سيماكم لَيست لأحد غَيْركُمْ)
وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنا أول من يُؤذن لَهُ بِالسُّجُود يَوْم الْقِيَامَة وَأَنا أول من يرفع رَأسه فَأنْظر إِلَى بَين يَدي فأعرف أمتِي من بَين الْأُمَم وَمن خَلْفي مثل ذَلِك وَعَن يَمِيني مثل ذَلِك وَعَن شمَالي مثل ذَلِك فَقَالَ رجل كَيفَ تعرف أمتك يَا رَسُول الله من بَين الْأُمَم فِيمَا بَين نوح إِلَى أمتك قَالَ هم غر محجلون من أثر الْوضُوء لَيْسَ أحد كَذَلِك غَيرهم وأعرفهم أَنهم يُؤْتونَ كتبهمْ بأيمانهم وأعرفهم تسْعَى ذُرِّيتهمْ بَين أَيْديهم
وَأخرج أَحْمد بِسَنَد صَحِيح عَن أبي ذَر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (أَنِّي لأعرف أمتِي يَوْم الْقِيَامَة من بَين الْأُمَم قالو يَا رَسُول الله كَيفَ تعرف أمتك قَالَ أعرفهم يُؤْتونَ كتبهمْ بأيمانهم وأعرفهم بِسِيمَاهُمْ فِي وُجُوههم من أثر السُّجُود وأعرفهم بنورهم يسْعَى بَين أَيْديهم
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أمتِي أمة مَرْحُومَة تدخل قبورها بذنوبها وَتخرج من قبورها لَا ذنُوب عَلَيْهَا تمحص عَنْهَا باستغفار الْمُؤمنِينَ لَهَا
(2/392)
وَأخرج أَحْمد عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (لَا يُحَاسب أحد يَوْم الْقِيَامَة فَيغْفر لَهُ يرى الْمُسلم عمله فِي قَبره قَالَ الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ يُحَاسب الْمُؤمن فِي الْقَبْر ليَكُون أَهْون عَلَيْهِ غَدا فِي الْموقف فيمحص فِي البرزخ ليخرج من الْقَبْر وَقد اقْتصّ مِنْهُ)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن يزِيد الْأنْصَارِيّ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (إِن عَذَاب هَذِه الْأمة جعل فِي دنياها)
وَأخرج أَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ عَن رجل من الصَّحَابَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (عُقُوبَة هذهالأمة بِالسَّيْفِ)
وَأخرج ابْن ماجة الْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن هَذِه الْأمة مَرْحُومَة عَذَابهَا بأيديها فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة دفع إِلَى كل رجل من الْمُسلمين رجل من الْمُشْركين فَيُقَال هَذَا فداؤك من النَّار)
وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن لَيْث قَالَ قَالَ عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ الصَّلَاة السَّلَام أمة مُحَمَّد أثقل النَّاس فِي الْمِيزَان ذلت ألسنتهم بِكَلِمَة ثقلت على من كَانَ قبلهم لَا إِلَه إِلَّا الله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَن لَيْسَ للْإنْسَان إِلَّا مَا سعى} قَالَ فِي صحف إِبْرَاهِيم ومُوسَى لأمتيهما وَأما هَذِه الْأمة فلهَا مَا سعت وَمَا سعي لَهَا
(2/393)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن أمته يدْخلُونَ الْجنَّة قبل كل أحد وَيغْفر لَهُم الْمُقْحمَات وهم أول من تَنْشَق الأَرْض عَنهُ من الْأُمَم
تقدم حَدِيث الأولى وَالثَّالِثَة قَرِيبا وَحَدِيث الثَّانِيَة عَن ابْن مَسْعُود فِي الْإِسْرَاء
بَاب يدْخل من أمته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَبْعُونَ ألفا بِغَيْر حِسَاب
قَالَ الشَّيْخ عز الدّين ابْن عبد السَّلَام وَمن خَصَائِصه أَنه يدْخل الْجنَّة من أمته سَبْعُونَ ألفا بِغَيْر حِسَاب وَلم يثبت ذَلِك لغيره من الْأَنْبِيَاء
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ خرج إِلَيْنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات يَوْم فَقَالَ (عرضت عَليّ الْأُمَم يمر عَليّ النَّبِي مَعَه الرجل وَالنَّبِيّ مَعَه الرّجلَانِ وَالنَّبِيّ لَيْسَ مَعَه أحد وَالنَّبِيّ مَعَه الرَّهْط فَرَأَيْت سوادا كثيرا فرجوت أَن تكون هَذِه أمتِي فَقيل لي هَذَا مُوسَى وَقَومه ثمَّ قيل أنظر فَرَأَيْت سوادا كثيرا قد سد الْأُفق قيل لي أنظر هَكَذَا وَهَكَذَا فَرَأَيْت سوادا فَقيل لي هَؤُلَاءِ أمتك وَمَعَ هَؤُلَاءِ سَبْعُونَ ألفا يدْخلُونَ الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب)
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه عَن أبي أُمَامَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (وَعَدَني رَبِّي أَن يدْخل الْجنَّة من أمتِي سبعين ألفا لَا حِسَاب عَلَيْهِم وَلَا عَذَاب مَعَ كل ألف سبعين ألفا وَثَلَاث حثيات من رَبِّي)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن عمر بن حزم الْأنْصَارِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِن رَبِّي وَعَدَني أَن يدْخل من أمتِي الْجنَّة سبعين ألفا لَا حِسَاب عَلَيْهِم وَأَنِّي سَأَلت رَبِّي الْمَزِيد فَأَعْطَانِي مَعَ كل وَاحِد من السّبْعين ألأفا سبعين ألفا قلت يَا رب وتبلغ أمتِي هَذَا قَالَ أكمل لَك الْعدَد من الْأَعْرَاب) وَتقدم أَن ذَلِك من صفته فِي التَّوْرَاة فِي حَدِيث الغلتان بن عَاصِم فِي بَاب ذكره فِي التَّوْرَاة والانجيل
(2/394)
بَاب نزُول أمته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منزلَة الْعُدُول
قَالَ الشَّيْخ عز الدّين وَمن خَصَائِصه أَن الله تَعَالَى نزل أمته منزلَة الْعُدُول من الْحُكَّام فَيَشْهَدُونَ على النَّاس بِأَن رسلهم بلغتهم وَهَذِه الخصيصة لم تثبت لأحد من الْأَنْبِيَاء أنْتَهى وَقد قَالَ تَعَالَى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا لِتَكُونُوا شُهَدَاء على النَّاس وَيكون الرَّسُول عَلَيْكُم شَهِيدا}
وَأخرج البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يدعى نوح يَوْم الْقِيَامَة فَيُقَال هَل بلغت فَيَقُول نعم فَتُدْعَى أمته فَيُقَال لَهُم هَل بَلغَكُمْ فَيَقُولُونَ مَا أَتَانَا من نَذِير وَمَا أَتَانَا أحد فَيُقَال من يشْهد لَك فَيَقُول مُحَمَّد وَأمته فَذَلِك قَوْله تَعَالَى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا} قَالَ الْوسط الْعدْل فتدعون فتشهدون لَهُ بالبلاغ وَأشْهد عَلَيْكُم
وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يَجِيء النَّبِي يَوْم الْقِيَامَة وَمَعَهُ الرجل وَالنَّبِيّ وَمَعَهُ الرّجلَانِ وَأكْثر من ذَلِك فَيُقَال لَهُم هَل بَلغْتُمْ فَيَقُولُونَ نعم فيدعي قَومهمْ فَيُقَال لَهُم هَل بَلَّغُوكُمْ فَيَقُولُونَ لَا فَيُقَال لِلنَّبِيِّينَ من يشْهد لكم أَنكُمْ بَلغْتُمْ فَيَقُولُونَ أمة مُحَمَّد فَتُدْعَى أمة مُحَمَّد فَيَشْهَدُونَ أَنهم قد بلغُوا فَيُقَال لَهُم وَمَا علمكُم أَنهم قد بلغُوا فَيَقُولُونَ جَاءَنَا نَبينَا بِكِتَاب أخبرنَا أَنهم قد بلغُوا فَصَدَّقْنَاهُ فَيُقَال لَهُم صَدقْتُمْ فَذَلِك قَوْله تَعَالَى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا} قَالَ عُدُولًا {لِتَكُونُوا شُهَدَاء على النَّاس وَيكون الرَّسُول عَلَيْكُم شَهِيدا}
بَاب قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حر جَهَنَّم كحر الْحمام
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي بكر الصّديق قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِنَّمَا حر جَهَنَّم على أمتِي كحر الْحمام)
(2/395)
ذكر الخصائص الَّتِي اخْتصَّ بهَا عَن أمته من وَاجِبَات ومحرمات ومباحات وكرامات مِمَّا لم يتَقَدَّم لَهُ ذكر
وَهَذَا النَّوْع أفرده جمَاعَة من الْفُقَهَاء وَتعرض لَهُ أَصْحَابنَا الشَّافِعِيَّة فِي كتبهمْ الْفِقْهِيَّة فِي بَاب النِّكَاح وَلم يستوفوا وانا أستوفي هُنَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى ذَلِك إستيفاء لَا مزِيد عَلَيْهِ وَأعلم إِنِّي أذكر كل مَا قَالَ فِيهِ عَالم أَنه من خَصَائِصه سَوَاء كَانَ عَلَيْهِ أَصْحَابنَا أم لَا مصححا أم لَا فَإِن ذَلِك دأب المتتبعين المستوعبين وَإِن كَانَ الجهلة القاصرون إِذا رَأَوْا مثل ذَلِك بَادرُوا إِلَى الْإِنْكَار على مورده
الخصائص الكبرى
قسم الْوَاجِبَات وَالْحكمَة فِي اخْتِصَاصه بهَا زِيَادَة الدَّرَجَات والزلفى
فَفِي الصَّحِيح عَن الله تَعَالَى لن يتَقرَّب إِلَيّ المتقربون بِمثل أَدَاء مَا افترضت عَلَيْهِم وَفِي حَدِيث أَن ثَوَاب الْفَرْض يعدل سبعين مَنْدُوبًا
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِوُجُوب صَلَاة اللَّيْل وَالْوتر وَالْفَجْر وَالضُّحَى والسواك والضحية
قَالَ تَعَالَى {وَمن اللَّيْل فتهجد بِهِ نَافِلَة لَك}
(2/396)
أخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة فِي الْآيَة قَالَ كَانَت للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَافِلَة وَلكم فَضِيلَة
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (ثَلَاثَة هن عَليّ فَرَائض وَلكم سنة الْوتر والسواك وَقيام اللَّيْل)
وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (ثَلَاث هن عَليّ فَرَائض وَلكم تطوع النَّحْر وَالْوتر وركعتا الضُّحَى)
وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (ثَلَاث هن عَليّ فَرَائض وَلكم تطوع النَّحْر وَالْوتر وركعتا الْفجْر)
وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار من وَجه آخر عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا أمرت بركعتي الْفجْر وَالْوتر وَلَيْسَ عَلَيْكُم الضُّحَى)
وَأخرج أَحْمد وَعبيد فِي مُسْنده عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا (أمرت بركعتي الضُّحَى وَلم تؤمروا بهَا وَأمرت بالأضحى وَلم تكْتب عَلَيْكُم)
وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ من وَجه ثَالِث عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا (ثَلَاث عَليّ فَرِيضَة وَهن لكم تطوع الْوتر وركعتا الْفجْر وركعتا الضُّحَى)
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن عبد الله بن حَنْظَلَة الغسيل أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُؤمر بِالْوضُوءِ لكل صَلَاة طَاهِرا كَانَ أَو غير طَاهِر فَلَمَّا شقّ ذَلِك عَلَيْهِ أَمر بِالسِّوَاكِ عِنْد كل صَلَاة وَوضع عَنهُ الْوضُوء إِلَّا من حدث
فَائِدَة ثَبت أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى الْوتر على الرَّاحِلَة قَالَ بَعضهم وَلَو كَانَ وَاجِبا عَلَيْهِ لم يجز فعله على الرَّاحِلَة وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب كَانَ من خَصَائِصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَوَاز فعل هَذَا الْوَاجِب الْخَاص بِهِ على الرَّاحِلَة
(2/397)
فَائِدَة
أخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ أوتر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَيْسَ عَلَيْك وَصلى الضُّحَى وبس عَلَيْك وَصلى قبل الظّهْر وبس عَلَيْك وضحى وَلَيْسَ عَلَيْك وَهَذَا قد يشْعر بِأَن الصَّلَاة الَّتِي كَانَ يُصليهَا عِنْد الزَّوَال من خَصَائِصه الْوَاجِبَة عَلَيْهِ
وَأخرج الديلمي فِي مُسْند الفردوس بِسَنَد فِيهِ نوح ابْن أبي مَرْيَم وَهُوَ وَضاع من حَدِيث ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا الْوتر عَليّ فَرِيضَة وَهُوَ لكم تطوع والأضحى عَليّ فَرِيضَة وَهِي لكم تطوع وَالْغسْل يَوْم الْجُمُعَة عَليّ فَرِيضَة وَهُوَ لكم تطوع
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِوُجُوب الْمُشَاورَة
قَالَ تَعَالَى {وشاورهم فِي الْأَمر}
أخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما نزلت {وشاورهم فِي الْأَمر} قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أما أَن الله وَرَسُوله لَغَنِيَّانِ عَنْهَا وَلَكِن جعلهَا الله تَعَالَى رَحْمَة لأمتي)
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن عَائِشَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن الله أَمرنِي بمداراة النَّاس كَمَا أَمرنِي بِإِقَامَة الْفَرَائِض)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ مَا رَأَيْت من النَّاس أحدا أَكثر مشورة لأَصْحَابه من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج الْحَاكِم عَن عَليّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَو كنت مستخلفا أحدا عَن غير مشورة لاستخلفت ابْن أم عبد)
وَأخرج أَحْمد عَن عبد الرَّحْمَن بن غنم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأبي بكر وَعمر (لَو اجتمعتما فِي مشورة مَا خالفتكما)
(2/398)
وَأخرج الْحَاكِم عَن الْحباب بن الْمُنْذر قَالَ أَشرت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بخصلتين فقبلهما مني خرجت مَعَه يَوْم بدر فَعَسْكَرَ خلف المَاء فَقلت يَا رَسُول الله أبوحي فعلت أم بِرَأْي قَالَ بِرَأْي يَا حباب قلت فَإِن الرَّأْي أَن تجْعَل المَاء خَلفك فَإِن لجأت لجأت إِلَيْهِ فَقبل ذَلِك مني
وَنزل جِبْرِيل فَقَالَ أَي الْأَمريْنِ أحب إِلَيْك أَن تكون فِي دنياك مَعَ أَصْحَابك أَو ترد إِلَى رَبك فِيمَا وَعدك من جنَّات النَّعيم فَاسْتَشَارَ النَّاس أَصْحَابه فَقَالُوا يَا رَسُول الله تكون مَعنا احب إِلَيْنَا وتخبرنا بعورات عدونا تَدْعُو لنيصرنا عَلَيْهِم وتخبرنا من خبر السَّمَاء فَقَالَ مَا لَك لَا تَتَكَلَّم يَا حباب قلت يَا رَسُول الله اختر حَيْثُ اخْتَار لَك رَبك فَقبل ذَلِك مني
وَأخرج ابْن سعد عَن يحيى بن سعيد ان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتَشَارَ يَوْم بدر فَقَامَ الْحباب بن الْمُنْذر فَقَالَ نَحن أهل الْحَرْب أرى أَن تغور المياء إِلَّا مَاء وَاحِدًا نلقاهم عَلَيْهِ قَالَ واستشارهم يَوْم قُرَيْظَة وَالنضير فَقَامَ الْحباب بن الْمُنْذر فَقَالَ أرى أَن تنزل بَين الْقُصُور فتقطع خبر هَؤُلَاءِ عَن خبر هَؤُلَاءِ وَخبر هَؤُلَاءِ عَن خبر هَؤُلَاءِ فَأخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقوله
وَأخرج الْحَاكِم عَن عبد الحميد بن ابي عبس بن مُحَمَّد بن أبي عبس عَن أَبِيه عَن جده قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من لي بِابْن الْأَشْرَف فقد آذَى الله تَعَالَى وَرَسُوله فَقَالَ مُحَمَّد بن مسلمة أَتُحِبُّ أَن أَقتلهُ فَصمت ثمَّ قَالَ ائْتِ سعد بن معَاذ فاستشره فَجِئْته فَذَكرته فَذكرت لَهُ ذَلِك فَقَالَ امْضِ على بركَة الله)
قَالَ المارودي اخْتلف فِيمَا يشاور فِيهِ فَقَالَ قوم فِي الحروب ومكابدة الْعَدو خَاصَّة وَقَالَ آخَرُونَ فِي أُمُور الدُّنْيَا وَالدّين وَقَالَ آخَرُونَ فِي أُمُور الدّين تَنْبِيها لَهُم على علل الْأَحْكَام وَطَرِيق الإجتهاد
(2/399)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِوُجُوب مصابرة الْعَدو وَأَن كثر عَددهمْ وَوُجُوب تَغْيِير الْمُنكر وَلَا يسْقط للخوف بِخِلَاف غَيره من الامة فيهمَا
وَوجه الْأَمريْنِ أالله تَعَالَى وعده بِالْحِفْظِ والعصمة فَقَالَ {وَالله يَعْصِمك من النَّاس} فَلم يَكُونُوا يصلونَ إِلَيْهِ بِسوء قلوا اَوْ كَثُرُوا
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِوُجُوب قَضَاء دين من مَاتَ من الْمُسلمين مُعسرا
أخرج ابْن ماجة عَن جَابر بن عبد الله قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من ترك مَالا فلأهله وَمن ترك دينا أَو ضيَاعًا فعلي وإلي)
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يؤتيى بِالرجلِ المتوفي عَلَيْهِ الدّين فَيسْأَل هَل ترك لدينِهِ من قَضَاء فَإِن حدث أَنه ترك وَفَاء صلى عَلَيْهِ وَإِلَّا قَالَ للْمُسلمين صلوا على صَاحبكُم فَلَمَّا فتح الله عَلَيْهِ الْفتُوح قَامَ فَقَالَ أَنا أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم فَمن توفّي من الْمُؤمنِينَ فَترك دينا فعلي قَضَاؤُهُ وَمن ترك مَالا فلورثته
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِوُجُوب تَخْيِير نِسَائِهِ وإمساك مختارته وَتَحْرِيم طَلاقهَا
أخرج أَحْمد وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ عَن جَابر قَالَ دخل أَبُو بكر وَعمر على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَحَوله نساؤه وَهُوَ سَاكِت فَقَالَ عمر لأُكلمَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يضْحك فَقَالَ عمر يَا رَسُول الله لَو رَأَيْت إبنة زيد إمرأة عمر سَأَلتنِي النَّفَقَة آنِفا فَوَجَأْت عُنُقهَا فَضَحِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ (هن حَولي يَسْأَلْنَنِي النَّفَقَة) فَقَامَ أَبُو بكر إِلَى
(2/400)
عَائِشَة ليضربها وَقَامَ عمر الى حَفْصَة كِلَاهُمَا يَقُولَانِ تَسْأَلَانِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا لَيْسَ عِنْده وَأنزل الله تَعَالَى الْخِيَار فَبَدَأَ بعائشة فَقَالَ إِنِّي ذَاكر لَك أمرا فَأحب ان لَا تعجلِي فِيهِ حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْك قَالَت مَا هُوَ فَتلا عَلَيْهَا {يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك إِن كنتن تردن الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزينتهَا} الْآيَة قَالَت عَائِشَة أفيك استأمر أَبَوي بل اخْتَار الله وَرَسُوله)
واخرج ابْن سعد عَن أبي جَعْفَر قَالَ نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا نسَاء بعد النَّبِي أغْلى مهورا منا فغار الله لنَبيه فَأمره ان يعتزلهن فاعتزلهن تِسْعَة وَعشْرين يَوْمًا ثمَّ أمره ان يُخَيِّرهُنَّ فخيرهن
واخرج ابْن سعد عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ لما خير رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نِسَاءَهُ بَدَأَ بعائشة فاخترنه جَمِيعًا غير العامريه اخْتَارَتْ قَومهَا فَكَانَت بعد تَقول أَنا الشقية وَكَانَت تلقط البعر وتبيعه وتستأذن على أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتسألهن وَتقول أَنا الشقية
واخرج ابْن سعد عَن ابْن مناح قَالَ اخترنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَمِيعًا غير العامرية اخْتَارَتْ قَومهَا فَكَانَت ذَاهِبَة الْعقل حَتَّى مَاتَت
واخرج ابْن سعد عَن عِكْرِمَة قَالَ لما خيرهن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اخْترْنَ الله وَرَسُوله فَأنْزل الله تَعَالَى {لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد} قَالَ من بعد هَؤُلَاءِ التسع اللَّاتِي اخترنك فقد حرم عَلَيْك تزوج غَيْرهنَّ
واخرج ابْن سعد عَن ابي بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام وَعَن الْحسن وَعَن مُجَاهِد وَعَن أبي امامة بن سهل قَالُوا فِي قَوْله تَعَالَى {لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد} حبس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على نِسَائِهِ فَلم يتَزَوَّج بعدهن
(2/401)
واخرج ابْن سعد عَن عَائِشَة قَالَت لم يمت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى احل لَهُ ان يتَزَوَّج من النِّسَاء مَا شَاءَ إِلَّا ذَات محرم لقَوْله تَعَالَى {ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ} الآيه
واخرج ابْن سعد مثله عَن أم سَلمَة وَابْن عَبَّاس وَعَطَاء بن يسَار وَمُحَمّد بن عمر ابْن عَليّ بن أبي طَالب
وَأخرج ابْن سعد عَن عَائِشَة قَالَت لما نزل {ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ} قلت آن الله يُسَارع لَك فِيمَا تُرِيدُ
وَقد اخْتلف الْعلمَاء فِي نُكْتَة التَّخْيِير فَقَالَ الْغَزالِيّ لَان الْغيرَة توغر الصُّدُور وتنفر الْقلب وتوهن الِاعْتِقَاد
قَالَ الرَّافِعِيّ لما خَيره الله تَعَالَى بَين الْغنى والفقر فَاخْتَارَ الْفقر واثر لنَفسِهِ الصَّبْر عَلَيْهِ أمره بتخييرهن لِئَلَّا يكون مكْرها لَهُنَّ على الْفقر والضر قَالَ بَعضهم امتحنهن بالتخيير ليَكُون لرَسُوله خير النِّسَاء
قَالَ فِي الرَّوْضَة وَغَيرهَا لما خيرهن فاخترنه كافأهن الله على حسن صنيعهن بِالْجنَّةِ فَقَالَ (فان الله اعد للمحسنات مِنْكُن أجرا عَظِيما) بِأَن حرم على رَسُوله التَّزَوُّج عَلَيْهِنَّ والاستبدال بِهن فَقَالَ (لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد وَلَا ان تبدل بِهن من أَزوَاج) ثمَّ نسخ ذَلِك لتَكون الْمِنَّة لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بترك التَّزَوُّج عَلَيْهِنَّ بقوله (يَا أَيهَا النَّبِي انا أَحللنَا لَك أَزوَاجك) الْآيَة
واخرج احْمَد والتزمذي وَابْن حبَان وَالْحَاكِم عَن عَائِشَة قَالَت مَا مَاتَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى حل لَهُ النِّسَاء إِسْنَاده صَحِيح وَاخْتلف هَل احل لَهُ جَمِيع النِّسَاء
(2/402)
أَو الْمُهَاجِرَات فَقَط لظَاهِر الْآيَة على وَجْهَيْن حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيّ فعلى الثَّانِي يكون ذَلِك أَيْضا خصيصة انه يحرم عَلَيْهِ نِكَاح من لم تهَاجر وَيُؤَيِّدهُ مَا اخرجه التزمذي عَن أم هاني قَالَت لم أكن احل لَهُ لِأَنِّي لم اهاجر وَرجح الأول بِأَنَّهُ اوسع فِي النِّكَاح من أمته فَلم يجز ان ينقص عَنْهُم وَبِأَنَّهُ تزوج صَفِيَّة بعد وَلَيْسَت من الْمُهَاجِرَات
وَيُجَاب عَن الأول بِأَن ذَلِك لَا يُنَافِي كَونه أوسع تَشْرِيفًا لمنصبه بِدَلِيل انه لَا ينْكح الْكِتَابِيَّة وَهِي مُبَاحَة للامة
وَعَن الثَّانِي بِأَن الْمُرَجح أَن تَزْوِيج صَفِيَّة كَانَ قبل نزُول الْآيَة فانه تزَوجهَا فِي خَبِير سنة سبع وَالْآيَة نزلت سنة تسع
قَالَ أَصْحَابنَا وأبيح لَهُ التبدل بِهن لكنه لم يَفْعَله وَخَالف أَبُو حنيفَة فَقَالَ دَامَ التَّحْرِيم وَلم ينْسَخ
وَأحد الْوَجْهَيْنِ عندنَا وَهُوَ نَص الشَّافِعِي فِي الْأُم وَبِه قطع الْمَاوَرْدِيّ انه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يحرم عَلَيْهِ طَلَاق من اختارته كَمَا كَانَ يحرم إِِمْسَاكهَا لَو رغبت عَنهُ وَحكى أَصْحَابنَا وَجْهَيْن فِيمَن اخْتَارَتْ الْفِرَاق أَحدهمَا تحرم عَلَيْهِ مُؤَبَّدًا لاختيارها الدُّنْيَا على الْآخِرَة فَلم تكن من أَزوَاجه فِي الْآخِرَة وعَلى هَذَا فَذَلِك من خَصَائِصه لَان الْوَاحِد من الْأمة إِذا خير زَوجته فَاخْتَارَتْ نَفسهَا وجعلناه طَلَاقا لم تحرم عَلَيْهِ على التَّأْبِيد
بَاب قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعَيْش عَيْش الاخرة
قيل من خَصَائِصه ان كَانَ يجب عَلَيْهِ إِذْ رأى مَا يُعجبهُ ان يَقُول لبيْك ان الْعَيْش عَيْش الاخرة حَكَاهُ الرَّافِعِيّ
وَمِنْهَا انه يجب عَلَيْهِ اداء فرض الصَّلَاة كَامِلَة لَا خلل فِيهَا ذكره الْمَاوَرْدِيّ وَغَيره
(2/403)
وَمِنْهَا انه كَانَ يُؤْخَذ عَن الدُّنْيَا حَالَة الْوَحْي وَلَا تسْقط عَن الصَّلَاة وَالصَّوْم وَسَائِر الْأَحْكَام ذكره ابْن الْقَاص فِي التخليص والقفال وَحَكَاهُ النَّوَوِيّ فِي زَوَائِد الرَّوْضَة وَجزم بِهِ ابْن سبع
وَمِنْهَا انه كَانَ يلْزمه اتمام كل تطوع شرع فِيهِ حَكَاهُ فِي الرَّوْضَة وَأَصلهَا
وَمِنْهَا انه كَانَ مطالبا بِرُؤْيَة مُشَاهدَة الْحق مَعَ معاشرة النَّاس بِالنَّفسِ وَالْكَلَام
وَمِنْهَا انه كلف من الْعلم وَحده مَا كلفه النَّاس بأجمعهم
وَمِنْهَا انه يدْفع بِالَّتِي هِيَ أحسن
وَمِنْهَا انه كَانَ يغان على قلبه فيستغفر الله كل يَوْم سبعين مرّة ذكر هَذِه كلهَا ابْن الْقَاص من أَصْحَابنَا فِي تلخيصه وَابْن سبع
وَحكى الْجِرْجَانِيّ فِي الشافي وَجها ان الامامة فِي مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم افضل من الْأَذَان بِخِلَاف غَيره لانه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لَا يقر على السَّهْو الْغَلَط بِخِلَاف غَيره
قلت وَهَذَا الْوَجْه يَنْبَغِي ان يقطع بِهِ وَيجْعَل مَحل الْخلاف فِي التَّفْضِيل بَين الاقامه وَالْأَذَان فِي غَيره
قسم الْمُحرمَات
وفائته التكرمة حَيْثُ تنزه عَن سفساف الْأُمُور وَحمل على مَكَارِم الْأَخْلَاق ولان اجْرِ ترك الْمحرم اكثر من الْمَكْرُوه
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم الزَّكَاة وَالصَّدَََقَة عَلَيْهِ وعَلى آله وعَلى موَالِيه وموالي آله
اخْرُج مُسلم عَن الْمطلب بن رَبِيعه ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ان هَذِه الصَّدقَات
(2/404)
إِنَّمَا هِيَ أوساخ النَّاس وانها لَا تحل لمُحَمد وَلَا لآل مُحَمَّد
واخرج ابْن سعد عَن أبي هُرَيْرَة وَعَائِشَة وعبد الله بن بسر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقبل الْهَدِيَّة وَلَا يقبل الصدقه
واخرج ابْن سعد عَن الْحسن ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ان الله حرم على الصَّدَقَة وعَلى أهل بَيْتِي
واخرج احْمَد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أُتِي بِطَعَام من غير اهله سَأَلَ عَنهُ فَإِن قيل هَدِيَّة اكل وان قيل صدقه لم يَأْكُل
واخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ اسْتعْمل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الأرقم الزُّهْرِيّ على السّعَايَة فاستتبع أَبَا
واخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ اسْتعْمل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الأرقام الزُّهْرِيّ على السّعَايَة فاستتبع أَبَا رَافع مولى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأتي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا ابا رَافع ان الصَّدَقَة حرَام على مُحَمَّد وعَلى ال مُحَمَّد
واخرجه احْمَد وَأَبُو دَاوُد من حَدِيث أبي رَافع وَفِيه فَقَالَ ان الصَّدَقَة لَا تحل لنا وان مولى الْقَوْم من انفسهم
واخرج ابْن سعد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَليّ قَالَ قلت للْعَبَّاس سل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ان يستعملك على الصَّدَقَة فَسَأَلَهُ فَقَالَ ماكنت لاستعملك على غسالة الْأَيْدِي
واخرج ابْن ابْن سعد عَن عبد الْملك بن الْمُغيرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا بني عبد الْمطلب ان الصَّدَقَة أوساخ النَّاس فَلَا تَأْكُلُوهَا وَلَا تعملوا عَلَيْهَا
وَأخرج مُسلم وَابْن سعد عَن الْمطلب بن ربيعَة بن الْحَارِث قَالَ جِئْت انا وَالْفضل بن الْعَبَّاس فَقُلْنَا يَا رَسُول الله جِئْنَا لتؤمرنا على هَذِه الصَّدقَات فَسكت وفع رَأسه الى سقف الْبَيْت حَتَّى أردنَا ان نكلمه فَأَشَارَتْ إِلَيْنَا زَيْنَب من وَرَاء حجابها كَأَنَّهَا تَنْهَانَا عَن كَلَامه وَأَقْبل فَقَالَ ان الصَّدَقَة لَا تحل لمُحَمد وَلَا لآل مُحَمَّد وانما هِيَ اوساخ النَّاس
قَالَ الْعلمَاء لما كَانَت الصَّدَقَة أوساخ النَّاس نزه منصبه الشريف عَن ذَلِك وانجز الى بسبه آله وايضا فالصدقة تُعْطى على سَبِيل الترحم الْمَبْنِيّ على ذَلِك الْآخِذ فأبدلوا
(2/405)
عَنْهَا بِالْغَنِيمَةِ الْمَأْخُوذَة بطرِيق الْعِزّ والشرف المنبئ عَن عز الْآخِذ وذل الْمَأْخُوذ مِنْهُ
وَقد اخْتلف عُلَمَاء السّلف هَل شَاركهُ فِي ذَلِك الْأَنْبِيَاء أم اخْتصَّ بِهِ دونهم فَقَالَ بِالْأولِ الْحسن والبصري وَبِالثَّانِي سُفْيَان بن عيينه
ثمَّ الزَّكَاة وَصدقَة التَّطَوُّع بِالنِّسْبَةِ اليه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَوَاء وَأما آله فمذهبنا انه لَا يحرم عَلَيْهِم سوى الزَّكَاة وَأما صَدَقَة التَّطَوُّع فَتحل لَهُم فِي الْأَصَح وَفِي وَجه عندنَا وَهُوَ مَذْهَب الْمَالِكِيَّة انها تحرم عَلَيْهِم أَيْضا وَفِي وَجه ثَالِث تحرم عَلَيْهِم الْخَاصَّة دون الْعَامَّة كالمساجد ومياه الْآبَار
وَحكى ابْن الصّلاح عَن أمالي ابي الْفرج السَّرخسِيّ ان فِي صرف الْكَفَّارَة وَالنّذر الى الْهَاشِمِي قَوْلَيْنِ وَفِي جَوَاز كَونهم عمالا على الزَّكَاة وَجْهَان اصحهما ايضا الْمَنْع والاحاديث السَّابِقَة صَرِيحَة فِيهِ
بَاب لايصح لآل مُحَمَّد اكل ثمن اُحْدُ من ولد اسماعيل
اخْرُج احْمَد عَن عمرَان بن حُصَيْن الضَّبِّيّ ان لاجلا حَدثهُ قَالَ كَانَ شَيْخَانِ للحي قد انْطلق ابْن لَهما فلحق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَا ائته فأطلبه مِنْهُ فَإِن أبي الا الْفِدَاء فافتده فَأَتَيْته فطلبته مِنْهُ فَقَالَ هُوَ ذَا فأت بِهِ اباه فَقلت الْفِدَاء يَا نَبِي الله فَقَالَ انه لايصلح لنا آل مُحَمَّد ان نَأْكُل ثمن اُحْدُ من ولد اسماعيل هَذَا الحكم الْمَذْكُور فِي هَذَا الحَدِيث لم أر أحدا من الْفُقَهَاء نبه عَلَيْهِ
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم اكل مَا لَهُ ريح كريهه فِي اُحْدُ الْوَجْهَيْنِ
أخرج احْمَد وَالْحَاكِم عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ نزل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أبي ايوب وَكَانَ إِذا اكل طَعَاما بعث اليه بفضله فَينْظر الى مَوضِع يَد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا فَقَالَ يارسول الله لم أر أثر أصابعك قَالَ انه كَانَ فِيهِ ثوم قَالَ احرام هُوَ قَالَ لَا انك لست مثلي إِنَّه يأتيني الْملك
(2/406)
واخرج الشَّيْخَانِ عَن جَابر قَالَ أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِقدر فِيهِ خضراوات من بقول فَوجدَ لَهَا ريحًا فَسَأَلَ فَأخْبر بِمَا فِيهَا من الْبُقُول فَقَالَ قربوها الى بعض اصحابه فَلَمَّا رَآهُ كره اكلها قَالَ كل فَإِنِّي أُنَاجِي من لَا تناجي
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم الاكل مُتكئا فِي أحد الْوَجْهَيْنِ
أخرج البُخَارِيّ عَن أبي جُحَيْفَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أما أَنا فَلَا آكل مُتكئا
وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن عَمْرو قَالَ مارؤي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْكُل مُتكئا قطّ
وَأخرج ابْن سعد وابو يعلى بِسَنَد حسن عَن عَائِشَة ان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهَا يَا عَائِشَة لَو شِئْت لَسَارَتْ معي جبال الذَّهَب أَتَانِي ملك وَإِن حجزته لتساوي الْكَعْبَة فَقَالَ ان رَبك يقْرَأ عَلَيْك السَّلَام وَيَقُول لَك ان شِئْت نَبيا ملكا وَإِن شِئْت نَبيا عبدا فَأَشَارَ الى جِبْرِيل ضع نَفسك فَقلت نَبيا عبدا قَالَت فَكَانَ بعد ذَلِك لَا يَأْكُل مُتكئا وَيَقُول آكل كَمَا يَأْكُل العَبْد واجلس كَمَا يجلس العَبْد
وَأخرج ابْن سعد عَن الزُّهْرِيّ قَالَ بلغنَا انه اتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ملك لم يَأْته قبلهَا وَمَعَهُ جِبْرِيل فَقَالَ الْملك وَجِبْرِيل صَامت ان رَبك يخيرك بَين ان تكون نَبيا ملكا وَبَين أَن تكون نَبيا عبدا فَنظر إِلَى جِبْرِيل كالمستأمر لَهُ فَأَشَارَ اليه ان تواضع فَقَالَ بل نَبيا عبدا فزعموا انه لم يَأْكُل مُنْذُ قَالَهَا مُتكئا حَتَّى فَارق الدُّنْيَا
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ إِن الله أرسل إِلَى نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ملكا من الملائكه مَعَه جِبْرِيل فَقَالَ إِن الله يخيرك بَين أَن تكون عبدا نَبيا وَبَين ان تكون ملكا نَبيا فَالْتَفت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى جِبْرِيل كالمستشير لَهُ فَأَشَارَ جِبْرِيل الى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ان تواضع فَقَالَ بل أكون عبدا نَبيا فَمَا اكل بعد تِلْكَ الْكَلِمَة طَعَاما مُتكئا حَتَّى لَقِي ربه
(2/407)
وَأخرج ابْن سعد عَن عَطاء بن يسَار أَن جِبْرِيل أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بِأَعْلَى مكه يَأْكُل مُتكئا فَقَالَ لَهُ يَا مُحَمَّد أكل الْمُلُوك فَجَلَسَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج ابْن عدي وَابْن عَسَاكِر عَن انس ان جِبْرِيل جَاءَ الى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يَأْكُل مُتكئا فَقَالَ الاتكاء من النِّعْمَة فَاسْتَوَى قَاعِدا فَمَا رؤى بعد ذَلِك مُتكئا وَقَالَ إِنَّمَا أَنا عبد آكل كَمَا يَأْكُل العَبْد واشرب كَمَا يشرب العَبْد
قَالَ الْخطابِيّ المُرَاد بالمتكئ هُنَا الْجَالِس الْمُعْتَمد على وطأ تَحْتَهُ وَأقرهُ الْبَيْهَقِيّ وَابْن دحيه وَالْقَاضِي عِيَاض وَنسبه للمحققين وَقَالَ بَعضهم المُرَاد بِهِ المائل على جنب
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم الْكِتَابَة وَالشعر
قَالَ الله تَعَالَى {الَّذين يتبعُون الرَّسُول النَّبِي الْأُمِّي} وَقَالَ تَعَالَى {وَمَا كنت تتلو من قبله من كتاب وَلَا تخطه بيمينك إِذا لارتاب المبطلون} وَقَالَ تَعَالَى {وَمَا علمناه الشّعْر وَمَا يَنْبَغِي لَهُ}
وَأخرج ابْن ابي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ كَانَ أهل الْكتاب يَجدونَ فِي كتبهمْ ان مُحَمَّدًا لَا يخط بِيَمِينِهِ وَلَا يقْرَأ كتابا فَنزلت وَمَا كنت تتلو من قبله من كتاب ولاتخطه بيمينك الآيه
قَالَ الرَّافِعِيّ وَإِنَّمَا يتَّجه القَوْل بتحريمهما إِذا قُلْنَا انه كَانَ يحسنهما
وَتعقبه النَّوَوِيّ فِي الرَّوْضَة فَقَالَ لَا يمْتَنع تحريمهما وَإِن لم يحسنهما وَتَكون المُرَاد تَحْرِيم التَّوَصُّل إِلَيْهِمَا وَالصَّوَاب أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يكن يحسنهما
ذهب بَعضهم الى خِلَافه متمسكا بِحَدِيث الْقَضِيَّة انه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتب هَذَا مَا صَالح عَلَيْهِ مُحَمَّد بن عبد الله وَالْجَوَاب ان المُرَاد بكتب أَمر بالكتابه
(2/408)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عَوْف بن عبد الله بن عتبَة عَن أَبِيه قَالَ مَا مَاتَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى قَرَأَ وَكتب سَنَده ضَعِيف وَقَالَ الطَّبَرَانِيّ هَذَا حَدِيث مُنكر
قَالَ الْحَافِظ أَبُو الْحسن الهيتمي وأظن ان مَعْنَاهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يمت حَتَّى قَرَأَ عبد الله بن عتبَة وَكتب يَعْنِي أَنه كَانَ يعقل فِي زَمَانه
وَوَقع فِي اطراف أبي مَسْعُود الدِّمَشْقِي فِي حَدِيث الْقَضِيَّة أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اخذ الْكتاب وَلَيْسَ يحسن أَن يكْتب فَكتب مَكَان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُحَمَّدًا
وَذكر عمر بن شيبَة فِي كتاب الْكتاب لَهُ انه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتب بِيَدِهِ يَوْم الْحُدَيْبِيَة وَأَنه لم يكن يعلم الْكِتَابَة قبل ذَلِك وَأَن ذَلِك من معجزاته أَن علم الْكتاب من وقته وَقَالَ بِهَذَا القَوْل جمَاعَة من الْمُحدثين مِنْهُم أَبُو در الْهَرَوِيّ وَأَبُو الْفَتْح النَّيْسَابُورِي وَالْقَاضِي أَبُو الْوَلِيد اللَّخْمِيّ وَالْقَاضِي أَبُو جَعْفَر السمناني الأصولي
قَالَ أَبُو الْوَلِيد كَانَ من أوكد معجزاته أَنه يكْتب من غير تعلم
وَقَالَ بَعضهم كتب فِي ذَلِك الْيَوْم غير عَالم بِالْكِتَابَةِ وَلَا مُمَيّزا لحروفها لكنه أَخذ الْقَلَم بِيَدِهِ فَخط بِهِ مَا لم يميزه هُوَ فاذا هُوَ كتاب ظَاهر بَين على حسب المُرَاد
وَمِمَّا يدل على تَحْرِيم الشّعْر عَلَيْهِ مَا أخرجه أَبُو دَاوُد عَن ابْن عمر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مَا ابالي مَا أتيت إِن أَنا شربت ترياقا اَوْ تعلّقت تَمِيمَة أَو قلت الشّعْر من قبل نَفسِي
واخرج ابْن سعد عَن الزُّهْرِيّ قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يبنون الْمَسْجِد
(هَذَا الْحمال لَا حمال خَيْبَر ... هَذَا أبر رَبنَا وأطهر)
وَكَانَ الزُّهْرِيّ يَقُول إِنَّه لم يقل شَيْئا من الشّعْر إِلَّا قد قيل قبله الا هَذَا
وَأخرج ابْن سعد عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ للْعَبَّاس بن مرداس أَرَأَيْت قَوْلك
(2/409)
(أصبح نهي وَنهب العبيد ... بَين الاقرع وعيينه)
فَقَالَ أَبُو بكر بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله مَا أَنْت بشاعر وَلَا راوية وَلَا يَنْبَغِي لَك إِنَّمَا قَالَ بَين عيينه والاقرع
قَالَ الْعلمَاء ماروي عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الرجز كَقَوْلِه هَل أَنْت إِلَّا إِصْبَع دميت وَغَيره مَحْمُول على أَنه لم يَقْصِدهُ وَلَا يُسمى شعرًا إِلَّا ماكان مَقْصُودا وَكَذَا وَقع فِي الْقُرْآن آيَات موزونة لانها لم تقصد
قَالَ الْمَاوَرْدِيّ وكما يحرم عَلَيْهِ الْكتاب تحرم عَلَيْهِ الْقِرَاءَة فِي الْكتاب لقَوْله تَعَالَى وَمَا كنت تتلومن قبله من كتاب وَلَا تخطه بيمينك قَالَ وكما يحرم عَلَيْهِ قَول الشّعْر تحرم عَلَيْهِ رِوَايَته
قَالَ الْحَرْبِيّ وَلم يبلغنِي أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنْشد بَيْتا تَاما على رويته بل أما الصَّدْر كَقَوْل لبيد
(أَلا كل شَيْء مَا خلا الله بَاطِل ... ) أَو الْعَجز كَقَوْل طرفَة
(ويأتيك بالاخبار من لم تزَود ... )
فَإِن انشد بيات كَامِلا غَيره كبيت الْعَبَّاس بن مرداس
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَ مَا جمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيت شعر قطّ 0
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم نزع لامته إِذا لبسهَا قبل ان يُقَاتل
أخرج أَحْمد وَابْن سعد عَن جَابر بن عبد الله أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَوْم أحد رَأَيْت كَأَنِّي فِي درع حَصِينَة وَرَأَيْت بقرًا منحرة فأولت أَن الدرْع الْمَدِينَة 0
(2/410)
وَالْبَقر نقر فَإِن شِئْتُم اقمتم بِالْمَدِينَةِ فَإِن دخلُوا علينا قاتلناهم فِيهَا فَقَالُوا وَالله مَا دخلت علينا فِي الْجَاهِلِيَّة أفتدخل علينا فِي الاسلام قَالَ فشأنكم إِذن فَذَهَبُوا فَلبس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لامته فَقَالُوا مَا صنعنَا رددنا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأْيه فَجَاءُوا فَقَالُوا شَأْنك يَا رَسُول الله قَالَ الْآن إِنَّه لَيْسَ لنَبِيّ إِذا لبس لامته أَن يَضَعهَا حَتَّى يُقَاتل
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم الْمَنّ ليستكثر
قَالَ الله تَعَالَى {وَلَا تمنن تستكثر}
أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ لاتعط عَطِيَّة تلتمس بهَا أفضل مِنْهَا
وَأجْمع الْمُفَسِّرُونَ على أَن ذَلِك خَاص بِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَا آتيتم من رَبًّا} الْآيَة قَالَ هَذَا هُوَ الرِّبَا الْحَلَال يهدي الشَّيْء ليثاب أفضل مِنْهُ ذَلِك لاله وَلَا عَلَيْهِ وَنهى عَنهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم مد الْعين الى مَا متع بِهِ النَّاس
قَالَ تَعَالَى {وَلَا تَمُدَّن عَيْنَيْك إِلَى مَا متعنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُم} الْآيَة وَهَذَا الحكم نَقله الرَّافِعِيّ عَن صَاحب الايضاح وَجزم النَّوَوِيّ فِي أصل الروضه وَابْن القَاضِي فِي التَّلْخِيص
(2/411)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم الصَّلَاة على من عَلَيْهِ دين
كَانَ ذَلِك أول الاسلام ثمَّ نسخ لما حصل التَّوَسُّع وَتقدم حَدِيثه فِي قسم الْوَاجِبَات
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم امساك كارهته
أخراج البُخَارِيّ عَن عَائِشَة أَن ابْنة الجون لما دخلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وردنا مِنْهَا قَالَت أعوذ بِاللَّه مِنْك فَقَالَ لقد عذت بعظيم إلحقي بأهلك
قَالَ ابْن الملقن فِي خَصَائِصه وَفهم من ذَلِك أَنه يحرم عَلَيْهِ نِكَاح كل امْرَأَة كرهت صحبته قَالَ وَيشْهد لذَلِك إِيجَاب التَّخْيِير الْمُتَقَدّم
وَأخرج ابْن سعد عَن مُجَاهِد قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا خطب فَرد لم يعد فَخَطب امْرَأَة فَقَالَ استأمر أبي فَلَقِيت أَبَاهَا فَأذن لَهَا فَلَقِيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت لَهُ فَقَالَ قد التحفنا لحافا غَيْرك
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم نِكَاح الْكِتَابِيَّة
أخرج ابو دَاوُد فِي ناسخه عَن مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى {لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد} قَالَ نسَاء أهل الْكتاب
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى لَا تحل لَك النِّسَاء من بعد قَالَ يهوديات وَلَا نصرانياه لَا يَنْبَغِي أَن يكن أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ قَالَ
(2/412)
الْأَصْحَاب لَان ازواجه أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ وزوجات لَهُ فِي الآخر مَعَه فِي دَرَجَته فِي الْجنَّة ولانه أشرف من أَن يضع مَاءَهُ فِي رحم كَافِرَة ولانها تكره صحبته ولان الله تَعَالَى شَرط فِي اباحة النِّسَاء لَهُ الْهِجْرَة فَقَالَ {اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَك} فَإِذا حرم عَلَيْهِ الْمسلمَة الَّتِي لم تهَاجر فَغير الْمسلمَة أولى
قَالَ أَبُو اسحاق من اصحابنا وَلَو نكح كِتَابِيَّة لهديت إِلَى الاسلام كَرَامَة لَهُ وَذهب بعض أَصْحَابنَا إِلَى تَحْرِيم تسريه بالأمة الْكِتَابِيَّة أَيْضا لَكِن الْأَصَح فِيهَا الْحل
قَالَ الْمَاوَرْدِيّ فِي الْحَاوِي وَقد استمتع صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بأمته رَيْحَانَة قبل أَن تسلم وعَلى هَذَا فَهَل عَلَيْهِ تخييرها بَين أَن تسلم فيمسكها أَو تقيم على دينهَا فيفارقها فِيهِ وَجْهَان
أَحدهمَا نعم لتَكون من زَوْجَاته فِي الْآخِرَة وَالثَّانِي لَا لانه لما عرض على ريحانه الاسلام فَأَبت لم يزلها عَن ملكه وَأقَام على الِاسْتِمْتَاع
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم نِكَاح الْمسلمَة الَّتِي لم تهَاجر
أخرج التزمذي وَحسنه وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن اصناف النِّسَاء إِلَّا ماكان من الْمُؤْمِنَات الْمُهَاجِرَات قَالَ تَعَالَى {لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد وَلَا أَن تبدل بِهن من أَزوَاج وَلَو أعْجبك حسنهنَّ إِلَّا مَا ملكت يَمِينك} فأحل لَهُ الفتيات الْمُؤْمِنَات وَامْرَأَة مؤمنه إِن وهبت نَفسهَا للنَّبِي وَحرم كل ذَات دين غير الأسلام وَقَالَ تَعَالَى (يَا ايها النَّبِي إِنَّا احللنا لَك أَزوَاجك) الى قَوْله تَعَالَى {خَالِصَة لَك من دون الْمُؤمنِينَ} وَحرم مَا سوى ذَلِك من اصناف النِّسَاء
(2/413)
بَاب تَحْرِيمه نِكَاح الأمه الْمسلمَة
وَمن خَصَائِصه تَحْرِيم نِكَاح الْمسلمَة فِي الْأَصَح لِأَن جَوَازه مَشْرُوط بخوف الْعَنَت وَهُوَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعْصُوم وبفقدان طول الْحرَّة ونكاحه غير مفتقر إِلَى الْمهْر وَلِأَن من نكح أمة كَانَ وَلَده مِنْهَا رَقِيقا ومنصبه منزه عَن ذَلِك
وَقَالَ الرَّافِعِيّ لَكِن من جوز ذَلِك قَالَ خوف الْعَنَت إِنَّمَا يشْتَرط فِي حق الأمه وَكَذَا فقد الطول وعَلى هَذَا يجوز لَهُ الزِّيَادَة على أمة وَاحِدَة بِخِلَاف الْأمة وَلَو قدر نِكَاحه أمة فَأَتَت بِولد لم يكن رَقِيقا وَلَا يلْزمه قيمَة الْوَلَد لسَيِّدهَا على الصَّحِيح لَان الرّقّ مُتَعَذر
قَالَ الامام وَلَو قدر نِكَاح غرور فِي حَقه عَلَيْهِ السَّلَام وَلم يلْزمه قيمَة الْوَلَد
قَالَ ابْن الرّفْعَة فِي الْمطلب وَفِي إِمْكَان تصور نِكَاح الْغرُور ووطئة فِيهِ نظر إِذا قُلْنَا أَن وطي الشُّبْهَة حرَام مَعَ كَونه لَا إِثْم فِيهِ فَيجوز أَن يصان جَانِبه الْعلي عَن ذَلِك وَيجوز أَن يُقَال بِجَوَازِهِ لَان الاثم مَفْقُود بِإِجْمَاع كالنسيان
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم خَائِنَة الْأَعْين
أخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعد بن أبي وَقاص أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْفَتْح أَمن النَّاس إِلَّا أَرْبَعَة نفر مِنْهُم عبد الله بن أبي سرح فَاخْتَبَأَ عِنْد عُثْمَان بن عَفَّان فَلَمَّا دَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّاس إِلَى الْبيعَة جَاءَ بِهِ فَقَالَ يَا رَسُول الله بَايع عبد الله فَرفع رَأسه فَنظر إِلَيْهِ ثَلَاثًا كل ذَلِك يأبي فَبَايعهُ بعد ثَلَاث ثمَّ أقبل على أَصْحَابه فَقَالَ أما فِيكُم رجل رشيد يقوم إِلَى هَذَا حَيْثُ رَآنِي كَفَفْت يَدي عَن بيعَته ليَقْتُلهُ قَالُوا مَا يُدْرِينَا يَا رَسُول الله مَا فِي نَفسك هلا أَوْمَأت بِعَيْنِك قَالَ انه لَا يَنْبَغِي أَن تكون لنَبِيّ خَائِنَة الْأَعْين
(2/414)
وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن الْمسيب مُرْسلا نَحوه وَآخره فَقَالَ الايماء خيانه لَيْسَ لنَبِيّ ان يومي
قَالَ الرَّافِعِيّ خَائِنَة الاعين هِيَ الايماء إِلَى مُبَاح من قبل أَو ضرب على خلاف مَا يظْهر ويشعر بِهِ الْحَال وَلَا يحرم ذَلِك على غَيره الا فِي مَحْظُور
وَاسْتدلَّ بِهِ صَاحب التَّلْخِيص على أَنه لم يكن لَهُ عَلَيْهِ السَّلَام أَن يخدع فِي الْحَرْب وَخَالفهُ الْمُعظم
قَالَ الرَّافِعِيّ لِأَنَّهُ اشْتهر أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا أَرَادَ سفر أَو ري بِغَيْرِهِ وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث كَعْب بن مَالك وَالْفرق أَن الرَّمْز يزري بالرامز بِخِلَاف الايهام فِي الامور الْعِظَام
قلت وَقد أخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأبي بكر فِي مدخله الْمَدِينَة ايه النَّاس عني فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لنَبِيّ ان يكذب فَكَانَ أَبُو بكر إِذا سُئِلَ مَا أَنْت قَالَ باغي فَإِذا قتل من الَّذِي مَعَك قَالَ هاد يهديني وَهَذَا يدل على أَن التورية فِي الْأُمُور الْخَاصَّة لَا تلِيق أَيْضا بالأنبياء فان الَّذِي قَالَه أَبُو بكر لم يكن كذبا وَإِنَّمَا هُوَ تورية وَمرَاده يهديني سَبِيل الْخَيْر وَلكنه سمي كذبا لما كَانَ بصورته وَبِهَذَا يَتَّضِح حَدِيث قَول ابراهيم علية الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي الشَّفَاعَة إِنِّي كذبت ثَلَاث كذبات وَإِنَّمَا هن توريات فَالظَّاهِر أَن من خَصَائِص الانبياء الْمَنْع من ذَلِك فَلذَلِك عدهن على نَفسه
بَاب تَحْرِيم الاغارة إِذا سمع التَّكْبِير
عد ابْن سبع من خَصَائِص تَحْرِيم الاغارة إِذا سمع التَّكْبِير ويستدل لَهُ بِمَا اخرجه الشَّيْخَانِ عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ اذا غزا قوما لم يكن يَغْزُو بِنَا حَتَّى يصبح وَينظر فان سمع أذانا كف عَنْهُم وان لم يسمع اذانا اغار عَلَيْهِم
(2/415)
بَاب تَحْرِيمه قبُول الاستعانه الْمُشْركين
وَمن خَصَائِصه فِيمَا ذكر الْقُضَاعِي انه كَانَ يحرم عَلَيْهِ قبُول الِاسْتِعَانَة بالمشركين
أخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن حبيب بن يسَاف قَالَ خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجها فَأَتَيْته أَنا وَرجل من قومِي قُلْنَا انا نكره أَن يشْهد قَومنَا مشهدا لَا نشهده مَعَهم فَقَالَ اسلمتما قُلْنَا لَا قَالَ لَا فَإنَّا لَا نستعين بالمشركين على الْمُشْركين
بَاب إِنَّه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يشْهد على جور
وعد الْقُضَاعِي من خَصَائِصه أَنه لَا يشْهد على جور
أخرج الشَّيْخَانِ عَن النُّعْمَان بن بشير وبيض لَهُ الْمُؤلف
قسم الْمُبَاحَات
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِإِبَاحَة الصَّلَاة بعد الْعَصْر
قَالَ فِي الرَّوْضَة فَاتَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَتَانِ بعد الظّهْر فقضاهما بعد الْعَصْر ثمَّ واظب عَلَيْهِمَا بعد الْعَصْر وَفِي اخْتِصَاصه بِهَذِهِ المداومة وَجْهَان أصَحهمَا الِاخْتِصَاص
أخرج مُسلم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي سَلمَة أَنه سَأَلَ عَائِشَة عَن السَّجْدَتَيْنِ اللَّتَيْنِ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّيهمَا بعد الْعَصْر فَقَالَت كَانَ يُصَلِّيهمَا قبل الْعَصْر ثمَّ أَنه شغل عَنْهُمَا فصلاهما بعد الْعَصْر ثمَّ اثبتهما وَكَانَ اذا صلى صَلَاة أثبتها
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان بِسَنَد صَحِيح عَن أم سَلمَة قَالَت صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعَصْر ثمَّ دخل بَيْتِي فصلى رَكْعَتَيْنِ فَقلت يَا رَسُول الله صليت صَلَاة لم تكن تصليها قَالَ قدم خَالِد فشغلني عَن رَكْعَتَيْنِ كنت أركعهما بعد الظّهْر فصليتهما الْآن قلت يَا رَسُول الله افنقضيهما إِذا فاتتنا قَالَ لَا
(2/416)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله كَانَ يُصَلِّي بعد الْعَصْر وَيُنْهِي عَنْهَا ويواصل وَيُنْهِي عَن الْوِصَال
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن عَائِشَة قَالَت رَكْعَتَانِ لم يكن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يدعهما سرا وَلَا عَلَانيَة رَكْعَتَانِ قبل الصُّبْح وركعتان بعد الْعَصْر
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِحمْل الصَّغِير فِي الصَّلَاة فِيمَا ذكر بَعضهم
أخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي قَتَادَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى وَهُوَ حَامِل أُمَامَة بنت زَيْنَب بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاذا سجد وَضعهَا واذا قَامَ حملهَا
قَالَ بَعضهم هَذَا من خصائصة صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَقله ابْن حجر فِي شرح البُخَارِيّ
بَاب صلَاته على الْغَائِب
ذهب أَبُو حنيفَة إِلَى أَن الصَّلَاة على الْغَائِب من خَصَائِصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَحمل على ذَلِك صلَاته على النَّجَاشِيّ وَقَالَ أَنه لَا يجوز لغيره
بَاب صلَاته بِالنَّاسِ جَالِسا
وَقَالَت طَائِفَة من خَصَائِصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى بِالنَّاسِ جَالِسا كَمَا فِي حَدِيث الصَّحِيحَيْنِ وَنهى عَن ذَلِك
وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن من طَرِيق جَابر الْجعْفِيّ عَن الشّعبِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يُؤمن أحد بعدِي جَالِسا
قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ لم يروه غير جَابر الْجعْفِيّ وَهُوَ مَتْرُوك والْحَدِيث مُرْسل لَا تقوم بِهِ حجَّة
وَقَالَ الشَّافِعِي قد علم الَّذِي احْتج بِهَذَا أَن لَيست فِيهِ حجَّة لِأَنَّهُ مُرْسل وَلِأَنَّهُ عَن رجل يرغب النَّاس عَن الرِّوَايَة عَنهُ
(2/417)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِإِبَاحَة الْوِصَال
أخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إيَّاكُمْ والوصال قَالُوا فانك تواصل يَا رَسُول الله قَالَ اني لست مثلكُمْ إِنِّي أَبيت يطعمني رَبِّي ويسقيني
أختلف فِي معنى هَذَا الحَدِيث فَقيل المُرَاد الْحَقِيقَة وَأَنه يَأْتِيهِ الطَّعَام وَالشرَاب من الْجنَّة وَأكل الْجنَّة لَا يفْطر وَقيل الْمجَاز وَالْمرَاد أَنه يَجْعَل فِيهِ قُوَّة الطاعم والشارب ثمَّ الْجُمْهُور على أَن الْوِصَال فِي حَقه من الْمُبَاحَات
وَقَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ هُوَ قربَة فِي حَقه وَهَهُنَا لَطِيفَة نبه عَلَيْهَا صَاحب الْمطلب وَهُوَ أَن خصوصيته باباحة الْوِصَال على كل أمته لَا عَليّ أحد أفرادها لَان كثيرا من الصلحاء اشْتهر عَنْهُم الْوِصَال قَالَ وَالنَّهْي توجه بِحَسب الْمَجْمُوع انتهي
فَائِدَة
قَالَ ابْن حبَان فِي صَحِيحه يسْتَدلّ بِهَذَا الحَدِيث على بطلَان مَا ورد أَنه كَانَ يضع الْحجر على بَطْنه من الْجُوع لِأَنَّهُ كَانَ يطعم ويسقي من ربه إِذا وَاصل فَكيف يتْرك جائعا مَعَ عدم الْوِصَال حَتَّى يحْتَاج إِلَى شدّ حجر على بَطْنه قَالَ وانما لفظ الحَدِيث الحجز بالزاي وَهُوَ طرف الازار فتصحف بالراء
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن لَهُ ان يَسْتَثْنِي فِي كَلَامه بعد زمَان مُنْفَصِلا
قَالَ تَعَالَى وَلَا تقولن لشَيْء إِنِّي فَاعل ذَلِك غداإذا إِلَّا أَن يَشَاء الله وَاذْكُر بك إِذا نسيت
(2/418)
أخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن ابي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ إِذا نسيت الِاسْتِثْنَاء فَاسْتَثْنِ إِذا ذكرت وَقَالَ هِيَ خَاصَّة برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَيْسَ لأحد منا ان يَسْتَثْنِي الا فِي صلَة من يَمِينه
بَاب لَهُ الْجمع فِي الضَّمِير بَينه وَبَين ربه
وَمن خَصَائِصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا قَالَ الشَّيْخ عز الدّين ابْن عبد السَّلَام وَغَيره ان لَهُ الْجمع فِي الضَّمِير بَينه وَبَين ربه سُبْحَانَهُ لقَوْله ان يكون الله وَرَسُوله احب اليه مِمَّا سواهُمَا وَقَوله وَمن يعصهما فانه لَا يضر إِلَّا نَفسه وَذَلِكَ مُمْتَنع على غَيره لقَوْله للخطيب حِين قَالَ من يطع الله وَرَسُوله فقد رشد وَمن يعصهما فقد غوي بئس الْخَطِيب أَنْت قل {وَمن يعْص الله وَرَسُوله} قَالُوا إِنَّمَا امْتنع من غَيره دونه لِأَن غَيره إِذا جمع أوهم إِطْلَاقه التَّسْوِيَة بِخِلَافِهِ هُوَ فَإِن منصبه يتَطَرَّق إِلَيْهِ ايهام ذَلِك
بَاب لَا تجب عَلَيْهِ الزَّكَاة
وَمن خَصَائِصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انه لَا تجب عَلَيْهِ الزَّكَاة
قَالَ الشَّيْخ تَاج الدّين بن عَطاء الله شيخ الصُّوفِيَّة على طَرِيق الشاذلية فِي كِتَابه التَّنْوِير الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام لَا تجب عَلَيْهِم الزَّكَاة لأَنهم لَا ملك لَهُم مَعَ الله إِنَّمَا كَانُوا يشْهدُونَ مَا فِي أنفسهم من ودائع الله لَهُم يبذلونه فِي أَوَان بذله ويمنعونه فِي غير مَحَله ولان الزَّكَاة إِنَّمَا هِيَ طهرة لما عساه ان يكون مِمَّن أوجبت عَلَيْهِ والأنبياء مبرأون من الدنس لعصمتهم
(2/419)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بأَرْبعَة أَخْمَاس الْفَيْء وَخمْس خمس الْفَيْء وَالْغنيمَة وباصطفاه مَا يختاره من الْغَنِيمَة قبل الْقِسْمَة من جَارِيَة وَغَيرهَا
قَالَ الله تَعَالَى {مَا أَفَاء الله على رَسُوله من أهل الْقرى فَللَّه وَلِلرَّسُولِ} وَقَالَ تَعَالَى وَاعْلَمُوا إِنَّمَا غَنِمْتُم من شَيْء فَإِن الله خَمْسَة وَلِلرَّسُولِ
أخرج احْمَد والشيخان عَن عمر قَالَ إِن الله كَانَ خص رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي هَذَا الْفَيْء بِشَيْء لم يُعْطه احدا غَيره فَقَالَ مَا أَفَاء الله على رَسُوله مِنْهُم فَمَا أَوجَفْتُمْ عَلَيْهِ من خيل وَلَا ركاب وَلَكِن الله يُسَلط رسله على من يَشَاء وَالله على كل شَيْء قدير فَكَانَت هَذِه خَاصَّة لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَ ينْفق على أَهله نَفَقَة سنتهمْ ثمَّ يَأْخُذ مَا بَقِي فَيَجْعَلهُ مجعل مَال الله فَعمل بذلك حَيَاته ثمَّ توفّي فَقَالَ ابو بكر انا ولي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَعمل فِيهِ بِمَا عمل فِيهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج ابو دَاوُد وَالْحَاكِم عَن عَمْرو بن عبسة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يحل لي من غنائمكم مثل هَذَا إِلَّا الْخمس وَالْخمس مَرْدُود فِيكُم
وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن عمر بن الحكم قَالَ لما سبيت بَنو قُرَيْظَة عرض السَّبي على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَت فِيهِ رَيْحَانَة بنت زيد بن عَمْرو فَأمر بهَا فعزلت وَكَانَ يكون لَهُ صفي من كل غنيمَة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن يزِيد بن الشخير عَن رجل من الصحابه من أهل الْبَادِيَة ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتب لَهُ فِي قِطْعَة أَدِيم من مُحَمَّد رَسُول الله الى بني زُهَيْر بن أَقيس انكم إِن شهدتم ان لَا إِلَه إِلَّا الله وان مُحَمَّد رَسُول الله وأقمتم الصَّلَاة واتيتم الزَّكَاة وأديتم الْخمس من الْمغنم وَسَهْم النَّبِي وَسَهْم الصفي انتم آمنون بِأَمَان الله وَرَسُوله
(2/420)
قَالَ ابْن عبد الْبر سهم الصفي مَشْهُور فِي صَحِيح الْآثَار مَعْرُوف عِنْد أهل الْعلم وَلَا يخْتَلف اهل السّير فِي ان صَفِيَّة مِنْهُ وَأجْمع الْعلمَاء على انه خَاص بِهِ وَذكر الرَّافِعِيّ ان ذَا الفقار كَانَ من الصفي
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالحمى لنَفسِهِ وانه لَا ينْقض مَا حماه
أخرج البُخَارِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن الصعب بن جثامة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا حمى إِلَّا لله وَلِرَسُولِهِ
قَالَ الاصحاب من خَصَائِصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ان لَهُ ان يحمي الْموَات لنَفسِهِ وَلَا يجوز ذَلِك لسَائِر الْأَئِمَّة قطعا وَإِنَّمَا يجوز لَهُم الْحمى للْمُسلمين وَقيل لَا يجوز أَيْضا وعَلى الْجَوَاز يحوز نقضه لمن بعده وَمَا حماه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا ينْقض وَلَا يُغَيِّرهُ بِحَال وَكَانَ يحمي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِقطع الْأَرَاضِي قبل فتحهَا لِأَن الله تَعَالَى ملكه إِيَّاهَا يفعل فِيهَا مَا يَشَاء وَقد اقْطَعْ تَمِيم الدَّارِيّ وَذريته قَرْيَة بِبَيْت الْمُقَدّس قبل فَتحه وَهِي فِي يَد ذُريَّته إِلَى الْيَوْم وَأَرَادَ بعض الْوُلَاة التشويش عَلَيْهِم فَأفْتى الْغَزالِيّ بِكُفْرِهِ قَالَ لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقطع أَرض الْجنَّة فأرض الدُّنْيَا أولى
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِإِبَاحَة الْقِتَال بِمَكَّة وَالْقَتْل بهَا ودخولها بِغَيْر احرام وَالْقَتْل بعد الامان
قَالَ تَعَالَى {لَا أقسم بِهَذَا الْبَلَد وَأَنت حل بِهَذَا الْبَلَد}
أخرج الشَّيْخَانِ عَن انس ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل مَكَّة عَام الْفَتْح وعَلى رَأسه المغفر فَلَمَّا نَزعه جَاءَهُ رجل فَقَالَ ان ابْن خطل مُتَعَلق باستار الْكَعْبَة فَقَالَ اقْتُلُوهُ
(2/421)
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي شيح الْعَدوي قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول يَوْم الْفَتْح ان مَكَّة حرمهَا الله وَلم يحرمها النَّاس فَلَا يحل لامريء يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الاخر ان يسفك بهَا دَمًا وَلَا يعضد بهَا شَجَرَة فان اُحْدُ ترخص بِقِتَال رَسُول الله فَقولُوا ان الله أذن لرَسُوله وَلم يَأْذَن لكم
وَأخرج مُسلم عَن جَابر بن عبد الله ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل يَوْم فتح مكه وَعَلِيهِ عِمَامَة سَوْدَاء بِغَيْر إِحْرَام
قَالَ ابْن الْقَاص وَكَانَ يجوز لَهُ الْقَتْل بعد الْأمان قَالَ الرَّافِعِيّ وَخَطأَهُ فِيهِ وَقَالُوا من تحرم عَلَيْهِ خَائِنَة الْأَعْين كَيفَ يجوز لَهُ قتل من أَمنه
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْقضَاءِ بِعِلْمِهِ ولنفسه وَولده وَقبُول شَهَادَة من يشْهد لَهُ ولولده وَالشَّهَادَة لنَفسِهِ ولولده وقبوله للهدية بِخِلَاف غَيره من الْحُكَّام
أورد الْبَيْهَقِيّ فِي الْقَضَاء بِالْعلمِ حَدِيث هِنْد زوج أبي سُفْيَان وَقَوله لَهَا خذي من مَاله بِالْمَعْرُوفِ مَا يَكْفِيك وَيَكْفِي بنيك وَأورد فِي الحكم لنَفسِهِ وَقبُول شَهَادَة من يشْهد لَهُ حَدِيث شَهَادَة خُزَيْمَة الْآتِي قَالَ وَإِذا جَازَ ذَلِك جَازَ ان يحكم لوَلَده وَتقدم حَدِيث قبُول الْهَدِيَّة
بَاب لَا يخَاف عَلَيْهِ من الْغَضَب
وَمن خَصَائِصه انه كَانَ لَا يكره لَهُ الحكم وَالْفَتْوَى فِي حَال الْغَضَب لِأَنَّهُ لَا يخَاف عَلَيْهِ من الْغَضَب مَا يخَاف علينا
ذكره النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم عِنْد حَدِيث اللّقطَة فَإِنَّهُ افتى فِيهِ وَقد غضب حَتَّى احْمَرَّتْ وجنتاه
(2/422)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِجَوَاز القبله وَهُوَ صَائِم مَعَ قُوَّة شَهْوَته وَذَلِكَ حرَام على غَيره
أخرج الشَّيْخَانِ عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقبل وَهُوَ صَائِم وايكم يملك اربه كَمَا كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يملك اربه
وَأخرج مُسلم وَابْن ماجة عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُبَاشر وَهُوَ صَائِم وَكَانَ أملككم لإربه
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقبلهَا وَهُوَ صَائِم ويمص لسانها
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِجَوَاز اسْتِمْرَار الطّيب بعد الاحرام فِيمَا ذكره الْمَالِكِيَّة
أخرج الشَّيْخَانِ عَن عَائِشَة قَالَ كَأَنِّي انْظُر الى وبيص الطّيب فِي مفارق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ محرم
قَالَ الْمَالِكِيَّة اسْتِدَامَة الطّيب بعد الاحرام من خصائصة لِأَنَّهُ من دواعي النِّكَاح فنهي النَّاس عَنهُ وَكَانَ هُوَ أملك النَّاس لاربه فَفعله وَلِأَنَّهُ حبب إِلَيْهِ فَرخص لَهُ فِيهِ ولمباشرته الْمَلَائِكَة لأجل الْوَحْي
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِجَوَاز الْمكْث فِي الْمَسْجِد جنبا وَبعد انْتِقَاض وضوئِهِ بِالنَّوْمِ مُضْطَجعا وباللمس فِي اُحْدُ الْوَجْهَيْنِ وَهُوَ الْأَصَح عِنْدِي
أخرج التِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَلي لَا يحل لَاحَدَّ يجنب فِي هَذَا الْمَسْجِد غير وَغَيْرك
(2/423)
وَأخرج الْبَزَّار عَن سعد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَلي لَا يحل لأحد ان يجبنب فِي هَذَا الْمَسْجِد غَيْرِي وَغَيْرك
وَأخرج ابو يعلي عَن عمر بن الْخطاب قَالَ لقد أعْطى عَليّ ثَلَاث خِصَال لِأَن تكون لي خصْلَة مِنْهَا أحب إِلَيّ من أَن أعْطى حمر النعم تَزْوِيجه فَاطِمَة وسكناه الْمَسْجِد مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يحل لي فِيهِ مَا يحل لَهُ والراية يَوْم خَيْبَر
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أم سَلمَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يحل هَذَا الْمَسْجِد لجنب وَلَا حَائِض الا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعلي وَفَاطِمَة وَالْحسن وَالْحُسَيْن
وَأخرج الزبير بن بكار فِي اخبار الْمَدِينَة عَن أبي حَازِم الْأَشْجَعِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله امْر مُوسَى ان يَبْنِي مَسْجِدا طَاهِرا لَا يسكنهُ إِلَّا هُوَ وَهَارُون وَأَن الله أَمرنِي أَن ابْني مَسْجِدا طَاهِرا لَا يسكنهُ إِلَّا أَنا وَعلي وابنا عَليّ
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن جَابر بن عبد الله قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَلي انه يحل لَك فِي الْمَسْجِد مَا يحل لي
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أم سَلمَة ان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِنِّي لَا أحل الْمَسْجِد لجنب وَلَا لحائض الا لمُحَمد وأزواجه وَعلي وَفَاطِمَة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة ان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِنِّي لَا أحل الْمَسْجِد لحائض وَلَا جَنْبي إِلَّا لمُحَمد وَآل مُحَمَّد واخراج الشَّيْخَانِ عَن ابْن عَبَّاس ان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَوَضَّأ بِاللَّيْلِ وَصلى ثمَّ نَام حَتَّى سَمِعت غَطِيطه ثمَّ أَتَاهُ الْمُؤَذّن فَقَامَ الى الصَّلَاة وَلم يتَوَضَّأ
وَأخرج الْبَزَّار عَن ابْن مَسْعُود ان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ ينَام وَهُوَ ساجد ثمَّ يقوم فيمضي فِي صلَاته
وَأخرج ابْن ماجة وَأَبُو يعلى عَن ابْن مَسْعُود قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينَام مُسْتَلْقِيا حَتَّى ينْفخ ثمَّ يقوم فَيصَلي وَلَا يتَوَضَّأ وَعلة ذَلِك انه تنام عينه وَلَا ينَام قلبه
(2/424)
وَأخرج ابْن ماجة عَن عَائِشَة ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل بعض نِسَائِهِ ثمَّ صلى وَلم يتَوَضَّأ وَفِي لفظ لَهُ عَنْهَا كَانَ يتَوَضَّأ ثمَّ يقبل وَيُصلي وَلَا يتَوَضَّأ قَالَ عبد الْحق لَا اعْلَم بِهَذَا الحَدِيث عِلّة توجب تَركه
وَأخرج النَّسَائِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن عَائِشَة قَالَت ان كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليُصَلِّي وَإِنِّي لمعترضة بَين يدية اعْتِرَاض الْجِنَازَة حَتَّى إِذا أَرَادَ ان يُوتر نبهني بِرجلِهِ
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِجَوَاز لعن من شَاءَ بِغَيْر سَبَب قَالَه ابْن الْقَاص وامام الْحَرَمَيْنِ وَمَا فِيهِ من الْفَوَائِد
أخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي هُرَيْرَة ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي اتخذ عنْدك عهدا لَا تخلفنيه فَإِنَّمَا انا بشر فَأَي الْمُؤمنِينَ آذيته اَوْ سببته اَوْ لعنته أَو جلدته فاجعلها ذَلِك لَهُ زَكَاة وَصَلَاة وقربة تقربه بهَا إِلَيْك يَوْم القيامه
وَأخرج احْمَد بِسَنَد صَحِيح عَن انس ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دفع إِلَى حَفْصَة رجلا وَقَالَ احْتَفِظِي بِهِ فغفلت عَنهُ وَمضى فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قطع الله يدك فَفَزِعت فَقَالَت إِنِّي سَأَلت رَبِّي تبَارك وَتَعَالَى أَيّمَا إِنْسَان من أمتِي دَعَوْت الله عَلَيْهِ أَن يَجْعَلهَا لَهُ مغْفرَة
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن مُعَاوِيه سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول اللَّهُمَّ من لعنت فِي الْجَاهِلِيَّة ثمَّ دخل فِي الاسلام فَاجْعَلْ ذَلِك قربَة لَهُ إِلَيْك
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقهر من شَاءَ على طَعَامه وَشَرَابه وعَلى الْمَالِك الْبَذْل وان كَانَ مُحْتَاجا ويفدى بمهجته مهجة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ الله تَعَالَى {النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم}
وَذكر جمَاعَة أَنه لَو قَصده ظَالِم وَجب على من حَضَره ان يبْذل نَفسه دونه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا وَقَاه طلحه بِنَفسِهِ يَوْم أحد وَلَو رغب فِي نِكَاح امْرَأَة فَإِن كَانَت
(2/425)
خلية وَجب عَلَيْهَا الاجابة وَحرم إِلَى غَيره خطبتها وَإِن كَانَت ذَات زوج وَجب على زَوجهَا طالقها لينكحها لِلْآيَةِ السابقه وَلقَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اسْتجِيبُوا لله وَلِلرَّسُولِ}
كَذَا اسْتدلَّ بهَا الْمَاوَرْدِيّ وَاسْتدلَّ الْغَزالِيّ لوُجُوب التَّطْلِيق بِقصَّة زيد قَالَ وَلَعَلَّ السِّرّ فِيهِ من جَانب الزَّوْج امتحان ايمانه بتكليفه النُّزُول عَن أَهله فَإِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا يُؤمن احدكم حَتَّى أكون اجب إِلَيْهِ من اهله وَولده وَالنَّاس اجمعين وَمن جَانِبه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ابتلاؤه بالبلية البشرية وَمنعه من خَائِنَة الْأَعْين وَمن الاضمار الَّذِي يُخَالف الأظهار
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنِكَاح اكثر من أَربع نسْوَة وَهُوَ إِجْمَاع
أخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ فِي قَوْله تَعَالَى {مَا كَانَ على النَّبِي من حرج فِيمَا فرض الله لَهُ سنة الله فِي الَّذين خلوا من قبل} قَالَ يَعْنِي يتَزَوَّج من النِّسَاء مَا شَاءَ هَذَا فَرِيضَة وَكَانَ من كَانَ من الْأَنْبِيَاء هَذَا سنتهمْ قد كَانَ لسلمان بن دَاوُد ألف أمْرَأَة وَكَانَ لداود مائَة امراء
وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه فِي قَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَحللنَا لَك أَزوَاجك} إِلَى قَوْله تَعَالَى {خَالِصَة لَك من دون الْمُؤمنِينَ} فأحل لَهُ مَعَ أَزوَاجه وَكن ذَوَات عدد من لَيْسَ لَهُ بِزَوْج يَوْم احل لَهُ من بَنَات عَمه وَبَنَات عماته وَبَنَات خَاله وَبَنَات خالاته
قَالَ الْعلمَاء لما كَانَ الْحر لفضله على العَبْد يستبيح من النسْوَة اكثر مِمَّا يستبيحه العَبْد وَجب ان يكون النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لفضله على جَمِيع الأمه يستبيح من النِّسَاء أَكثر مَا تستبيحه الأمه
(2/426)
وَحكى الْقُرْطُبِيّ فِي تَفْسِيره انه أحل لنبينا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تسع وَتسْعُونَ إمرأة وَذكر فِي ذَلِك فَوَائِد
مِنْهَا نقل محاسنه الْبَاطِنَة فَإِنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مكمل الظَّاهِر وَالْبَاطِن
وَمِنْهَا نقل الشَّرِيعَة الَّتِي لم يطلع عَلَيْهَا الرِّجَال
وَمِنْهَا تشريف الْقَبَائِل بمصاهرته
وَمِنْهَا شرح صَدره بكثرتهن عَمَّا يقاسيه من اعدائه
وَمِنْهَا زِيَادَة التَّكْلِيف فِي الْقيام بِهن مَعَ تحمل اعباء الرسَالَة فَيكون ذَلِك أعظم لمشاقه وَأكْثر لاجره
وَمِنْهَا ان النِّكَاح فِي حَقه عبَادَة قَالُوا وَقد تزوج أم حَبِيبَة وأبوها فِي ذَلِك الْوَقْت عدوه وَصفِيَّة وَقد قتل اباه وعمها وَزوجهَا فَلَو لم يطلعن من بَاطِن احواله على ان اكمل الْخلق لكَانَتْ الطباع البشرية تفتضي ميلهن إِلَى آبائهن وقرابتهن وَكَانَ فِي كَثْرَة النِّسَاء عِنْده بَيَان لمعجزاته وكماله بَاطِنا كَمَا عرفه الرِّجَال مِنْهُ ظَاهرا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِجَوَاز النِّكَاح بِغَيْر ولي وشهود
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي سعيد قَالَ لَا نِكَاح إِلَّا بولِي وشهود وَمهر إِلَّا مَا كَانَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأورد الْبَيْهَقِيّ أَيْضا مَا اخرجه مُسلم عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين بني بصفية قَالَ النَّاس لَا نَدْرِي أَتَزَوَّجهَا ام اتخذها ام ولد فَقَالُوا ان حجبها فَهِيَ امْرَأَته وَإِن لم يحجبها فَهِيَ أم ولد فَلَمَّا أَرَادَ ان يركب حجبها فعرفوا أَنه قد تزَوجهَا وَوجه الدّلَالَة مِنْهُ ظَاهِرَة كَمَا ترى
(2/427)
قَالَ الْعلمَاء إِنَّمَا اعْتبر الْوَلِيّ فِي نِكَاح الْأمة للمحافظة على الْكَفَاءَة وَهُوَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَوق الأكفاة وَإِنَّمَا اعْتبر الشُّهُود لَا من الْجُحُود وَهُوَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يجْحَد وَلَو جحدت هِيَ لم يرجع إِلَى قَوْلهَا على خلاف قَوْله بل قَالَ الْعِرَاقِيّ فِي شرح الْمُهَذّب تكون كَافِرَة بتكذيبه وَكَانَ لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَزْوِيج الأمرأة من نَفسه وتولي الطَّرفَيْنِ بِغَيْر إِذْنهَا وَإِذن وَليهَا لقَوْله تَعَالَى (النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم)
بَاب الْمَرْأَة تحل لَهُ بِغَيْر عقد
وَمن خَصَائِصه أَن الْمَرْأَة كَانَت تحل لَهُ بتحليل الله تَعَالَى فَيدْخل عَلَيْهَا بِغَيْر عقد
قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَإِذا جَازَ بذلك جَازَ أَن يعْقد على الْمَرْأَة بِغَيْر استئمارها
قَالَ تَعَالَى {فَلَمَّا قضى زيد مِنْهَا وطرا زَوَّجْنَاكهَا}
وَأخرج البُخَارِيّ عَن انس قَالَ كَانَت زَيْنَب تفتخر على أَزوَاج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَقول زوجكن أهاليكن وزوجني الله من فَوق سبع سموات
وَأخرج مُسلم عَن انس قَالَ لما انْقَضتْ عدَّة زَيْنَب قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لزيد اذْهَبْ فاذكرها عَليّ فَذهب فاخبرها فَقَالَ مَا أَنا بِصَانِعَةٍ شَيْئا حَتَّى أوَامِر رَبِّي فَقَامَتْ الى مَسْجِدهَا وَنزل الْقرَان وَجَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى دخل عَلَيْهَا بِغَيْر إِذن
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن على بن الْحُسَيْن فِي قَوْله تَعَالَى {وتخفي فِي نَفسك مَا الله مبديه}
قَالَ كَانَ الله أعلمهُ أَن زَيْنَب سَتَكُون من ازواجه قبل أَن يَتَزَوَّجهَا فَلَمَّا أَتَاهُ زيد يشكوها إِلَيْهِ قَالَ اتَّقِ الله وامسك عَلَيْهِ زَوجك فَقَالَ لَهُ قد أَخْبَرتك اني مزوجكها وتخفي فِي نَفسك مَا الله مبدية
(2/428)
وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن أم سَلمَة عَن زَيْنَب أَنَّهَا قَالَت إِنِّي وَالله مَا أَنا كَأحد من نسَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنَّهُنَّ زوجن بالمهور وزوجهن الْأَوْلِيَاء وزوجني الله رَسُوله وَانْزِلْ فِي الْكتاب يَقْرَؤُهُ الْمُسلمُونَ لَا يُبدل وَلَا يُغير
وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن عَائِشَة قَالَت يرحم الله زَيْنَب بنت جحش لقد نَالَتْ فِي هَذِه الدُّنْيَا الشّرف الَّذِي لَا يبلغهُ شرف إِن الله زَوجهَا نبيه فِي الدُّنْيَا ونطق بِهِ الْقرَان وان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لنسائه وَنحن حوله أَسْرَعكُنَّ بِي لُحُوقا اطولكن باعا فبشرها بِسُرْعَة لحوقها بِهِ وَهِي زَوجته فِي الْجنَّة
وَأخرج ابْن جرير عَن الشّعبِيّ قَالَ كَانَت زَيْنَب تَقول للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي لأدل عَلَيْك بِثَلَاث مَا من نِسَائِك امْرَأَة تدل بِهن إِن جدي وَجدك وَاحِد واني انكحنيك الله من السَّمَاء وان السفير جِبْرِيل
بَاب النِّكَاح يحل لَهُ بِلَا مهر
وَمن خَصَائِصه أَن لَهُ النِّكَاح بِلَفْظ الْهِبَة وَبلا مهر ابْتِدَاء وانتهاء قَالَ تَعَالَى (وَامْرَأَة مومنة إِن وهبت نَفسهَا للنَّبِي ان اراد النَّبِي ان يستنكحها خَالِصَة من دون الْمُؤمنِينَ) اخْرُج ابْن سعد عَن عِكْرِمَة أَن مَيْمُونَة بنت الْحَارِث وهبت نَفسهَا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم واخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ أَن أم شريك وهبت نَفسهَا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يقبلهَا فَلم تتَزَوَّج حَتَّى مَاتَت واخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن الشّعبِيّ فِي قَوْله تَعَالَى تربى من نشَاء مِنْهُنَّ قَالَ كن نسَاء وهبْنَ انفسهن للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدخل ببعضهن وأرجا بَعْضًا فَلم ينكحن بعده مِنْهُنَّ أم شريك
(2/429)
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن الْمسيب قَالَ لَا تحل الهبه لأحد بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهل يَكْفِي لفظ الاتهاب من جِهَته أَيْضا كَمَا يَكْفِي من الْمَرْأَة أَو يشْتَرط مِنْهُ لفظ النِّكَاح وَجْهَان اصححهما الثَّانِي لظَاهِر قَوْله (ان يستنكحها) فَاعْتبر فِي جَانِبه النِّكَاح
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم باباحة عدم الْقسم لازواجه فِي اُحْدُ الْوَجْهَيْنِ وَهُوَ الْمُخْتَار وَصَححهُ الْغَزالِيّ
قَالَ تَعَالَى {ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك من تشَاء وَمن ابْتَغَيْت مِمَّن عزلت فَلَا جنَاح عَلَيْك}
أخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم موسع عَلَيْهِ فِي قسم أَزوَاجه يقسم بَينهُنَّ كَيفَ شَاءَ وَذَلِكَ قَول الله تَعَالَى وَذَلِكَ أدنى أَن تقر أعينهن إِذا علمنَا أَن ذَلِك من الله تَعَالَى
قَالَ بَعضهم فِي وجوب الْقسم عَلَيْهِ شغل عَن لَوَازِم الرسَالَة وَقد صَحَّ أَنه كَانَ يطوف على نِسَائِهِ فِي السَّاعَة الْوَاحِدَة وَذَلِكَ يُنَافِي وجوب الْقسم
وَقد ذكر ابْن الْقشيرِي فِي تَفْسِيره أَنه كَانَ وَاجِبا عَلَيْهِ ثمَّ نسخ بِالْآيَةِ المذكوره فِي وجوب نَفَقَة أَزوَاجه عَلَيْهِ وَجْهَان صحّح النَّوَوِيّ الْوُجُوب وعَلى هَذَا لَا يتَقَدَّر بِخِلَاف نَفَقَة غَيره
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِجَوَاز النِّكَاح وَهُوَ محرم
أاخرج الشَّيْخَانِ عَن ابْن عَبَّاس ان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نكح مَيْمُونَة وَهُوَ محرم
(2/430)
وَفِي وَجه حَكَاهُ الرَّافِعِيّ انه كَانَ يجوز لَهُ نِكَاح الْمُعْتَدَّة من غَيره وَالْجمع بَين الْمَرْأَة وَأُخْتهَا وعمتها وخالتها وإبنتها والاصح فِي الْجَمِيع الْمَنْع وَيشْهد لَهُ حَدِيث الصَّحِيحَيْنِ فِي بنت أم سَلمَة وَقَوله لأم حَبِيبه وَقد عرضت عَلَيْهِ أُخْتهَا أَن ذَلِك لَا يحل لي فَلَا تعرضن على بناتكن وَلَا أخواتكن وَقد صَحَّ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تزوج عَائِشَة بنت سِتّ سِنِين أَو سبع فَذهب ابْن شبرمه فِيمَا حَكَاهُ ابْن حزم الى أَن ذَلِك خَاص بِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وانه لَا يجوز للْأَب إنكاح ابْنَته حَتَّى تبلغ أوردهُ ابْن الملقن فِي الخصائص وَقَالَ هَذَا غَرِيب لَا نعلمهُ عَن غَيره وَقد قَالَ الْجُمْهُور ان ذَلِك لكل اُحْدُ وَأَنه لَيْسَ من الخصائص بل نقل ابْن الْمُنْذر الاجماع عَلَيْهِ
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِعِتْق امته وَجعل عتقهَا صَدَاقهَا
أخرج الشَّيْخَانِ عَن انس ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اعتنق صَفِيَّة وَجعل عتقهَا صَدَاقهَا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اعْتِقْ صَفِيَّة وَتَزَوجهَا فَسئلَ مَا أصدقهَا قَالَ نَفسهَا
قَالَ ابْن حبَان فعل ذَلِك عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَلم يقم دَلِيل على أَنه خَاص بِهِ دون امته فَيُبَاح لَهُم ذَلِك لعدم جود تَخْصِيصه فِيهِ
قلت وَقَول ابْن حبَان هُوَ الْمُخْتَار عِنْدِي وَهُوَ مَذْهَب احْمَد واسحاق
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم باباحة النّظر الى الأجنبيات وَالْخلْوَة بِهن
أخرج البُخَارِيّ عَن خَالِد بن ذكْوَان قَالَ قَالَت الرّبيع بنت معوذ بن عفراء جَاءَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدخل عَليّ حِين بني على فَجَلَسَ على فِرَاشِي كمجلسك مني
(2/431)
قَالَ الْكرْمَانِي فِي هَذَا الحَدِيث هُوَ // مَحْمُول // على أَن ذَلِك كَانَ قبل نزُول آيَة الْحجاب أَو جَازَ النّظر للْحَاجة أَو للأمن من الْفِتْنَة
وَقَالَ ابْن حجر الَّذِي وضح لنا بالأدلة القوية أَن من خَصَائِص النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَوَاز الْخلْوَة بالاجنبية وَالنَّظَر اليها وَهُوَ الْجَواب الصَّحِيح عَن قصَّة أم حرَام بنت ملْحَان فِي دُخُوله عَلَيْهَا ونومه عِنْدهَا وتقليتها رَأسه وَلم يكن بَينهمَا محرمية وَلَا زوجية
وَفِي الخصائص لِابْنِ الملقن وَقد ذكر حَدِيث أم حرَام من احاط علما بِالنّسَبِ علم أَنه لَا محرمية بَينهَا وَبَين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد بَين ذَلِك الْحَافِظ شرف الدّين الدمياطي وَقَالَ هَذَا خَاص بِأم حرَام وَأُخْتهَا ام سليم
قَالَ ابْن الملقن وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعْصُوم فَيُقَال كَانَ من خَصَائِصه الْخلْوَة بالأجنبية وَقد إدعاه بعض شُيُوخنَا انْتهى
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَنَّهُ يُزَوّج من شَاءَ من النِّسَاء بِمن شَاءَ من الرِّجَال إجبارا بِغَيْر رضاهن ورضى آبائهن
قَالَ تَعَالَى وَمَا كَانَ لمُؤْمِن وَلَا مومنة اذا قضى الله وَرَسُوله امرا ان تكون لَهُم الْخيرَة من امرهم الْآيَة وَأورد الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه فِي الْبَاب قَوْله تَعَالَى {النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم}
وَمَا أخرجه البُخَارِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا من مُؤمن إِلَّا وَأَنا أولى بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة
وَمَا أخرجه الشَّيْخَانِ عَن سهل بن سعد أَن امْرَأَة أَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعرضت نَفسهَا عَلَيْهِ فَقَالَ مَالِي بِالنسَاء من حَاجَة فَقَالَ رجل يَا رَسُول الله زوجنيها فَقَالَ زوجتكها بِمَا مَعَك من الْقرَان
(2/432)
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطب زَيْنَب بنت جحش على فتاه زيد بن حارثه فَقَالَت لست بناكحته فَبَيْنَمَا هما يتحدثان أنزل الله على رَسُوله هَذِه الاية {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن وَلَا مُؤمنَة} الْآيَة قَالَت قد رضيته لي يَا رَسُول الله قَالَ نعم قَالَت إِذا لَا أعصى رَسُول الله
وَأخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ أَن عبد الله ذَا البجادين خطب إمرأة فَلم تتزوجه فَسَأَلَهَا أَبُو بكر وَعمر فَأَبت فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا عبد الله ألم يبلغنِي انك تذكر فُلَانُهُ قَالَ بلَى قَالَ فَانِي قد زوجتكها فأدخلت عَلَيْهِ
بَاب اخْتِصَاصه من انكاح الصَّغِيرَة
وَله على ذَلِك تَزْوِيج الصَّغِيرَة من غير بَنَاته
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس أَن عمَارَة بنت حَمْزَة بن عبد الْمطلب كَانَت بِمَكَّة فَلَمَّا قدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي عمْرَة الْقَضِيَّة خرج بهَا عَليّ وَقَالَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تزَوجهَا فَقَالَ إِنَّهَا ابْنة أخي من الرضَاعَة فَزَوجهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَلمَة بن أبي سَلمَة
قَالَ الْبَيْهَقِيّ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بَاب النِّكَاح من انكاح الصَّغِيرَة وَغير ذَلِك مَا لَيْسَ لغيره وَلذَلِك تولى تَزْوِيجهَا دون عَمها الْعَبَّاس
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انه كَانَ لَهُ فِي بَاب النِّكَاح مَا لم يكن لغيره
أخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن سَلمَة بن أبي سَلمَة ان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطب أم سَلمَة قَالَت لَيْسَ أحد من أوليائي شَاهد قَالَ مري ابْنك أَن يزوجك فَزَوجهَا إبنها وَهُوَ يَوْمئِذٍ صَغِير لم يبلغ
قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَكَانَ لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بَاب النِّكَاح مَا لم يكن لغيره
(2/433)
بَاب عدم انحصار طَلَاقه فِي الثَّلَاث
وَمن خَصَائِصه عدم انحصار طَلَاقه فِي الثَّلَاث فِي اُحْدُ الْوَجْهَيْنِ كَمَا لَا ينْحَصر عدد زَوْجَاته وعَلى الْحصْر لَو طلق وَاحِدَة ثَلَاثًا فَهَل تحل لَهُ من غير أَن تنْكح غَيره فِيهِ وَجْهَان
احدهما نعم لما خص بِهِ من تَحْرِيم نِسَائِهِ على غَيره
وَالثَّانِي لَا تحل لَهُ أبدا
بَاب وَمن خَصَائِصه انه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حرم أمته مَارِيَة فَلم تحرم عَلَيْهِ وَلم تلْزمهُ كَفَّارَة فِيمَا قَالَه مقَاتل لانه مغْفُور لَهُ وَغَيره من الْأمة إِذا حرم أمته لَزِمته الْكَفَّارَة
بَاب اخْتِصَاصه فِي انه ضحى عَن أمته
وَمن خَصَائِصه انه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضحى عَن أمته وَلَيْسَ لأحد ان يُضحي عَن الْغَيْر بِغَيْر إِذْنه
أخرج الْحَاكِم عَن ابي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذبح كَبْشًا اقرن بالمصلى ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ هَذَا عني وَعَن من لم يضح من أمتِي
وَأخرج الْحَاكِم عَن عَائِشَة وَأبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضحى بكبشين فذبح أَحدهمَا فَقَالَ اللَّهُمَّ عَن مُحَمَّد وَأمته من شهد لَك بِالتَّوْحِيدِ ولي بالبلاغ
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَليّ بن الْحُسَيْن {لكل أمة جعلنَا منسكا هم ناسكوه} قَالَ ذبح هم ذابحوه
(2/434)
حَدثنِي أَبُو رَافع أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ اذا ضحى اشْترِي بكبشين املحين اقرنين فاذا خطب وَصلى ذبح احدهما ثمَّ يَقُول اللَّهُمَّ هَذَا عَن أمتِي جَمِيعًا من شهد لَك بِالتَّوْحِيدِ ولي بالبلاغ ثمَّ اتي بِالْآخرِ فذبحه وَقَالَ اللَّهُمَّ هَذَا عَن مُحَمَّد وَآل مُحَمَّد ثمَّ يطْعمهَا الْمَسَاكِين وَيَأْكُل هُوَ واهله مِنْهُمَا فَمَكثْنَا سِنِين قد كفانا الله الْغرم والمئونة لَيْسَ اُحْدُ من بني هَاشم يُضحي
بَاب اكله من لحم الْفُجَاءَة مَعَ نَهْيه عَنهُ
قَالَ ابْن الْقَاص وَمن خَصَائِصه أَنه اكل من طَعَام الْفُجَاءَة مَعَ نَهْيه عَنهُ وانكر ذَلِك الْبَيْهَقِيّ وَقَالَ انه مُبَاح للْأمة وَالنَّهْي لم يثبت
بَاب لَهُ أَن يقتل من سبه أَو هجاه
عد ابْن سبع من خَصَائِصه أَن لَهُ قتل من سبه أَو هجاه وَذَلِكَ رَاجع إِلَى الْقَضَاء لنَفسِهِ
(2/435)
قسم الكرامات
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَنَّهُ لَا يُورث وَأَن مَاله بعد مَوته قَائِم على نَفَقَته
أخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي بكر الصّديق أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (لَا نورث مَا تركنَا صَدَقَة إِنَّمَا يَأْكُل آل مُحَمَّد فِي هَذَا المَال) وَإِنِّي وَالله لَا أغير شَيْئا من صَدَقَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن حَالهَا الَّتِي كَانَت عَلَيْهِ فِي عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولأعملن فِيهَا مَا عمل بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (لَا تقتسم ورثتي دِينَارا وَلَا درهما مَا تركت بعد نَفَقَة نسَائِي ومئونة عَامِلِي فَإِنَّهُ صَدَقَة)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعَلي (أما ترضي أَن تكون مني بِمَنْزِلَة هَارُون من مُوسَى إِلَّا أَنه لَا نبوة وَلَا وراثة)
فَائِدَة
حكى القَاضِي عِيَاض عَن الْحسن الْبَصْرِيّ أَنه قَالَ هَذِه الخصيصة مُخْتَصَّة بنبينا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِخِلَاف سَائِر الْأَنْبِيَاء فَإِنَّهُم يورثون لقَوْله تَعَالَى {وَورث سُلَيْمَان دَاوُد} وَقَوله زَكَرِيَّا رب هَب لي من لَدُنْك وليا يَرِثنِي وَيَرِث من آل يَعْقُوب وعَلى هَذَا فتضم هَذِه إِلَى الخصائص الَّتِي امتاز بهَا عَن الْأَنْبِيَاء وَلَكِن الصَّوَاب الَّذِي عَلَيْهِ جَمِيع الْعلمَاء أَن ذَلِك لجَمِيع الْأَنْبِيَاء لما أخرجه النَّسَائِيّ من حَدِيث الزبير مَرْفُوعا (إِن معاشر الْأَنْبِيَاء لَا نورث)
(2/436)
وَالْجَوَاب عَن الْآيَتَيْنِ أَن المُرَاد فيهمَا إِرْث النُّبُوَّة وَالْعلم
وَقد روى ابْن ماجة عَن أبي الدَّرْدَاء سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (إِن الْعلمَاء هم وَرَثَة الْأَنْبِيَاء لِأَن الْأَنْبِيَاء لم يورثوا دِينَارا وَلَا درهما إِنَّمَا ورثوا الْعلم فَمن أَخذه أَخذ بحظ وافر)
وَقد ذكر فِي الْحِكْمَة فِي كَون الْأَنْبِيَاء لَا يورثون أوجه
مِنْهَا أَن لَا يتَمَنَّى قريبهم مَوْتهمْ فَيهْلك بذلك
وَمِنْهَا أَن لَا يظنّ بهم الرَّغْبَة فِي الدُّنْيَا وَجَمعهَا لوارثهم
وَمِنْهَا أَنهم أَحيَاء والحي لَا يُورث وَلِهَذَا ذهب إِمَام الْحَرَمَيْنِ إِلَى أَن مَاله بَاقٍ على ملكه ينْفق مِنْهُ على أَهله كَمَا كَانَ عَلَيْهِ وَالسَّلَام يُنْفِقهُ فِي حَيَاته لِأَنَّهُ حَيّ
وَلذَلِك كَانَ الصّديق ينْفق مِنْهُ على أَهله وخدمه ويصرفه فِيمَا كَانَ يصرفهُ فِي حَيَاته
وَرجح النَّوَوِيّ وَغَيره أَنه زَالَ ملكه عَنهُ وَأَنه صَدَقَة على جَمِيع الْمُسلمين لَا تخْتَص بِهِ الْوَرَثَة وَأخذ بَعضهم من هَذَا خصيصة أُخْرَى وَهُوَ أَنه أُبِيح لَهُ التَّصَدُّق بِجَمِيعِ مَاله بعد مَوته بِخِلَاف أمته فأنهم مقصورون على الثُّلُث
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن أَزوَاجه أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ
وَذَلِكَ فِي تَحْرِيم نِكَاحهنَّ وَوُجُوب إحترامهن وطاعتهن وَلَا فِي النّظر وَنَحْوه
قَالَ تَعَالَى
{النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم} وقرىء وَهُوَ أَب لَهُم
(2/437)
قَالَ الْبَغَوِيّ وَهن أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ من الرِّجَال دون النِّسَاء لِأَن فَائِدَة الأمومة فِي حق الرِّجَال وَهِي النِّكَاح مفقودة فِي حق النِّسَاء
وَأخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة أَن امْرَأَة قَالَت لَهَا يَا أمه قَالَت أَنا أم رجالكم وَلست أم نِسَائِكُم
وَأخرج ابْن سعد عَن أم سَلمَة أَنَّهَا قَالَت أَنا أم الرِّجَال مِنْكُم وَالنِّسَاء وَبِه قَالَ طَائِفَة لِأَن فَائِدَة الإحترام والتعظيم مَوْجُودَة فِي النِّسَاء أَيْضا
قَالَ الْبَغَوِيّ وَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَا الرِّجَال وَالنِّسَاء جَمِيعًا فِي الْحُرْمَة والتعظيم
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم رُؤْيَة أشخاص أَزوَاجه فِي الأزر وسؤالهن مشافهة
قَالَ الله تَعَالَى {وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعا فَاسْأَلُوهُنَّ من وَرَاء حجاب}
قَالَ فِي الرَّوْضَة تبعا للرافعي وَالْبَغوِيّ لَا يحل لأحد أَن يسألهن إِلَّا من وَرَاء حجاب ألاية وَأما غَيْرهنَّ فَيجوز أَن يسألهن مشافهة
وَقَالَ القَاضِي عِيَاض والوري فِي شرح مُسلم خصصن بِفَرْض الْحجاب عَلَيْهِنَّ بِلَا خلاف فِي الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ فَلَا يجوز لَهُنَّ كشف ذَلِك لشهادة وَلَا غَيرهَا وَلَا إِظْهَار شخوصهن وَإِن كن مستترات إِلَّا لضَرُورَة خروجهن للبراز وَقَالَ وَكن إِذا قعدن للنَّاس جلس من وَرَاء حجاب وَإِذا خرجن حجبن وسترن أشخاصهن وَلما توفيت زَيْنَب جعلُوا لَهَا قبَّة فَوق نعشها لستر شذمها
وَأخرج البُخَارِيّ عَن عَائِشَة خرجت سَوْدَة بَعْدَمَا ضرب الْحجاب لحاجتها وَكَانَت امْرَأَة جسيمة لَا تخفي على من يعرفهَا فرآها عمر فَقَالَ يَا سَوْدَة أما وَالله لَا تخفين علينا فانظري كَيفَ تخرجين قَالَت فَانْكَفَأت رَاجِعَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنه ليتعشى وَفِي يَده عرق فَقلت يَا رَسُول الله خرجت لبَعض حَاجَتي فَقَالَ لي
(2/438)
عمر كَذَا وَكَذَا فَأوحى الله تَعَالَى إِلَيْهِ وَأَن الْعرق فِي يَده مَا وَضعه فَقَالَ (إِنَّه قد أذن لَكِن أَن تخرجن لحاجتكن)
وَأخرج ابْن سعد عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قَالَ أَرْسلنِي عمر وَعُثْمَان بِأَزْوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السّنة الَّتِي توفّي فِيهَا عمر يحجبهن فَكَانَ عُثْمَان يسير أمامهن فَلَا يتْرك أحدا يدنو مِنْهُنَّ وَلَا يراهن إِلَّا من مد الْبَصَر وَعبد الرَّحْمَن خلفهن يفعل مثل ذَلِك وَهن فِي الهوادج وَكَانَا ينزلان بِهن فِي الشعاب وَلَا يتركان أحدا يمر عَلَيْهِنَّ
وَأخرج ابْن سعد عَن أم معبد بنت خَالِد بن خليف قَالَت رَأَيْت عُثْمَان وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف فِي خلَافَة عمر حجا بنساء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرَأَيْت على هوادجهن الطيالسة الْخضر وَهن حجرَة من النِّسَاء يسير أمامهن عُثْمَان على رَاحِلَته يَصِيح إِذا دنا مِنْهُنَّ أحد إِلَيْك إِلَيْك وَابْن عَوْف من ورائهن يفعل مثل ذَلِك
وَأخرج ابْن سعد عَن الْمسور بن مخرمَة قَالَ قد رَأَيْت عُثْمَان وَهُوَ أَمَام أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يلقِي النَّاس مُقْبِلين فِي وَجهه فينحيهم حَتَّى يَكُونُوا مد الْبَصَر حَتَّى يمضين
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِوُجُوب جُلُوس أَزوَاجه من بعده فِي بُيُوتهنَّ وَتَحْرِيم خروجهن وَلَو لحج أَو عمْرَة فِي أحد الْقَوْلَيْنِ
قَالَ الله تَعَالَى {وَقرن فِي بيوتكن}
أخرج ابْن سعد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لنسائه فِي حجَّة الْوَدَاع (هَذِه الْحجَّة ثمَّ ظُهُور الْحصْر) قَالَ وَكن يحجبن كُلهنَّ إِلَّا سَوْدَة وَزَيْنَب قَالَتَا لَا تحركنا وَالله دَابَّة بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
(2/439)
وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن سِيرِين قَالَ قَالَت سَوْدَة حججْت واعتمرت فَأَنا أقعد فِي بَيْتِي كَمَا أَمرنِي الله وَكَانَت قد أخذت بقول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام قَالَ (هَذِه الْحجَّة ثمَّ ظُهُور الْحصْر) فَلم تحج حَتَّى توفيت
وَأخرج ابْن سعد عَن عَطاء بن يسَار أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأزواجه (أيتكن أتقت الله وَلم تأت بِفَاحِشَة مبينَة ولزمت ظهر حصيرها فَهِيَ زَوْجَتي فِي الْآخِرَة)
وَأخرج ابْن سعد من طَرِيق ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن عَن أبي جَعْفَر أَن عمر ابْن الْخطاب منع أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحَج وَالْعمْرَة
وَأخرج ابْن سعد عَن عَائِشَة قَالَت منعنَا عمر الْحَج وَالْعمْرَة حَتَّى إِذا كَانَ آخر عَام أذن لنا فحججنا مَعَه فَلَمَّا ولي عُثْمَان استأذناه فَقَالَ أفعلن مَا رأيتن فحج بِنَا إِلَّا امْرَأتَيْنِ منا زَيْنَب وَسَوْدَة لم تخرج من بَيتهَا بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكُنَّا نستتر
وَقَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة كَانَ نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي معنى المعتدات وللمعتدة السُّكْنَى فَجعل لَهُنَّ سُكْنى الْبيُوت مَا عشن وَلَا يملكن رقابها
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِطَهَارَة دَمه وبوله وغائطه
أخرج الغطريف فِي جزئه وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم عَن سلمَان الْفَارِسِي أَنه دخل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا عبد الله بن الزبير مَعَه طست يشرب مَا فِيهِ فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَا شَأْنك قَالَ أَحْبَبْت أَن يكون من دم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي جوفي قَالَ ويل لَك من النَّاس وويل للنَّاس مِنْك لَا تمسك النَّار إِلَّا قسم الْيَمين)
وَأخرج ابْن حبَان فِي الضُّعَفَاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ حجم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غُلَام لبَعض قُرَيْش فَلَمَّا فرغ من حجامته أَخذ الدَّم فَذهب بِهِ فشربه ثمَّ أقبل فَنظر فِي وَجهه فَقَالَ وَيحك مَا صنعت بِالدَّمِ قَالَ يَا رَسُول الله نفست على دمك أَن أهريقه فِي الأَرْض فَهُوَ فِي بَطْني فَقَالَ (إذهب فقد أحرزت نَفسك من النَّار)
(2/440)
وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه عَن أَسمَاء بنت أبي بكر قَالَت إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم احْتجم فَدفع دَمه إِلَى إبني فشربه فَأَتَاهُ جِبْرِيل فَأخْبرهُ فَقَالَ مَا صنعت قَالَ كرهت أَن أصب دمك فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا تمسك النَّار وَمسح على رَأسه وَقَالَ ويل للنَّاس مِنْك وويل لَك من النَّاس)
وَأخرج الْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَابْن أبي خَيْثَمَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن وَالطَّبَرَانِيّ عَن سفينة قَالَ احْتجم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لي غيب الدَّم فَذَهَبت فَشَربته ثمَّ جِئْت فَقَالَ مَا صنعت قلت غيبته قَالَ شربته قلت نعم فَتَبَسَّمَ
وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن بِسَنَد حسن عَن عبد الله ابْن الزبير قَالَ احْتجم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَعْطَانِي الدَّم فَقَالَ اذْهَبْ فغيبه فَذَهَبت فَشَربته ثمَّ أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لي مَا صنعت قلت غيبته قَالَ لَعَلَّك شربته قلت شربته
وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ شج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم أحد فَتَلقاهُ أبي فملج الدَّم عَن وَجهه بفمه وازدرده فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من سره أَن ينظر إِلَى من خالط دمي دَمه فَلْينْظر إِلَى مَالك بن سِنَان
وَأخرجه ابْن السكن وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِلَفْظ فَقَالَ خالط دَمه بدمي وَلَا تمسه النَّار
وَأخرج أَبُو يعلى وَالْحَاكِم وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم عَن أم أَيمن قَالَت قَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من اللَّيْل إِلَى فخارة فَبَال فِيهَا فَقُمْت من اللَّيْل وَأَنا عَطْشَانَة فَشَرِبت مَا فِيهَا فَلَمَّا أصبح أخْبرته فَضَحِك وَقَالَ أما أَنَّك لَا يتجعن بَطْنك أبدا وَلَفظ أبي يعلى إِنَّك لن تَشْتَكِي بَطْنك بعد يَوْمك هَذَا أبدا
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن حكيمة بنت أُمَيْمَة عَن أمهَا قَالَت كَانَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قدح من عيدَان يَبُول فِيهِ ويضعه تَحت سَرِيره فَقَامَ فَطَلَبه فَلم يجده فَسَأَلَ عَنهُ فَقَالَ أَيْن الْقدح قَالُوا شربته برة خَادِم أم سَلمَة الَّتِي قدمت مَعهَا من أَرض الْحَبَشَة فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقد احتظرت من النَّار بحظار
(2/441)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن سلمى امْرَأَة أبي رَافع قَالَت اغْتسل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَشَرِبت مَاء غسله فَأَخْبَرته فَقَالَ اذهبي فقد حرم الله بدنك على النَّار
قَالَ أَصْحَابنَا وشعره طَاهِر بِالْإِجْمَاع وَلَا يجْرِي فِيهِ الْخلاف فِي شعر سَائِر النَّاس
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما حلق شعره يَوْم النَّحْر أَن يقسم بَين النَّاس فَأخذ أَبُو طَلْحَة مِنْهُ طَائِفَة قَالَ ابْن سِيرِين لِأَن يكون عِنْدِي مِنْهُ شَعْرَة وَاحِدَة أحب إِلَيّ من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن تطوعه فِي الصَّلَاة قَاعِدا كتطوعه قَائِما
أخرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد عَن ابْن عمر قَالَ حدثت أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (صَلَاة الرجل قَاعِدا نصف الصَّلَاة فَأَتَيْته فَوَجَدته يُصَلِّي جَالِسا فَقلت يَا رَسُول الله حدثت أَنَّك قلت صَلَاة الرجل قَاعِدا نصف الصَّلَاة وَأَنت تصلي قَاعِدا قَالَ أجل وَلَكِنِّي لست كَأحد مِنْكُم)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن عمله لَهُ نَافِلَة)
أخرج أَحْمد بِسَنَد صَحِيح عَن عَائِشَة أَنَّهَا سُئِلت عَن صِيَام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت أتعملون كعمله فَإِنَّهُ قد غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر كَانَ عمله لَهُ نَافِلَة
وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة فِي قَوْله تَعَالَى {نَافِلَة لَك} قَالَ إِنَّمَا كَانَت النَّافِلَة خَاصَّة لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى {نَافِلَة لَك} قَالَ لم تكن النَّافِلَة لأحد إِلَّا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة من أجل أَنه قد غفر مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر
(2/442)
فَمَا عمل من عمل سوى الْمَكْتُوب فَهُوَ نَافِلَة من أجل أَنه لَا يعْمل ذَلِك فِي كَفَّارَة الذُّنُوب وَالنَّاس يعْملُونَ مَا سوى الْمَكْتُوب فِي كَفَّارَة ذنوبهم فَلَيْسَ للنَّاس نوافل إِنَّمَا هِيَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة
وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْله تَعَالَى {نَافِلَة لَك} أَي زِيَادَة على ثَوَاب الْفَرَائِض بِخِلَاف تهجد غَيره فَإِنَّهُ جَابر للنقصان المتطرق إِلَى الْفَرَائِض وَهُوَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام مَعْصُوم عَن تطرق الْخلَل إِلَى مفروضاته
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن الْمُصَلِّي يخاطبه بقوله سَلام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَلَا يُخَاطب سَائِر النَّاس وَأَنه يجب عَلَيْهِ إجَابَته إِذا دَعَاهُ وَلَا تبطل صلَاته
أخرج البُخَارِيّ عَن أبي سعيد بن المعلي الْأنْصَارِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعَاهُ وَهُوَ يُصَلِّي فصلى ثمَّ أَتَاهُ فَقَالَ مَا مَنعك أَن تُجِيبنِي إِذا دعوتك قَالَ إِنِّي كنت أُصَلِّي فَقَالَ ألم يقل الله عز وَجل {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اسْتجِيبُوا لله وَلِلرَّسُولِ إِذا دعَاكُمْ} الْآيَة ثمَّ قَالَ أَلا أعلمك أعظم سُورَة فِي الْقُرْآن قَالَ فَكَأَنَّهُ نَسِيَهَا أَو نسي قلت يَا رَسُول الله الَّذِي قلت لي قَالَ {الْحَمد لله رب الْعَالمين} هِيَ السَّبع المثاني وَالْقُرْآن الْعَظِيم
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن من تكلم فِي عَهده وَهُوَ يخْطب بطلت جمعته وَبِأَنَّهُ لَا يجوز لأحد الْخُرُوج من مَجْلِسه إِلَّا بِإِذْنِهِ
قَالَ الله تَعَالَى (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذين آمنُوا بِاللَّه وَرَسُوله وَإِذا كَانُوا مَعَه على أَمر جَامع لم يذهبوا حَتَّى يستأذنوا) الْآيَة
(2/443)
أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان قَالَ كَانَ لَا يصلح للرجل أَن يخرج من الْمَسْجِد إِلَّا بِإِذن من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي يَوْم الْجُمُعَة بَعْدَمَا يَأْخُذ فِي الْخطْبَة وَكَانَ إِذا أَرَادَ أحدهم الْخُرُوج أَشَارَ بِأُصْبُعِهِ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيَأْذَن لَهُ من غير أَن يتَكَلَّم الرجل لِأَن الرجل مِنْهُم كَانَ إِذا تكلم كَانَ إِذا تكلم وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب بطلت جمعته
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن الْكَذِب عَلَيْهِ لَيْسَ كالكذب على غَيره وَبِأَن من كذب عَلَيْهِ لم تقبل لَهُ رِوَايَة بعد ذَلِك وَإِن تَابَ وَبِأَنَّهُ يكفر بذلك فِيمَا قَالَ الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد الجميني
أخرج الشَّيْخَانِ عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِن كذبا عَليّ لَيْسَ ككذب على أحد فَمن كذب عَليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار)
قَالَ النَّوَوِيّ وَغَيره الْكَذِب عَلَيْهِ من الْكَبَائِر وَلَا يكفر فَاعله على الصَّحِيح وَقَوله الْجُمْهُور وَقَالَ الْجُوَيْنِيّ هُوَ كفر فَإِن تَابَ مِنْهُ فَذهب جمَاعَة مِنْهُم الإِمَام أَحْمد والصيرفي وخلائق إِلَى أَنه لَا تقبل لَهُ رِوَايَة أبدا وَإِن حسنت حَاله بِخِلَاف التائب من الْكَذِب على غَيره وَمن سَائِر أَنْوَاع الْفسق وَهَذَا مِمَّا خَالف فِيهِ الْكَذِب على غَيره وَهَذَا القَوْل هُوَ الْمُعْتَمد فِي فن الحَدِيث كَمَا بَينته فِي شرح التَّقْرِيب وَشرح ألفية الحَدِيث وَإِن رجح النَّوَوِيّ خِلَافه
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم التَّقْدِيم بَين يَدَيْهِ وَرفع الصَّوْت فَوق صَوته والجهر لَهُ بالْقَوْل وندائه من وَرَاء الحجرات والصياح بِهِ من بعيد
قَالَ الله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقدمُوا بَين يَدي الله وَرَسُوله وَاتَّقوا الله إِن الله سميع عليم} {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَرفعُوا أَصْوَاتكُم فَوق صَوت النَّبِي وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بالْقَوْل كجهر بَعْضكُم لبَعض أَن تحبط أَعمالكُم وَأَنْتُم لَا تشعرون} {إِن الَّذين يَغُضُّونَ أَصْوَاتهم عِنْد رَسُول الله أُولَئِكَ الَّذين امتحن الله قُلُوبهم للتقوى لَهُم مغْفرَة وَأجر عَظِيم}
(2/444)
{إِن الَّذين يُنَادُونَك من وَرَاء الحجرات أَكْثَرهم لَا يعْقلُونَ} {وَلَو أَنهم صَبَرُوا حَتَّى تخرج إِلَيْهِم لَكَانَ خيرا لَهُم وَالله غَفُور رَحِيم}
وَأخرج أَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {لَا تجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُول بَيْنكُم كدعاء بَعْضكُم بَعْضًا} يُرِيد يَصِيح من بعيد يَا أَبَا الْقَاسِم وَلَكِن كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي الحجرات {إِن الَّذين يَغُضُّونَ أَصْوَاتهم عِنْد رَسُول الله} الْآيَة قَالَ جمَاعَة وَيكرهُ رفع الصَّوْت عِنْد قَبره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَن حرمته مَيتا كحرمته حَيا
وَرُوِيَ ابْن حميد قَالَ نَاظر أَبُو جَعْفَر الْمَنْصُور مَالِكًا فِي مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ بَين يَدي الْخَلِيفَة فِي ذَلِك الْيَوْم خَمْسمِائَة سيف فَقَالَ لَهُ مَالك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَا ترفع صَوْتك فِي هَذَا الْمَسْجِد فَإِن الله تَعَالَى أدب قوما فَقَالَ {لَا تَرفعُوا أَصْوَاتكُم} الْآيَة ومدح قوما فَقَالَ {إِن الَّذين يَغُضُّونَ أَصْوَاتهم} الْآيَة وذم قوما فَقَالَ {إِن الَّذين يُنَادُونَك من وَرَاء الحجرات} الْآيَة وَإِن حُرْمَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَيتا كحرمته حَيا فاستكان لَهُ الْخَلِيفَة
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن من استهان بِهِ كفر وَمن سبه أَو هجاه قتل
أخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي بَرزَة أَن رجلا سبّ أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ فَقلت أَلا أضْرب عُنُقه يَا خَليفَة رَسُول الله فَقَالَ لَيست هَذِه لأحد بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ لَا يقتل أحد بسب أحد إِلَّا بسب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
(2/445)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن أعمى بكانت لَهُ أم ولد على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تكْثر الوقيعة فِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتشتمه فَقَتلهَا الْأَعْمَى فَذكر ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أشهد أَن دَمهَا هدر)
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ أَن يَهُودِيَّة كَانَت تَشْتُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَتَقَع فِيهِ فخنقها رجل حَتَّى مَاتَت فَأبْطل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَمهَا
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِوُجُوب محبته ومحبة أهل بَيته وَأَصْحَابه
قَالَ الله تَعَالَى {قل إِن كَانَ آباؤكم وأبناؤكم} إِلَى قَوْله {أحب إِلَيْكُم من الله وَرَسُوله وَجِهَاد فِي سَبيله فتربصوا}
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا يُؤمن أحدكُم حَتَّى أكون أحب إِلَيْهِ من وَالِده وَولده وَالنَّاس أَجْمَعِينَ) وَعبارَة ابْن الملقن فِي الخصائص أَنه يجب على أمته أَن يحبوه أَعلَى دَرَجَات الْمحبَّة
وَأخرج ابْن ماجة وَالْحَاكِم عَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب قَالَ كُنَّا نلقي النَّفر من قُرَيْش وهم يتحدثون فيقطعون حَدِيثهمْ فَذَكرنَا ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ (مَا بَال أَقوام يتحدثون فَإِذا رَأَوْا الرجل من أهل بَيْتِي قطعُوا حَدِيثهمْ وَالله لَا يدْخل قلب رجل الْإِيمَان حَتَّى يُحِبهُمْ الله ولقرابتهم مني)
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (آيَة الْإِيمَان حب الْأَنْصَار وَآيَة النِّفَاق بغض الْأَنْصَار)
وَأخرج ابْن ماجة عَن الْبَراء قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من أحب الْأَنْصَار أحبه الله وَمن أبْغض الْأَنْصَار أبغضه الله)
(2/446)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن أَوْلَاد بَنَاته ينسبون إِلَيْهِ وَأَوْلَاد بَنَات غَيره لَا ينسبون إِلَيْهِ فِي الْكَفَاءَة وَلَا فِي غَيرهَا
أخرج الْحَاكِم عَن جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لكل بني أم عصبَة إِلَّا إبني فَاطِمَة وَأَنا وليهما وعصبتهما)
وَأخرج أَبُو يعلى مثله من حَدِيث فَاطِمَة
وَأورد الْبَيْهَقِيّ فِي الْبَاب حَدِيث قَوْله فِي الْحسن (إِن إبني هَذَا سيد) وَقَوله لعَلي حِين ولد الْحسن مَا سميت إبني وَكَذَا حِين ولد الْحُسَيْن
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن بَنَاته لَا يتَزَوَّج عَلَيْهِنَّ
أخرج الشَّيْخَانِ عَن الْمسور بن مخرمَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول وَهُوَ على الْمِنْبَر (إِن بني هِشَام بن الْمُغيرَة اسْتَأْذنُوا فِي أَن ينكحوا ابنتهم عَليّ بن أبي طَالب فَلَا آذن ثمَّ لَا آذن ثمَّ لَا آذن إِلَّا أَن يُرِيد ابْن أبي طَالب أَن يُطلق ابْنَتي وينكح ابنتهم فَإِنَّمَا هِيَ بضعَة مني يريبني مَا أرابها وَيُؤْذِينِي مَا آذاها) قَالَ ابْن حجر لَا يبعد أَن يكون من خَصَائِصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منع التَّزْوِيج على بَنَاته
وَأخرج الْحَارِث بن أبي أُسَامَة عَن عَليّ بن الْحُسَيْن قَالَ أَرَادَ عَليّ بن أبي طَالب أَن يخْطب بنت أبي جهل فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِنَّه لَيْسَ لأحد أَن يتَزَوَّج إبنة عَدو الله على إبنة رَسُول الله)
وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي حَنْظَلَة أَن عليا خطب ابْنة أبي جهل فَبلغ ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ (إِنَّمَا فَاطِمَة بضعَة مني فَمن آذاها فقد آذَانِي) // مُرْسل قوي //
وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبيد الله بن أبي رَافع عَن الْمسور أَنه بعث إِلَيْهِ حسن بن حسن يخْطب إبنته فَقَالَ وَالله مَا من نسب وَلَا سَبَب وَلَا صهر أحب إِلَيّ مِنْكُم وَلَكِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (فَاطِمَة بضعَة مني يقبضني مَا يقبضهَا ويبسطني مَا يبسطها)
(2/447)
وعندك ابْنَتهَا وَلَو زَوجتك لقبضها ذَلِك فَانْطَلق عاذرا لَهُ
بَاب قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَنْقَطِع الْأَسْبَاب والأنساب يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا مَا كَانَ من سَببه وَنسبه
أخرح ابْن عَسَاكِر من طَرِيق الْحَارِث عَن عَليّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا يدْخل النَّار من تزوج إِلَيّ أَو تزوجت إِلَيْهِ)
أخرج الْحَارِث بن أبي أُسَامَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن أبي أوفى قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (سَأَلت رَبِّي أَن لَا أزوج أحدا من أمتِي وَلَا أَتزوّج إِلَى أحد من أمتِي كَانَ معي فِي الْجنَّة فَأَعْطَانِي) وَأخرج الْحَارِث مثله من حَدِيث ابْن عَمْرو
وَأخرج ابْن رَاهْوَيْةِ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عمر بن الْخطاب أَنه خطب إِلَى عَليّ أم كُلْثُوم فَتَزَوجهَا فَأتى عمر الْمُهَاجِرين فَقَالَ أَلا تهنئوني بِأم كُلْثُوم إبنة فَاطِمَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول كل سَبَب وَنسب يَنْقَطِع يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا مَا كَانَ من سببي ونسبي فَأَحْبَبْت أَن يكون بيني وَبَين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَبَب وَنسب
وَأخرج أَبُو يعلى عَن الْمسور بن مخرمَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (تَنْقَطِع الْأَسْبَاب والأنساب والأصهار إِلَّا صهري)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم النقش بنقش خَاتمه
أخرج ابْن سعد عَن أنس قَالَ اصْطنع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاتمًا وَنقش عَلَيْهِ مُحَمَّد رَسُول الله وَقَالَ إِنَّا قد اصطنعنا خَاتمًا ونقشنا فِيهِ نقشا فَلَا ينقش عَلَيْهِ أحد
وَأخرج ابْن سعد عَن طَاوُوس قَالَ اتخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاتمًا وَنقش فِيهِ مُحَمَّد رَسُول الله وَقَالَ (لَا ينقش أحد على نقش خَاتمِي)
(2/448)
وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (لَا تستضيئوا بِنَار الْمُشْركين وَلَا تنقشوا فِي خواتيمكم عَرَبيا) قَالَ البُخَارِيّ فِي تَارِيخه يَعْنِي عَرَبيا مُحَمَّد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (لَا تكْتبُوا مثل خَاتم النَّبِي مُحَمَّد رَسُول الله)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِصَلَاة الْخَوْف
فِي مَذْهَب طَائِفَة مِنْهُم أَبُو يُوسُف صَاحب أبي حنيفَة لقَوْله تَعَالَى {وَإِذا كنت فيهم فأقمت لَهُم الصَّلَاة} الْآيَة فقيد بِكَوْنِهِ فيهم
وَالْحكمَة فِيهِ من حَيْثُ الْمَعْنى أَن الصَّلَاة مَعَه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَضِيلَة لَا يعادلها شَيْء فَاحْتمل لأَجلهَا تَغْيِير نظم الصَّلَاة حَتَّى لَا يحصل الإنفراد عَنهُ وَغَيره من الْأَئِمَّة لَيْسَ فِي مقَامه فالإستبدال بِهِ فِي الْجَمَاعَة سهل
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالعصمة من كل ذَنْب كَبِيرا أَو صَغِيرا عمدا أَو سَهوا
قَالَ الله تَعَالَى {ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر} قَالَ السُّبْكِيّ فِي تَفْسِيره أَجمعت الْأمة على عصمَة الْأَنْبِيَاء فِيمَا يتَعَلَّق بالتبليغ وَفِي غير ذَلِك من الْكَبَائِر وَمن الصَّغَائِر الرذيلة الَّتِي تحط مرتبتهم وَمن المداومة على الصَّغَائِر هَذِه الْأَرْبَعَة مجمع عَلَيْهَا
وَاخْتلف فِي الصَّغَائِر الَّتِي لَا تحط من مرتبتهم فَذَهَبت الْمُعْتَزلَة وَكثير من غَيرهم إِلَى جَوَازهَا وَالْمُخْتَار الْمَنْع لأَنا مأمورون بالأقتداء بهم فِي كل مَا يصدر مِنْهُم من قَول أَو فعل فَكيف يَقع مِنْهُم مَا لَا يَنْبَغِي وَيُؤمر بالإقتداء فِيهِ
قَالَ وَالَّذِي جوز ذَلِك لم يجوزها بِنَصّ وَلَا دَلِيل إِنَّمَا أَخذ ذَلِك من هَذِه الْآيَة يَعْنِي الْآيَة السَّابِقَة قَالَ وَلَقَد تأملتها مَعَ مَا قبلهَا وَمَا بعْدهَا فَوَجَدتهَا لَا تحْتَمل إِلَّا وَجها
(2/449)
وَاحِدًا وَهُوَ تشريف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من غير أَن يكون هُنَاكَ ذَنْب وَلكنه أُرِيد أَن يستوعب فِي الْآيَة جَمِيع أَنْوَاع النعم من الله على عباده الأخروية وَجَمِيع النعم الأخروية شَيْئَانِ سلبية وَهِي غفران الذُّنُوب وثبوتية وَهِي لَا تتناهى أَشَارَ إِلَيْهَا بقوله تَعَالَى {وَيتم نعْمَته عَلَيْك} وَجَمِيع النعم الدُّنْيَوِيَّة شَيْئَانِ دينية أَشَارَ إِلَيْهَا بقوله {ويهديك صراطا مُسْتَقِيمًا} ودنيوية وَهِي قَوْله تَعَالَى {وينصرك الله نصرا عَزِيزًا} فانتظم بذلك تَعْظِيم قدر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بإتمام أَنْوَاع نعم الله إِلَيْهِ المتفرقه فِي غَيره وَلِهَذَا جعل ذَلِك غَايَة لِلْفَتْحِ الْمُبين الَّذِي عظمه وفخمه بِإِسْنَادِهِ إِلَيْهِ بنُون العظمة وَجعله خَاصّا بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقوله لَك
قَالَ وَقد سبق إِلَى نَحْو هَذَا إِبْنِ عَطِيَّة فَقَالَ وَإِنَّمَا الْمَعْنى التشريف بِهَذَا الحكم وَلم تكن ذنُوب الْبَتَّةَ ثمَّ قَالَ وعَلى تَقْدِير الْجَوَاز لَا شكّ وَلَا ارتياب أَنه لم يَقع مِنْهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَيف يتخيل خلاف ذَلِك {وَمَا ينْطق عَن الْهوى إِن هُوَ إِلَّا وَحي يُوحى} فاما الْفِعْل فاجماع الصَّحَابَة على اتِّبَاعه والتأسي بِهِ فِي كل مَا يَفْعَله من قَلِيل أَو كثير وصغير أَو كَبِير لم يكن عِنْدهم فِي ذَلِك توقف وَلَا بحث حَتَّى أَعماله فِي السِّرّ وَالْخلْوَة يحرصون على الْعلم بهَا وعَلى اتباعها علم بهم أَو لم يعلم وَمن تَأمل أَحْوَال الصَّحَابَة مَعَه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم استحي من الله أَن يخْطر بِبَالِهِ خلاف ذَلِك انْتهى
واخرج الْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق عَمْرو بن شُعَيْب عَن ابيه عَن جده قَالَ قلت يَا رَسُول الله أتأذن لي فَاكْتُبْ مَا اسْمَع مِنْك قَالَ نعم قلت فِي الرِّضَا وَالْغَضَب قَالَ نعم فانه لَا يَنْبَغِي أَن أَقُول عِنْد الرِّضَا وَالْغَضَب إِلَّا حَقًا
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (لَا اقول إِلَّا حَقًا فَقَالَ بعض اصحابه فَإنَّك تداعبنا فَقَالَ لَا أَقُول إِلَّا حَقًا)
(2/450)
بَاب إِنَّه منزه عَن فعل الْمَكْرُوه
وَمن خَصَائِصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه منزه عَن فعل الْمَكْرُوه قَالَ ابْن السُّبْكِيّ فِي (جمع الْجَوَامِع) وَفعله غير محرم للعصمة وَغير مَكْرُوه للنزاهة وَمَا فعله مِمَّا هُوَ مَكْرُوه فِي حَقنا فَإِنَّمَا فعله لبَيَان الْجَوَاز فَهُوَ فِي حَقه وَاجِب للتبليغ أَو فَضِيلَة ويثاب عَلَيْهِ ثَوَاب وَاجِب أَو فَاضل
بَاب من اخْتِصَاصه انه لَا يجوز عَلَيْهِ الْجُنُون
وَمن خَصَائِصه وَسَائِر الانبياء أَنه لَا يجوز عَلَيْهِم الْجُنُون بِخِلَاف الْإِغْمَاء لِأَن الْجُنُون نقص وَالْإِغْمَاء مرض
وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو حَامِد لَا يجوز عَلَيْهِم أَيْضا الْإِغْمَاء الطَّوِيل الزَّمن وَجزم بِهِ البُلْقِينِيّ فِي (حَوَاشِي الرَّوْضَة)
وَنبهَ السُّبْكِيّ على ان الْإِغْمَاء الَّذِي يحصل لَهُم لَيْسَ كالاغماء الَّذِي يحصل لآحاد النَّاس وانما هُوَ غَلَبَة الأوجاع للحواس الظَّاهِرَة فَقَط دون الْقلب قَالَ لِأَنَّهُ قد ورد أَنه إِنَّمَا تنام أَعينهم دون قُلُوبهم فاذا حفظت قُلُوبهم وعصمت من النّوم الَّذِي هُوَ أخف من الاغماء فَمن الاغماء بطرِيق الأولى انْتهى وَهُوَ نَفِيس جدا
وَالْأَشْهر امْتنَاع الِاحْتِلَام عَلَيْهِم كَمَا قَالَه النَّوَوِيّ فِي (الرَّوْضَة) وَتقدم دَلِيله فِي أول الْكتاب
قَالَ السُّبْكِيّ فَلَا يجوز عَلَيْهِم الْعَمى أَيْضا لِأَنَّهُ نقص وَلم يعم نَبِي قطّ وَمَا ذكر عَن شُعَيْب أَنه كَانَ ضريرا فَلم يثبت وَأما يَعْقُوب فَحصل لَهُ غشاوة وزالت
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن رُؤْيَاهُ وَحي وكل مَا رَآهُ فَهُوَ حق
أخرج الطَّبَرَانِيّ عَن معَاذ بن جبل قَالَ (مَا رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي نَومه اَوْ
(2/451)
يقظته فَهُوَ حق)
واخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {إِنِّي رَأَيْت أحد عشر كوكبا} قَالَ رُؤْيا الْأَنْبِيَاء وَحي
بَاب وَمن خَصَائِصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ان رُؤْيَته فِي الْمَنَام حق
اخْرُج الشَّيْخَانِ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من رَآنِي فِي الْمَنَام فقد رَآنِي فان الشَّيْطَان لَا يتَمَثَّل بِي)
قَالَ القَاضِي أَبُو بكر مَعْنَاهُ أَن رُؤْيَاهُ صَحِيحَة لَيست بأضغاث
وَقَالَ آخَرُونَ مَعْنَاهُ رَآهُ حَقِيقَة وَقَالَ بَعضهم خص صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن رُؤْيَته فِي الْمَنَام صَحِيحَة وَمنع الشَّيْطَان أَن يتَصَوَّر فِي خلقته لِئَلَّا يكذب على لِسَانه فِي النّوم كَمَا مَنعه أَن يتَصَوَّر فِي صورته فِي الْيَقَظَة إِكْرَاما لَهُ
وَفِي (شرح مُسلم) للنووي لَو رأى شخص النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْمُرهُ بِفعل مَا هُوَ مَنْدُوب إِلَيْهِ أَو ينهاه عَن منهى عَنهُ أَو يرشده إِلَى فعل مصلحَة مصلحَة فَلَا خلاف فِي أَنه يسْتَحبّ لَهُ الْعَمَل بِمَا امْرَهْ بِهِ
وَفِي (فَتَاوَى الحناطي) لَو رأى إِنْسَان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَنَامه على الصّفة المنقولة عَنهُ فَسَأَلَهُ عَن حكم فأفتاه بِخِلَاف مذْهبه وَلَيْسَ مُخَالفا للنَّص وَلَا إِجْمَاع فَفِيهِ وَجْهَان احدهما يَأْخُذ بقوله تَعَالَى لانه مقدم على الْقيَاس وَالثَّانِي لَا لِأَن الْقيَاس دَلِيل والأحلام لَا تعويل عَلَيْهَا فَلَا يتْرك من اجلها الدَّلِيل
(2/452)
وَفِي (كتاب الجدل) للأستاذ أبي اسحاق الاسفرائني لَو رأى رجل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَنَام وَأمره بِأَمْر هَل يجب عَلَيْهِ امتثاله إِذا اسْتَيْقَظَ وَجْهَان وَجه الْمَنْع عدم ضبط الرَّأْي لَا الشَّك فِي الرُّؤْيَة فان الْخَبَر لَا يقبل إِلَّا من ضَابِط مُكَلّف والنائم بِخِلَافِهِ
وَفِي فتاوي القَاضِي حُسَيْن مثله فِيمَا لَو رُؤِيَ لَيْلَة الثَّلَاثِينَ من شعْبَان وَأخْبر أَن غَدا من رَمَضَان هَل يجب الصَّوْم وَفِي (روضه الاحكام) للْقَاضِي شُرَيْح لَو رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لفُلَان على فلَان كَذَا فَهَل للسامع أَن يشْهد بذلك وَجْهَان
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بفضيلة الصَّلَاة عَلَيْهِ
قَالَ الله تَعَالَى {إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على النَّبِي يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا صلوا عَلَيْهِ وسلموا تَسْلِيمًا}
اخْرُج مُسلم عَن ابي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من صلى عَليّ وَاحِدَة صلى الله عَلَيْهِ عشرا)
واخرج احْمَد عَن ابْن عَمْرو قَالَ (من صلى على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة صلى الله عَلَيْهِ وَمَلَائِكَته بهَا سبعين صَلَاة فَلْيقل العَبْد من ذَلِك أَو ليكْثر)
واخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي طَلْحَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَتَانِي ملك فَقَالَ إِن رَبك يَقُول أما يرضيك أَن لَا يُصَلِّي عَلَيْك أحد من أمتك إِلَّا صليت عَلَيْهِ عشرا وَلَا يسلم عَلَيْك إِلَّا سلمت عَلَيْهِ عشرا)
واخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِن جِبْرِيل أَتَانِي فَقَالَ من صلى عَلَيْهِ صَلَاة صلى الله عَلَيْك عشرا وَرَفعه عشر دَرَجَات)
(2/453)
وَأخرج الْبَزَّار وَأَبُو يعلى عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (من صلى عَليّ صَلَاة كتب الله لَهُ بهَا عشر حَسَنَات)
وَأخرج القَاضِي إِسْمَاعِيل عَن عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو قَالَ من صلى على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتب الله لَهُ عشر حَسَنَات ومحا عَنهُ عشر سيئات وَرفع لَهُ عشر دَرَجَات
وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن سعد بن عُمَيْر عَن أَبِيه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من صلى عَليّ صَلَاة صَادِقا من نَفسه صلى الله عَلَيْهِ عشر صلوَات وَرَفعه عشر دَرَجَات وَكتب لَهُ بهَا عشر حَسَنَات)
وَأخرج أَحْمد وَابْن ماجة عَن عَامر بن ربيعَة سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (من صلى عَليّ لم تزل الْمَلَائِكَة تصلي عَلَيْهِ مَا صلى فَلْيقل عبد من ذَلِك أَو ليكْثر)
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان عَن ابْن مَسْعُود أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِن أولى النَّاس بِي يَوْم الْقِيَامَة أَكْثَرهم عَليّ صَلَاة)
وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ عَن الْحُسَيْن بن عَليّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (الْبَخِيل من ذكرت عِنْده فَلم يُصَلِّي عَليّ)
وَأخرج ابْن ماجة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من نسي الصَّلَاة عَليّ خطىء طَرِيق الْجنَّة)
وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (مَا جلس قوم مَجْلِسا لم يذكرُوا الله فِيهِ وَلم يصلوا على نَبِيّهم إِلَّا كَانَ عَلَيْهِم ترة إِن شَاءَ عذبهم وَإِن شَاءَ غفر لَهُم)
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم عَن أبي كَعْب قَالَ قلت يَا رَسُول الله إِنِّي أَكثر الصَّلَاة عَلَيْك فكم أجعَل من صَلَاتي قَالَ (مَا شِئْت قلت الرّبع قَالَ مَا شِئْت فَإِن زِدْت فَهُوَ خير قلت فالنصف قَالَ مَا شِئْت فَإِن زِدْت فَهُوَ خير قلت فالثلثين قَالَ مَا شِئْت فَإِن زِدْت فَهُوَ خير قلت أجعَل لَك صَلَاتي كلهَا قَالَ إِذا تَكْفِي همك وَيغْفر لَك ذَنْبك)
(2/454)
وَأخرج القَاضِي إِسْمَاعِيل فِي فضل الصَّلَاة عَن يَعْقُوب بن زيد بن طَلْحَة التَّيْمِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَتَانِي آتٍ من رَبِّي فَقَالَ مَا من عبد يُصَلِّي عَلَيْك صَلَاة إِلَّا صلى الله عَلَيْهِ بهَا عشرا فَقَامَ إِلَيْهِ رجل فَقَالَ يَا رَسُول الله إجعل نصف دعائي لَك قَالَ إِن شِئْت قَالَ أَلا أجعَل ثُلثي دعائي لَك قَالَ إِن شِئْت قَالَ أَلا أجعَل دعائي لَك كُله قَالَ إِذا يَكْفِيك الله هم الدُّنْيَا وَالْآخِرَة)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَتَانِي جِبْرِيل فَقَالَ رغم أنف إمرىء ذكرت عِنْده فَلم يصل عَلَيْك)
وَأخرج القَاضِي إِسْمَاعِيل عَن الْحسن قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (كفى بِهِ شحا أَن يذكرنِي قوم فَلَا يصلونَ عَليّ)
وَأخرج أَيْضا عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ) من ذكرت عِنْده فَلم يصل عَليّ فقد خطىء طَرِيق الْجنَّة)
وَأخرج القَاضِي إِسْمَاعِيل والأصبهاني فِي التَّرْغِيب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (صلوا عَليّ فَإِن صَلَاتكُمْ عَليّ زَكَاة لكم)
وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (صلوا عَليّ فَإِن صَلَاتكُمْ عَليّ كَفَّارَة لكم)
وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ عَن خَالِد بن طهْمَان قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من صلى عَليّ صَلَاة وَاحِدَة قضيت لَهُ مائَة حَاجَة)
وَأخرج القَاضِي إِسْمَاعِيل وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (مَا من قوم يَقْعُدُونَ ثمَّ ويقومون وَلَا يصلونَ على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا كَانَ عَلَيْهِم يَوْم الْقِيَامَة حسرة وَإِن دخلُوا الْجنَّة لما يرَوْنَ من الثَّوَاب)
وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن أنجاكم يَوْم الْقِيَامَة من أهوالها ومواطنها أَكْثَرَكُم عَليّ فِي دَار الدُّنْيَا صَلَاة إِنَّه قد كَانَ فِي الله وَمَلَائِكَته كِفَايَة وَلَكِن خص الْمُؤمنِينَ بذلك ليثيبهم عَلَيْهِ)
(2/455)
وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ عَن أبي بكر الصّديق قَالَ الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل من عتق الرّقاب وَحب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل من مهج الْأَنْفس أَو قَالَ من ضرب السَّيْف فِي سَبِيل الله
وَأخرج الْبَزَّار والأصبهاني عَن جَابر بن عبد الله قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا تجعلوني كقدح الرَّاكِب فَإِن يمْلَأ قدحه ويضعه فَإِن احْتَاجَ إِلَى الشّرْب شرب أَو إِلَى الْوضُوء تَوَضَّأ وَإِلَّا اهراقه وَلَكِن إجعلوني فِي أول الدُّعَاء وأوسطه وَآخره)
وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من دُعَاء إِلَّا بَينه وَبَين السَّمَاء حجاب حَتَّى يصل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعَلى آل مُحَمَّد فَإِذا فعل ذَلِك إنخرق الْحجاب وَدخل الدُّعَاء وَإِن لم يفعل ذَلِك رَجَعَ الدُّعَاء)
وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن عمر بن الْخطاب قَالَ الدُّعَاء مَوْقُوف بَين السَّمَاء وَالْأَرْض لَا يصعد مِنْهُ شَيْء حَتَّى تصلي على نبيك
وَأخرج القَاضِي إِسْمَاعِيل عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ مَا من دَعْوَة لَا يُصَلِّي على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبلهَا إِلَّا كَانَت معلقَة بَين السَّمَاء وَالْأَرْض
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد جيد عَن ابي الدَّرْدَاء قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَا من صلى عَليّ حِين يصبح عشرا وَحين يُمْسِي عشرا أَدْرَكته شَفَاعَتِي يَوْم الْقِيَامَة)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَكْثرُوا الصَّلَاة عَليّ فِي يَوْم الْجُمُعَة وَلَيْلَة الْجُمُعَة فَمن فعل ذَلِك كنت لَهُ شَهِيدا أَو شافعا يَوْم الْقِيَامَة)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة فِي حَدِيث الرُّؤْيَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (رَأَيْت رجلا من أمتِي يرعد على الصِّرَاط كَمَا ترْعد السعفة فَجَاءَتْهُ صلَاته عَليّ فسكنت رعدته)
(2/456)
وَأخرج الديلمي عَن أنس مَرْفُوعا من أَكثر الصَّلَاة عَليّ كَانَ فِي ظلّ الْعَرْش
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ بِسَنَد حسن عَن أبي أُمَامَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَكْثرُوا عَليّ من الصَّلَاة فِي ى كل يَوْم جُمُعَة فَإِن صَلَاة أمتِي تعرض عَليّ فِي كل يَوْم جُمُعَة فَمن كَانَ أَكْثَرهم عَليّ صَلَاة كَانَ أقربهم مني منزلَة)
وَأخرج أَبُو عبد الله النميري فِي فضل الصَّلَاة عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ إِن لآدَم من الله موقفا فِي فسح الْعَرْش عَلَيْهِ ثَوْبَان أخضران كَأَنَّهُ نَخْلَة سحوق ينظر إِلَى من ينْطَلق بِهِ من وَلَده إِلَى الْجنَّة وَينظر إِلَى من ينْطَلق بِهِ من وَلَده إِلَى النَّار فَبَيْنَمَا آدم على ذَلِك إِذْ نظر إِلَى رجل من أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينْطَلق بِهِ إِلَى النَّار فينادي آدم يَا أَحْمد يَا أَحْمد فَيَقُول لبيْك يَا أَبَا الْبشر فَيَقُول هَذَا رجل من أمتك ينْطَلق بِهِ إِلَى النَّار فأشد المئزر وأهرع فِي إِثْر الْمَلَائِكَة وَأَقُول يَا رسل رَبِّي قفوا فَيَقُولُونَ نَحن الْغِلَاظ الشداد الَّذين لَا نعصى الله مَا أمرنَا ونفعل مَا نؤمر فَإِذا يئس النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبض لحيته بِيَدِهِ الْيُسْرَى واستقبل الْعَرْش بِوَجْهِهِ فَيَقُول رب قد وَعَدتنِي أَن لَا تخزيني فِي أمتِي فَيَأْتِي النداء من عِنْد الْعَرْش أطِيعُوا مُحَمَّدًا وردوا هَذَا العَبْد إِلَى الْمقَام فَأخْرج من حجزتي بطاقة بَيْضَاء كالأنملة فألقيها فِي كفة الْمِيزَان الْيُمْنَى وَأَنا أَقُول بِسم الله فترجح الْحَسَنَات على السَّيِّئَات فينادي سعد وَسعد جده وثقلت مَوَازِينه إنطلقوا بِهِ إِلَى الْجنَّة فَأَقُول يَا رسل رَبِّي قفوا حَتَّى أسأَل هَذَا العَبْد الْكَرِيم على ربه فَيَقُول بِأبي أَنْت وَأمي مَا أحسن وَجهك وَأحسن خلقك من أَنْت فقد أقلتني عثرتي ورحمت عبرتي فَيَقُول أَنا نبيك مُحَمَّد وَهَذِه صَلَاتك الَّتِي كنت تصلي عَليّ وافتك أحْوج مَا تكون إِلَيْهَا
(2/457)
وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود مَرْفُوعا إِذا فرغ أحدكُم من طهوره فليشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله ثمَّ ليصل عَليّ فَإِذا قَالَ فلك فتحت لَهُ أَبْوَاب الرَّحْمَة
وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ عَن ابي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من صلى عَليّ فِي كتاب لم تزل الْمَلَائِكَة تستغفر لَهُ مَا دَامَ إسمي فِي ذَلِك الْكتاب) وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث ابْن عَبَّاس بِلَفْظ لم تزل الصَّلَاة جَارِيَة لَهُ
وَأخرج أَيْضا عَن كَعْب الْأَحْبَار قَالَ أوحى الله عز وَجل إِلَى مُوسَى يَا مُوسَى أَتُحِبُّ أَن لَا ينالك من عَطش يَوْم الْقِيَامَة قَالَ نعم قَالَ فَأكْثر الصَّلَاة على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج ابْن أبي الْحسن الْمَيْمُونِيّ قَالَ رَأَيْت أَبَا عَليّ الْحسن بن عُيَيْنَة فِي الْمَنَام بعد مَوته وَكَانَ على أَصَابِع يَدَيْهِ شَيْئا مَكْتُوبًا بلون الذَّهَب فَسَأَلته عَن ذَلِك فَقَالَ يَا بني هَذَا لكتبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
بَاب يجل منصبه عَن الدُّعَاء لله بِالرَّحْمَةِ
وَمن خَصَائِصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه يجل منصبه عَن الدُّعَاء لَهُ بِالرَّحْمَةِ
قَالَ ابْن عبد الْبر لَا يجوز لأحد إِذا ذكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَقُول رَحمَه الله لِأَنَّهُ قَالَ من صلى عَليّ وَلم يقل من ترحم عَليّ وَلَا من دَعَا لي وَإِن كَانَ معنى الصَّلَاة الرَّحْمَة وَلكنه خص بِهَذَا اللَّفْظ تَعْظِيمًا لَهُ فَلَا يعدل عَنهُ إِلَى غَيره وَيُؤَيِّدهُ قَوْله تَعَالَى {لَا تجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُول بَيْنكُم كدعاء بَعْضكُم بَعْضًا} انْتهى
قَالَ ابْن حجر فِي شرح البُخَارِيّ وَهُوَ بحث حسن
(2/458)
وَقد ذكر نَحْو ذَلِك القَاضِي أَبُو بكر بن الْعَرَبِيّ من الْمَالِكِيَّة والصيدلاني من الشَّافِعِيَّة فَقَالَ أَبُو الْقَاسِم الْأنْصَارِيّ شَارِح الأرشاد يجوز ذَلِك مُضَافا للصَّلَاة وَلَا يجوز مُفردا
وَفِي الذَّخِيرَة من كتب الْحَنَفِيَّة عَن مُحَمَّد يكره ذَلِك لإيهامه النَّقْص لِأَن الرَّحْمَة غَالِبا إِنَّمَا تكون لفعل مَا يلام عَلَيْهِ
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن لَهُ أَن يُصَلِّي بِلَفْظ الصَّلَاة على من شَاءَ بِمَا وَلَيْسَ لأحد غَيره أَن يُصَلِّي إِلَّا على نَبِي أَو ملك
أخرج الشَّيْخَانِ عَن عبد الله بن أبي أوفى قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَتَاهُ قوم بِصَدَقَاتِهِمْ قَالَ أللهم صل عَلَيْهِم فَأَتَاهُ أبي بصدقتة فَقَالَ اللَّهُمَّ صل على آل أبي أوفى
وَأخرج ابْن سعد وَالْقَاضِي إِسْمَاعِيل وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن جَابر بن عبد الله قَالَ جَاءَنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فنادته امْرَأَتي يَا رَسُول الله صل عَليّ وعَلى زَوجي فَقَالَ صلى الله عَلَيْك وعَلى زَوجك
وَأخرج القَاضِي إِسْمَاعِيل وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لَا تصلح الصَّلَاة على أحد إِلَّا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَكِن يدعى للْمُسلمين وَالْمُسلمَات بالإستغفار
قَالَ أَصْحَابنَا تكره الصَّلَاة على غير الْأَنْبِيَاء إبتداء وَقيل تحرم
قَالَ الْجُوَيْنِيّ وَالسَّلَام فِي معنى الصَّلَاة فَإِن الله قرن بَينهمَا فَلَا يفرد بِهِ غَائِب غير الْأَنْبِيَاء وَلَا بَأْس بِهِ على سَبِيل المخاطبة للأحياء والأموات من الْمُؤمنِينَ
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَنَّهُ يخص من شَاءَ بمل شَاءَ من الْأَحْكَام
أخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ من طَرِيق عمَارَة بن خُزَيْمَة الْأنْصَارِيّ عَن عَمه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إبتاع فرسا من رجل من الْأَعْرَاب فاستتبعه ليقضيه ثمن فرسه فأسرع
(2/459)
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَشْي وَأَبْطَأ الْأَعرَابِي فَطَفِقَ رجال يعترضون الْأَعرَابِي يساومونه بالفرس وَلَا يَشْعُرُونَ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد ابتاعه حَتَّى زَاد بَعضهم الْأَعرَابِي فِي السّوم على ثمن الْفرس الَّذِي ابتاعه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا زَاده نَادَى الْأَعرَابِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِن كنت مبتاعا هَذَا الْفرس فابتعه أَو لأبيعنه فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين سمع نِدَاء الْأَعرَابِي حَتَّى أَتَاهُ الْأَعرَابِي فَقَالَ لَهُ أولست قد ابتعته مِنْك قَالَ الْأَعرَابِي لَا وَالله مَا بِعْتُك قَالَ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بلَى قد ابتعته مِنْك فَطَفِقَ النَّاس يلوذون برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وبالأعرابي وهما يتراجعان وطفق الْأَعرَابِي يَقُول هَلُمَّ شَهِيدا يشْهد إِنِّي بَايَعْتُك فَمن جَاءَ من الْمُسلمين قَالَ للأعرابي وَيلك أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يكن يَقُول إِلَّا حَقًا حَتَّى جَاءَ خُزَيْمَة فاستمع مَا يُرَاجع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيُرَاجع الْأَعرَابِي وطفق الْأَعرَابِي يَقُول هَلُمَّ شَهِيدا يشْهد إِنِّي بَايَعْتُك قَالَ خُزَيْمَة أَنا أشهد أَنَّك قد بايعته فَأقبل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على خُزَيْمَة قَالَ بِمَ تشهد قَالَ بتصديقك يَا رَسُول الله فَجعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَهَادَة خُزَيْمَة بِشَهَادَة رجلَيْنِ
وَأخرج ابْن أبي أُسَامَة فِي مُسْنده عَن النُّعْمَان بن بشيرأن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اشْترى من أَعْرَابِي فرسا فجحده الْأَعرَابِي فجَاء خُزَيْمَة بن ثَابت فَقَالَ يَا أَعْرَابِي أَنا أشهد عَلَيْك أَنَّك بِعته فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا خُزَيْمَة إِنَّا لم نشهدك كَيفَ تشهد قَالَ أَنا أصدقك على خبر السَّمَاء أَلا أصدقك على ذَا الْأَعرَابِي فَجعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَهَادَته بِشَهَادَة رجلَيْنِ فَلم يكن فِي الْإِسْلَام رجل تجوز شَهَادَته بِشَهَادَة رجلَيْنِ غير خُزَيْمَة بن ثَابت
وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن خُزَيْمَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من شهد لَهُ خُزَيْمَة أَو شهد عَلَيْهِ فحسبه
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّحْر فَقَالَ (من صلى صَلَاتنَا ونسك نسكنا فقد أصَاب النّسك وَمن نسك قبل الصَّلَاة فَتلك شَاة لحم فَقَامَ أَبُو بردة بن نيار فَقَالَ يَا رَسُول الله لقد نسكت قبل أَن أخرج إِلَى
(2/460)
الصَّلَاة وَعرفت أَن الْيَوْم يَوْم أكل وَشرب فتعجلت وأكلت وأطعمت أَهلِي وجيراني فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تِلْكَ شَاة لحم قَالَ فَإِن عِنْدِي عنَاق جَذَعَة هِيَ خير من شاتي لحم فَهَل تجزىء عني قَالَ نعم وَلنْ تجزىء عَن أحد بعْدك
وَأخرج مُسلم عَن أم عَطِيَّة قَالَت لما نزلت هَذِه الْآيَة {يبايعنك على أَن لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّه شَيْئا} إِلَى {وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوف} قَالَت كَانَ من النِّيَاحَة فَقلت يَا رَسُول الله إِلَّا آل فلَان فَإِنَّهُم كَانُوا أسعدوني فِي الْجَاهِلِيَّة فَلَا بُد لي من أَن أسعدهم فَقَالَ إِلَّا آل فلَان
قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا مَحْمُول على الترخيص لأم عَطِيَّة فِي آل فلَان خَاصَّة وللشارع أَن يخص من الْعُمُوم مَا شَاءَ
وَأخرج ابْن سعد وَالْحَاكِم عَن عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن عَن سهلة امْرَأَة أبي حُذَيْفَة أَنَّهَا ذكرت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سالما مولى أبي حُذَيْفَة ودخوله عَلَيْهَا فَأمرهَا أَن ترْضِعه فأرضعته وَهُوَ رجل كَبِير بَعْدَمَا شهد بَدْرًا
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أم سَلمَة قَالَت أَبى سَائِر الْأزْوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يدْخل عَلَيْهِنَّ أحد بِهَذَا الرَّضَاع وقلن إِنَّمَا هَذَا رخصَة من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لسالم خَاصَّة وَفِي لفظ لسهلة بن سُهَيْل خَاصَّة
وَأخرج الْحَاكِم عَن ربيعَة قَالَ كَانَت رخصَة لسالم
وَأخرج ابْن سعد عَن أَسمَاء بنت عُمَيْس قَالَت لما أُصِيب جَعْفَر بن أبي طَالب قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تسلبي ثَلَاثًا ثمَّ اصنعي مَا شِئْت
وَأخرج ابْن سعد عَن عَليّ أَن الْعَبَّاس سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي تَعْجِيل صدقته قبل أَن تحل فَرخص لَهُ فِي ذَلِك
(2/461)
وَأخرج ابْن سعد عَن الحكم بن عُيَيْنَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تعجل من الْعَبَّاس صَدَقَة سنتَيْن
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن أبي النُّعْمَان الْأَسدي قَالَ زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إمرأة على سُورَة من الْقُرْآن وَقَالَ لَا يكون لأحد من بعْدك مهر // مُرْسل // وَفِيه من لَا يعرف
وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن مَكْحُول قَالَ لَيْسَ هَذَا لأحد بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن عوَانَة عَن اللَّيْث بن سعد نَحوه
وَأخرج ابْن سعد عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه قَالَ كَانَت أم أَيمن إِذا دخلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت سَلام لَا عَلَيْكُم فَرخص لَهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تَقول السَّلَام وَمن وَجه آخر أَنَّهَا كَانَت عسراء اللِّسَان
وَأخرج ابْن سعد عَن مُنْذر الثَّوْريّ قَالَ وَقع بَين عَليّ وَطَلْحَة كَلَام فَقَالَ لَهُ طَلْحَة لَا كجرأتك على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سميت باسمه وكنيت بكنيته وَقد نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يجمعهما أحد من أمته بعده فَدَعَا عَليّ بِنَفر من قُرَيْش فَقَالُوا نشْهد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَنه سيولد لَك بعدِي غُلَام فقد نحلته اسْمِي وكنيتي وَلَا تحل لأحد من أمتِي بعده
وَأخرج ابْن سعد من طَرِيق مُنْذر الثَّوْريّ قَالَ سَمِعت مُحَمَّد بن الحنيفة قَالَ كَانَت رخصَة لعَلي قَالَ يَا رَسُول الله إِن ولد لي ولد بعْدك اسميه بِاسْمِك وأكنيه بكنيتك قَالَ نعم
(2/462)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَنَّهُ كَانَ يؤاخي بَين من شَاءَ وَيثبت بَينهم التَّوَارُث وَلَيْسَ ذَلِك لغيره
أخرج ابْن جرير عَن عَليّ بن زيد فِي قَوْله تعاى {وَالَّذين عقدت أَيْمَانكُم} قَالَ الَّذين عقد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأتوهم نصِيبهم إِذا لم يَأْتِ رحم يحول بَينهم قَالَ وَهُوَ لَا يكون الْيَوْم إِنَّمَا كَانَ نفر آخى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينهم وَانْقطع ذَلِك وَلَا يكون هَذَا لأحد إِلَّا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ آخى بَين الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار وَالْيَوْم لَا يؤاخي بَين أحد
بَاب
قَالَ أَصْحَابنَا من صلى فِي الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة فمحراب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَقه كالكعبة لَا يجوز الْعُدُول عَنهُ بالإجتهاد بِحَال وَكَذَا سَائِر الْبِقَاع الَّتِي صلى فِيهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يجوز الإجتهاد فِي ذَلِك التَّيَامُن والتياسر بِخِلَاف سَائِر الْبِلَاد فَإِنَّهُ يجوز فِيهَا الِاجْتِهَاد فِي التَّيَامُن والتياسر وعَلى أصح الْأَوْجه
بَاب مَا شرف بِهِ أَوْلَاده وأزواجه وَآل بَيته وَأَصْحَابه وقبيلته من أَجله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ الله تَعَالَى {إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا} وَقَالَ تَعَالَى {وَمن يقنت مِنْكُن لله وَرَسُوله وتعمل صَالحا نؤتها أجرهَا مرَّتَيْنِ}
(2/463)
وَأخرج الْحَاكِم عَن ام سَلمَة قَالَت فِي بَيْتِي نزلت {إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت} فَأرْسل إِلَى عَليّ فَاطِمَة وابنيهما فَقَالَ هَؤُلَاءِ أهل بَيْتِي
وَأخرج الْحَاكِم عَن حُذَيْفَة مَرْفُوعا قَالَ نزل ملك من السَّمَاء فَاسْتَأْذن الله تَعَالَى أَن يسلم عَليّ فبشرني أَن فَاطِمَة سيدة نسَاء أهل الْجنَّة
وَأخرج الْحَاكِم عَن عَليّ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة نَادَى مُنَاد من وَرَاء الْحجب يَا أهل الْجمع غضوا أبصاركم حَتَّى تمر فَاطِمَة فتمر وَعَلَيْهَا ربطتان خضروان
وَأخرج الْحَاكِم عَن عَليّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لفاطمة إِن الله يغْضب لغضبك ويرضى لرضاك)
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (فَاطِمَة سيدة نسَاء أهل الْجنَّة إِلَّا مَرْيَم بنت عمرَان)
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي مَرضه لفاطمة (أَلا ترْضينَ أَن تَكُونِي سيدة نسَاء الْعَالمين وسيدة نسَاء الْمُؤمنِينَ وسيدة نسَاء هَذِه الْأمة)
وَأخرج ابْن سعد عَن الْبَراء قَالَ صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على ابْنه إِبْرَاهِيم وَقَالَ (إِن لَهُ ظِئْرًا يتم رضاعه فِي الْجنَّة وَهُوَ صديق)
وَأخرج ابْن سعد عَن الْبَراء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِن لَهُ مُرْضعًا فِي الْجنَّة يستتم بَقِيَّة رضاعه وَقَالَ أَنه صديق شَهِيد)
وَأخرج ابْن ماجة عَن ابْن عياس قَالَ لما مَاتَ إِبْرَاهِيم ابْن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى عَلَيْهِ وَقَالَ إِن لَهُ مُرْضعًا فِي الْجنَّة وَلَو عَاشَ لَكَانَ صديقا نَبيا ولأعتقت أَخْوَاله القبط وَمَا اسْترق قبْطِي
(2/464)
وَأخرج ابْن سعد عَن أنس قَالَ لَو عَاشَ إِبْرَاهِيم لَكَانَ صديقا نَبيا
وَأخرج الْحَاكِم عَن ابي سعيد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الْحسن وَالْحُسَيْن سيدا شباب أهل الْجنَّة إِلَّا ابْني خَاله) وَأخرج الْحَاكِم مثله عَن ابْن مَسْعُود
وَأخرج الْحَاكِم عَن حُذَيْفَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (أَتَانِي جِبْرِيل فَقَالَ إِن الْحسن وَالْحُسَيْن سيدا شباب أهل الْجنَّة)
وَأخرج الْحَارِث بن أبي أُسَامَة عَن مُحَمَّد بن عَليّ قَالَ أصطرع الْحسن وَالْحُسَيْن عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول هِيَ حسن فَقَالَت لَهُ فَاطِمَة يَا رَسُول الله تعين الْحسن كَأَنَّهُ أحب إِلَيْك من الْحُسَيْن قَالَ إِن جِبْرِيل يعين الْحُسَيْن وَإِنِّي أحب أَن أعين الْحسن) مُرْسل
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عمر قَالَ كَانَ على الْحسن وَالْحُسَيْن تعويذان فيهمَا زغب من زغب جنَاح جِبْرِيل)
وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أفضل نسَاء أهل الْجنَّة خَدِيجَة بنت خويلد وَفَاطِمَة بنت مُحَمَّد وَمَرْيَم بنت عمرَان وآسية بنت مُزَاحم)
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (حَسبك من نسَاء الْعَالمين أَربع مَرْيَم وآسية إمرأة فِرْعَوْن وَخَدِيجَة وَفَاطِمَة)
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (يَا بني عبد الْمطلب إِنِّي سَأَلت الله أَن يثبت قائلكم وَيهْدِي ضالكم وَأَن يعلم جاهلكم وَأَن يجعلكم جوداء نجداء رحماء فَلَو أَن رجلا صفن بَين الرُّكْن وَالْمقَام فصلى وَصَامَ ثمَّ لَقِي الله مبغضا لأهل بَيت مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل النَّار
(2/465)
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي سعيد قَالَ قَالَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا يبغضنا أهل الْبَيْت أحد إِلَّا أدخلهُ الله النَّار)
وَأخرج أَبُو يعلى وَالْبَزَّار وَالْحَاكِم عَن أبي ذَر سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (إِلَّا إِن مثل أهل بَيْتِي فِيكُم مثل سفينة نوح من ركبهَا نجا وَمن تخلف عَنْهَا غرق)
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن زيد بن أَرقم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِنِّي تَارِك فِيكُم الثقلَيْن كتاب الله وَأهل بَيْتِي)
وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (النُّجُوم أَمَان لأهل الأَرْض من الْغَرق وَأهل بَيْتِي أَمَان لأمتي من الأختلاف فَإِذا خالفها قَبيلَة اخْتلفُوا فصاروا حزب إِبْلِيس) وَأخرجه أَبُو يعلى وَابْن أبي شيبَة من حَدِيث سَلمَة بن الْأَكْوَع
وَأخرج الْحَاكِم عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (وَعَدَني رَبِّي فِي أهل بَيت من أقرّ مِنْهُم بِالتَّوْحِيدِ ولي بالبلاغ أَن لَا يعذبهم)
وَأخرج الْحَاكِم عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (سيد الشُّهَدَاء حَمْزَة)
وَأخرج الْحَاكِم عَن عُرْوَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (سيد فتيَان الْجنَّة أَبُو سُفْيَان ابْن الْحَارِث هُوَ ابْن عبد الْمطلب ابْن عَم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يقوم الرجل لِأَخِيهِ من مَجْلِسه إِلَّا بني هَاشم لَا يقومُونَ لأحد)
وأخرح ابْن عَسَاكِر عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا يقومن من مَجْلِسه إِلَّا لِلْحسنِ أَو للحسين أَو ذريتهما)
وَأخرج ابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا تسبوا أَصْحَابِي فو الَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو أَن احدكم أنْفق مثل أحد ذَهَبا مَا أدْرك فضل أحدهم وَلَا نصيفه)
(2/466)
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَو أَن لرجل مثل أحد ذَهَبا فأنفقه فِي سَبِيل الله وَفِي الأرامل وَالْمَسَاكِين والأيتام ليدرك فضل رجل من أَصْحَابِي سَاعَة من النَّهَار مَا أدْركهُ أبدا)
وَأخرج ابْن أبي عمر فِي مُسْنده عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (مثل أَصْحَابِي فِي أمتِي مثل النُّجُوم يَهْتَدِي بهَا إِذا غَابَتْ تحيروا)
وَأخرج عبد بن حميد فِي مُسْنده عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (مثل أَصْحَابِي مثل النُّجُوم يَهْتَدِي بهَا فَأَيهمْ أَخَذْتُم بقوله أهتديتم)
وَأخرج أَبُو يعلى وَالْبَزَّار عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مثل أَصْحَابِي مثل الْملح فِي الطَّعَام لَا يصلح الطَّعَام إِلَّا بِهِ)
وَأخرج ابْن منيع وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن حُذَيْفَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (يكون لِأَصْحَابِي بعدِي زلَّة يغفرها الله بهم بسابقتهم معي يعْمل بهَا قوم من بعدِي يكبهم الله فِي النَّار على مناخرهم)
وَأخرج ابْن منيع عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (دعوا أصهاري وأصحابي فَإِنَّهُ من حفظني فيهم كَانَ مَعَه من الله حَافظ وَمن لم يحفظني فيهم تخلى الله مِنْهُ وَمن تخلى الله مِنْهُ يُوشك أَن يَأْخُذهُ)
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَا من نَبِي إِلَّا لَهُ نَظِير فِي أمتِي فَأَبُو بكر نَظِير إِبْرَاهِيم وَعمر نَظِير مُوسَى وَعُثْمَان نَظِير هَارُون وَعلي نظيري وَمن سره أَن ينظر إِلَى عِيسَى ابْن مَرْيَم فَلْينْظر إِلَى أبي ذَر)
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن بُرَيْدَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من مَاتَ من أَصْحَابِي ببلدة فَهُوَ قائدهم وإمامهم ونورهم يَوْم الْقِيَامَة)
وَأخرج أَيْضا عَن عَليّ مَرْفُوعا لَا يَمُوت أحد من أَصْحَابِي بِبَلَد إِلَّا كَانَ لَهُم نورا وَبَعثه الله يَوْم الْقِيَامَة سيد أهل ذَلِك الْبَلَد)
(2/467)
وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه عَن عَليّ أَنه كَانَ يكبر على أهل بدر سِتا وعَلى أَصْحَاب مُحَمَّد خمْسا وعَلى سَائِر النَّاس أَرْبعا
أخرج الْحسن بن سُفْيَان من طَرِيق أبي الزَّاهِرِيَّة عَن الجليس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (أَعْطَيْت قُرَيْش مَا لم يُعْط النَّاس)
بَاب
وَمن خَصَائِصه أَن أَصْحَابه كلهم عدُول بِإِجْمَاع من يعْتد بِهِ فَلَا يبْحَث عَن عَدَالَة أحد مِنْهُم كَمَا يبْحَث عَن عَدَالَة الروَاة وَاسْتدلَّ لذَلِك بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (خير النَّاس قَرْني)
وَمن خَصَائِصه أَن الصُّحْبَة تثبت لمن اجْتمع بِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَحْظَة بِخِلَاف التَّابِعِيّ مَعَ الصَّحَابِيّ فَلَا يثبت لَهُ اسْم التَّابِعِيّ إِلَّا بطول الإجتماع مَعَ الصَّحَابَة على الْأَصَح عِنْد أهل الْأُصُول وَالْفرق عَظِيم منصب النُّبُوَّة ونورها فبمجرد مَا يَقع بَصَره على الإعرابي الجلف ينْطق بالحكمة
وَمن خَصَائِصه أَن حَملَة حَدِيثه لَا تزَال وُجُوههم نَضرة
قَالَ بَعضهم لَيْسَ أحد من أهل الحَدِيث إِلَّا وَفِي وَجهه نَضرة لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (نضر الله أمرأ سمع مَقَالَتي فوعاها فأداها إِلَى من لم يسْمعهَا) وَأَنَّهُمْ إختصوا بالتلقيب بالحفاظ وامراء الْمُؤمنِينَ
قَالَ الْخَطِيب الْحَافِظ لقب إختص بِهِ أهل الحَدِيث من بَين سَائِر الْعلمَاء
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (اللَّهُمَّ إرحم خلفائي قيل يَا رَسُول الله من خلفاؤك قَالَ الَّذين يأْتونَ من بعدِي يروون أحاديثي وسنتي ويعلمونها النَّاس)(2/468)
الصفحة التالية 10 العاشرة من كتاب الخصائص الكبري للسيوطي تأتي ان شاء الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق